اقترن اسم الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز - رحمه الله- على مدى ثلاثة عقود بالمهرجان الوطني للتراث والثقافة بالجنادرية ،فهو صاحب فكرة الجنادرية، ومؤسسها وراعيها منذ عام 1405 هـ حتى "جنادرية 29" في العام 1435هـ.
ويخيم الحزن مجددآ على أروقة المهرجان هذا العام، وهي تفقد بانيها، وداعمها، ومؤسسها الذي نقلها من سباق للهجن إلى ملتقى عالمي للتراث والثقافة، ومنصة لحفظ الموروث، ونقله للأجيال المتتابعة.
وأشرف الملك الراحل على تفاصيل مهرجانات الجنادرية منذ انطلاقتها متضمنة العديد من الندوات الأدبية، والمحاضرات، والأمسيات الشعرية، والفنون الشعبية، والمعارض الفنية، ومسابقات الفروسية والهجن والأسواق الشعبية والحرف والصناعات القديمة.
وخلال السنوات الماضية تطور المهرجان وحقق شهرة واسعة محلياً وعربياً وعالمياً، بدعم الملك عبدالله -رحمه الله- ووزير الحرس الوطني الأمير متعب بن عبدالله.
ومع متابعة الملك عبدالله خلال العقود الماضية لكل تفاصيل المهرجان على اعتبار أن المنظم هي وزارة الحرس الوطني ،تطورت فعاليات الجنادرية، فبالإضافة إلى حفل الإفتتاح الرئيسي هناك سباق الهجن والأوبريت ،وسباق الفروسية والتحمل ،والشعر الشعبي ،والسوق الشعبي والفنون والألعاب الشعبية، وكذلك العروض التراثية لإمارات المناطق،والأزياء الشعبية، وأيضآ شهدت بعض الفترات إقامة معرضآ للكتاب على هامش المهرجان ، ووجود مراكز دائمة للوثائق والصور،ومشاركة دول خليجية ،ومؤسسات حكومية وشركات.
وهدفت "الجنادرية" إلى تعايش الشعوب العالمية مع "التراث والثقافة" فأمر "الراحل" في إستضافة دول عالمية لتصبح ضيوف شرف تشارك بموروثها في الحدث ، فتمت استضافة دولة روسيا كدولة شرف في "جنادرية 24" ، وفي "جنادرية 25" حلّت فرنسا ضيف شرف ، وازداد الرضا والإقبال من قبل الزوار فجاءت اليابان في "جنادرية 26 " ، وكوريا الجنوبية في "جنادرية 27" ، وجمهورية الصين في" جنادرية 28" ، ثم الجارة العزيزة دولة الإمارات ضيفآ في "جنادرية 29" ، وأخيرآ ستحل المانيا ضيف الشرف لهذا العام "جنادرية 30".
وتواصلت رحلة التطوير للمهرجان عندما وافق الملك الراحل على استضافة دول مجلس التعاون الخليجي في "جنادرية 4" لتشارك لأول مرة في المهرجان الوطني الرابع للتراث والثقافة الذي أقيم في 12 شعبان 1408 هـ واستمر أسبوعين وعرضت فيه 60 مهنة وحرفة شعبية من 24 منطقة من مناطق المملكة، كما أقيم 23 معرضا للجهات والمؤسسات الحكومية قدمت فيه نماذج من تلك الجهات وبعض المقتنيات والتحف القديمة وأقيم في جانب من السوق الشعبي أول معرض للكتاب السعودي شاركت فيه ست عشرة هيئة حكومية وإقليمية وكذلك 22 دار نشر سعودية.
وعمل الملك عبدالله - رحمه الله- نقله جديدة عندما حفل المهرجان الوطني الثاني عشر للتراث والثقافة "جنادرية 12" الذي افتتحه في 26 شوال 1417 هـ بفعاليات مثيرة ،بالإضافة إلى نشاطاته السنوية المعهودة بالكثير من المشاركات الثقافية والفنية والتراثية التي تميزت بإقبال جماهيري كبير فمن مسابقة القرآن الكريم إلى سباقات الهجن والفروسية إلى النشاط الثقافي الذي تضمن الندوات والمحاضرات إضافة إلى النشاط الفني الذي شمل أوبريت الافتتاح والعروض الفلكلورية والرقصات الشعبية والفنون التشكيلية كما شاركت الفرقة الوطنية القطرية للفنون الشعبية في المهرجان لأول مرة.
كما ارتفعت وتيرة التغيير التي ينشدها الملك الراحل للأفضل عندما شاركت المرأة في نشاطات المهرجان الوطني ،ولم يقتصر الأمر على مشاركة المرآة التراثية والفلكلورية خلال هذا المهرجان ،بل تطور دورها حتى أصبح لها نشاط ثقافي تشرف عليه وتعده اللجنة الثقافية في المهرجان ،شمل الندوات والمحاضرات المختلفة.
وهكذا سجلت أنامل خادم الحرمين الشريفين الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز بصمة كبيرة جعلت المهرجان الوطني في الجنادرية من أهم المناسبات الثقافية العالمية ليبقى إسم الملك الغائب حاضرآ من جديد في التظاهرة الأكبر ، وسيبقى ما بقيت الجنادرية.