
وضَع صندوق التنمية العقاري المقترضين الذين صدرت لهم موافقات بنظام التمويل المدعوم عبر شركات التمويل والبنوك المحلية في موقف لا يُحسدون عليه، بعد تحويلها القروض العقارية على البنوك والشركات التي وضعت لصرفه شروطاً معقدة لا تقلّ صعوبة عن سنوات الانتظار الطويلة التي امتد بعضها عشرات السنين لصرفه؛ لتُفاجئهم وزارة الإسكان بالنظام الجديد الذي قتل فرحتهم المنتظرة في مهدها.
تلك الفرحة التي كانوا ينتظرونها مع صدور الموافقات لهم من صندوق التنمية العقارية؛ سرعان ما تبددت بعد أن تُرِكوا وحيدين يواجهون مصيرهم مع شروط تلك البنوك والشركات التمويلية التي تملّكت اليوم قروضهم بدلاً من البنك العقاري؛ حيث تُرغمهم على خيار واحد فقط لا غير؛ وهو شراء سكن جاهز، بالإضافة لحصولها على نسبة فائدة ممن تزيد رواتبهم على 14 ألفاً؛ ناهيك عن ما اعتبره المقترضون عملية احتجاز أحد البنوك للقرض العقاري؛ بسبب عدم تفعيل عملية صرف التمويل العقاري المدعوم على نظامها الآلي حتى هذا اليوم لأسباب غير معلومة؛ برغم اتفاقها المسبق على صرفه مع صندوق التنمية العقاري؛ وذلك ضِمن عدة بنوك وشركات تم الإعلان عنها مؤخراً من قبل الصندوق.
اتهامات لـ"الإسكان"
واتهم مواطنون صدرت لهم موافقات خلال الأشهر الأخيرة، وزارةَ الإسكان بتخليها عنهم، بعد إقرارها النظام الجديد؛ برفع يدها عن آلية وشروط صرف قروضهم العقارية الصادرة منها، ومنح ذلك للبنوك وشركات التمويل؛ مما فتح المجال لهذه المؤسسات الخاصة بفرض شروط تعجيزية ومعقدة لصرفها؛ ناهيك عن إجراءات الصرف التي لا يزال البعض منها يمتنع عن تسليمه لمستحقه المقترض للسبب آنف الذكر، وفرضها ضوابط تُحددها دون النظر لظروف المواطن المادية والسكنية؛ مما أدى لرفض البعض منهم استلام القرض العقاري بهذه الطريقة، وانتظار البعض الآخر على أمل التراجع عن هذا النظام الجديد أو تعديل شروطه وتيسيرها عليهم بتدخل من وزير الإسكان أو صندوق التنمية العقاري لدى هذه البنوك.
مفاجآت جولة لـ"سبق"
وفي جولة قامت بها "سبق" ببعض فروع البنوك المحلية بالقريات والتي تم الاتفاق معها على صرف التمويل المدعوم لمن صدرت لهم موافقات في الدفعات الثلاث الأخيرة التي شَمِلها النظام الجديد، والتي اعتُبِرت أكبر دفعة صادرة منذ إنشاء الصندوق العقاري حتى الآن؛ اعتذر أحد البنوك المحلية عن صرف القرض لمواطن يحمل موافقة من الصندوق العقاري، والتي برّرها موظف البنك بعدم تفعيل خدمة الصرف بنظام البنك الآلي حتى الآن؛ مما اعتبرها بعض المواطنين عملية احتجاز لقروضهم التي أصبح البنك يمتلكها ويمنع صرفها لهم برغم امتلاكهم موافقة من البنك العقاري الذي يرفض التدخل عند مراجعتهم له، ويعيدهم للبنك بحجة خصوصية كل بنك في آلية الصرف لديه؛ فهو المعنيّ الآن، وأصبحت خارج صلاحيات صندوق التنمية العقاري؛ مما جعل المواطن يتصادم مع هذه البنوك بلا حول له ولا قوة.
شراء منزل جاهز
وفي زيارة لبنك آخر؛ أفاد موظف البنك بأن آلية صرف هذه القروض للمواطنين، متاحة من خلال طريقة واحده فقط وهي شراء منزل جاهز غير مملوك للمقترض مع اشتراط تحويل الراتب على البنك وعدم إمكانية تمويله لبناء منزل كما كان معمولاً به في السابق، وقد ذكر -أي الموظف- أن ذلك يأتي وفقاً للأنظمة الصادرة لهم والتي تم اعتمادها للقروض العقارية؛ وهو أمر جعل المواطن في حيرة من أمره، وفي موقف لا يُحسد عليه، بعد أن قام بتحميل نفسه قروضاً شخصية وديوناً من البنوك وغيرها بالسنوات الماضية؛ لبناء منزل يؤويه وعائلته؛ لحين تَسَلّمه هذا القرض بعد انتظار عدة سنين؛ ليُحرم من تحويل القرض على منزله ومن بناء منزل يناسبه.
خياران كلاهما مُرّ
وقد وجد المواطن نفسه أمام خيارين كلاهما مُر؛ إما رفض القرض الذي كان يحلم به سنين وينتظره؛ وبالتالي التنازل عنه، وإما شراء منزل جديد لا حاجة له به في ظل امتلاكه حالياً منزلاً قام بإنشائه بناء على نظام الصندوق العقاري المتعارف عليه بالمملكة، والذي كان يمنحه للمواطنين قبل النظام الجديد والمفاجئ؛ وبالتالي تسديد ديونه والتكاليف التي تَكَبّدها لبنائه، وفي حال عدم امتلاكه بيتاً؛ فإنه هنا لا يستطيع بناء منزل العمر الذي كان يحلم به ويخطط له بعد استلامه القرض العقاري بسبب شرط المنزل الجاهز.
الإقرار لن يغير شيئاً
وكان الأمين العام للجنة الإعلام والتوعية المصرفية بالبنوك السعودية، طلعت حافظ، قد أكد لـ"سبق" في وقت سابق أن إقرار صندوق التنمية العقاري برنامج "تمويل بلا فوائد" لمن دخلهم 14 ألف ريال فما دون؛ لن يغير شيئاً من الإجراءات والاتفاقيات السابقة المبرمة بين البنوك والصندوق فيما يتعلق بتحديد آلية التعامل مع البنك والعمولات؛ موضحاً أن العميل لا يزال هو الذي يتعامل مع البنك، ويحصل على التمويل، ويدفع الفوائد.
يُذكر أن عدداً كبيراً من المواطنين الذين صدرت لهم موافقات بالدفعات الثلاث الأخيرة لم يقوموا باستلام قروضهم الصادرة، ولم تجد البنوك إقبالاً يُذكر منهم؛ لما يرونه بأنها ليست مُجدية لهم الآن لبناء منزل أو تحويله لبيوتهم الحالية؛ بسبب إجبار البنوك لهم بشراء منازل جاهزة قد لا تتوفر دائماً لهم، ولا تُناسبهم، أو ليسو بحاجتها لامتلاكهم منازل حالية؛ مفضلين بذلك عدم تسلمه بهذه الطريقة؛ وبالتالي تحملهم أقساطاً جديدة وفوائد بنكية؛ بسبب هذا القرض الذي بات الخلاص منه أجدى من صرفه وهو بهذه الطريقة.