مع تطوّر الوسائل التقنية تزايدت في الفترة الأخيرة عمليات النصب والاحتيال عبر منصّاتٍ إلكترونية تنتحل صفة هيئات مالية وحكومية، وتعمل على بث رسائل وإعلانات وهمية للاستثمار والتداول، والفوز بالجوائز، أو وجود مشكلة بالحساب المصرفي يستلزم حلها، أو تغري الناس بتحقيق الأرباح من خلال تداول العملات، واستغلال الحاجات النفسية لدى الأفراد، مثل رغبتهم في الثراء السريع أو الفوز بجوائز مالية أو عينية؛ وتدار هذه العمليات في أغلبها من خارج المملكة، ويتعاون معها متهمون مواطنون أو مقيمون من الداخل بتأمين شرائح اتصال بأسماء وهمية، وتمكينهم من استخدام حساباتهم البنكية لإيداع وتحويل المبالغ المالية التي استولوا عليها من ضحاياهم.
البنك المركزي
ولعل إعلان البنك المركزي السعودي، اليوم الثلاثاء، عن تحديثه التعليمات الخاصة بالإجراءات الاحترازية المؤقتة لحماية عملاء البنوك من الاحتيال المالي، ويتضمّن ذلك إعادة رفع حد الحوالات اليومي لعملاء البنوك إلى المستويات التي كانت عليها سابقاً، وإمكانية تقديم خدمة فتح الحسابات البنكية عن بُعد، يعد تفادياً للعمليات الاحتيالية المالية المتزايدة.
كيف تتم؟
والسؤال هو: كيف تتم العمليات الاحتيالية المالية للإيقاع بعملاء البنوك والمصارف؟ وكيف يحصل هؤلاء المحتالون على البيانات الخاصة بضحاياهم؟
الاحتيال من الخارج
بحسب البيانات الإعلامية الأمنية السعودية عن كثير من العصابات التي أُلقي القبض عليها تبيّن أن عمليات الاحتيالات تكون عبر أرقامٍ أو اتصالاتٍ من خارج المملكة تستهدف العميل أولاً برسائل مزوّرة تتقمص هوية البنك، للحصول على معلومات الحساب المصرفي أو من خلال سرقة البيانات من جهاز الجوّال عبر روابط مشبوهة يتم إرسالها له، وبمجرد فتحها يتم الاختراق وسرقة المعلومات الخاصة به، والاستيلاء على الأموال والمدخرات من الحساب البنكي.
عصابة خطيرة
ولعل ما أسفرت عنه الجهود الأمنية المكثّفة للتصدّي لهذه العمليات الاحتيالية المالية، القبض عن واحدة من أكبر العصابات الخطيرة المتخصّصة في الاحتيال المالي، مكوّنة من (24) مقيماً من الجنسية الباكستانية، امتهنوا ارتكاب جرائم احتيالية بذات النمط والسلوك الإجرامي، استولوا من خلالها على مبالغ مالية تجاوزت (35) مليون ريال، من خلال استهداف المواطنين والمقيمين بإرسال رسائل نصية تتضمن ادعاءات وهمية؛ كالفوز بجوائز مالية أو طلب تحديث البيانات البنكية، كما ضُبط بحوزتهم (73) هاتفاً متنقلاً لتنفيذ جرائمهم، ومبالغ نقدية تقدر بـ (67,506) ريالات.
تداول العملات والأسهم
كذلك تتمثل العمليات الاحتيالية لتلك العصابات نشر روابط إلكترونية وهمية لتداول العملات والأسهم وتدعيمها بإنتاج وبث مواد إعلانية ودعائية، ووضع هوية قنوات إعلامية وشخصيات معروفة في الإعلانات لتأكيد مشروعية أنشطتهم والتغرير بضحاياهم.
شكاوى الاحتيال
وللتصدّي لهذه العمليات الاحتيالية خصص البنك المركزي السعودي خدمة شكاوى الاحتيال، وهي خدمة إلكترونية تمكّن المستفيد من تقديم الشكاوى المتعلقة بالاحتيال، ويتولى البنك -صاحب الحساب- ببحث ودراسة وتحليل الشكوى المتعلقة بالاحتيال فنياً وقانونياً.
هيئة الاتصالات
كذلك خصّصت هيئة الاتصالات في المملكة خدمة مجانية للإبلاغ عن رسائل الاحتيال النصية SMS التي تطلب تحديث البيانات البنكية أو تعدك بالفوز بمكافآت وجوائز مالية، وذلك بإعادة إرسالها متضمنة رقم جوّال المرسل إلى الرقم الموحد (330330).
وحدات متخصصة
وكانت النيابة العامة قد أنشأت وحدات مختصة للتحقيق في جرائم الاحتيال المالي في فروعها؛ تتكون من فرق تلقت برامج تدريبية علمية وعملية في مجال التحقيق، مثل هذه الأنماط الإجرامية وأساليبها، وسبل تتبع الجناة والأموال التي تسرق.
خسائر عالمية
وتشير التقديرات إلى أن جرائم الاحتيال المالي تكبّد دول العالم خسائر تقدر بما بين 2.5 و5% من حجم التجارة العالمية، كما تشكل خطراً كبيراً على اقتصاديات الأفراد والمجتمع، خصوصاً المنظم منها والمدار بشبكات إجرامية عابرة للحدود.