تسعى الفرق الشعبية إلى إعادة إحياء التراث المندثر، وفي المملكة العربية السعودية تحمل الكثير من مدن المملكة تراثاً وعادات تختلف عن غيرها من البلاد حسب طبيعة بيئتها وجغرافيتها، ومن بين تلك المدن محافظة ينبع التي تحظى بالكثير من العادات والتقاليد، التي باتت من التراث المميز للمحافظة.
وحرصت اللجنة المنظمة لمهرجان "تاريخية ينبع" على استدعاء ذلك التراث من خلال مشاركة الفنون الشعبية بمختلف التراثيات التي تعبر عن حياة الأجداد.
وأكد مدير فرع هيئة السياحة والتراث الوطني بمحافظة ينبع، "سامر العنيني"، اهتمام اللجنة المنظمة بمشاركة فرقة الفنون الشعبية، وذلك لأهمية التراث في السياحة باعتباره يجسد الحضارة الإنسانية التي تتمثل في حياة الآباء والأجداد بمختلف المناطق.
وذكر أن "الفرق الشعبية تعتبر إحدى أدوات إحياء التراث وتعريف الأجيال الجديدة بتراث آبائهم وأجدادهم، خاصة ونحن نعيش في عصر التقنية الذي ساهم في اندثار الكثير من تلك العادات نتيجة لإيقاع العصر المتسارع والتطور الكبير في حياة الناس واحتياجاتهم".
وقال مسؤول فعالية فرقة الفنون الشعبية بمهرجان "تاريخية ينبع"، "عابد الرحيلي": "حرصنا على إشراك عددٍ من الفرق الشعبية بينبع البحر وينبع النخل؛ لعرض عدد من أشهر الألعاب الشعبية والتراثية التي تجسد حياة الآباء والأجداد بالمحافظة".
البدواني
وأوضح أن من بين أهم الألعاب: "البدواني"، الذي يعتبر من أروع وأجمل الفنون الشعبية في منطقة الحجاز، ويلعب من المدينة المنورة شمالاً إلى جدة ومكة المكرمة جنوباً، وهو يتشابه مع أغلب الألعاب التي تعتمد على إيقاعات الزير، وتكون طريقة اللعب بصفين متقابلين وفي كل صف ربابان ونقالة.
وأضاف "الرحيلي": "يقوم ربان الصف برفع البدوة أو الزهيم أو النقله، ويأخذها منه الصف المقابل ثم يدق الزير، ويستمر الصف القائد بترديد البدوه عدة مرات، ثم يبدأ ربان الصف بالكسرات ويكون دور النقالة أو البحرية ترديد الكسرة. ومن أنواعه: "الحرابي، والمزهوم، والدلوكة، وزيد".
البيشانة
وقال "الرحيلي": "هناك نوع آخر من تلك الألعاب يسمى "البيشانة"، وكانت تتمثل في دق الطبول لاستدعاء رجال القبيلة استعدادا للتجهيز لرد غزو أو العكس، وتلعب الآن في مناسبات الزواج عند دخول العريس، وتلعب أيضاً في المناسبات إيذاناً بوصول الفرقة.
الرديح
وأوضح أن "الرديح هو أيضاً لعبة مشهورة في الينبعين: ينبع النخل، وينبع البحر، ومن ثم انتقلت إلى مدينة جدة بعد انتقال عدد كبير من أهل ينبع النخل وينبع البحر لطلب المعيشة، وتعدد مصادر الدخل، وانتقلت مؤخراً إلى مدينة أملج".
وذكر أن "الرديح" يعتبر أطول لعبة شعبية في المملكة من ناحية الوقت؛ فهي تبدأ من الساعة الحادية عشرة مساءً، وتستمر في بعض الأحيان إلى صلاة الظهر، ويتكون الرديح من صفين متقابلين، في كل صف شاعر أو أكثر من شاعر يجيدون نظم شعر الكسرة، ويتابعون المعنى بإتقان، ويتكون الصف من مجموعة من البحرية، وهذا المسمى معروف عند أهل الرديح، ويوجد من البحرية من يدق الزير والدفوف "الطيران"، ومنهم من يغني الكسرة، ويسمى "المغني"، ومن ألحان الرديح وهي بالترتيب المعروف بين أهل الرديح يبدأ بلحن ليحان، ومن بعده سلام، ومن ثم زمانين، وهو أشهرها وأفضلها لدى عشاق الرديح، ومن ثم مالك الروح، ويعتبر آخر لحن في وقتنا الحاضر، وهناك ألحان اندثرت؛ منها: العناب، وأبو لويح".
العجل
ومضي "الرحيلي" في سرد أنواع الألعاب التراثية قائلاً: "هناك نوع آخر إضافة إلى الأنواع السابقة، وهو العجل، وسمي بهذا الاسم من قديم الأزمان، ويرجع عمرها إلى أكثر من مئات السنين، وكانت تؤدى عند استقبال وتوديع البحَّارة، ويسمى ذلك بالنبوة "نبوة البحَّارة"، وسوف يكون هناك تجسيد للنبوة خلال المهرجان بشكل يومي ليعيش الأبناء ماضي الآباء، وهي لعبة شعبية قديمة اشتهرت بها ينبع البحر".
وأشار إلى أن "من أساسيات العجل: الدفوف والنقرزان والمرواس والصاجات، ويقوم العجل بمجموعة من الرجال يميناً ويساراً على شكل صف إذا كان العدد قليلاً، وإذا كان العدد كثيراً يكون على شكل دائرة، ويكون الغناء جماعياً لكل مجموعة، ويتفرع العجل من أربع: الدور، التجليسة، الدويرة، التشعيرة، وغالباً تكون في المناسبات هذه اللعبة".