نفى الداعية السعودي الشيخ سعد بن غنيم، ما تم تداوله على نطاق واسع في بعض مواقع التواصل الاجتماعي، ونشرته بعض المواقع والصحف الالكترونية الإقليمية والدولية، من أنه غرّد مادحاً الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قائلاً إنه "خادم لله، جنّده لخدمة مصالح المسلمين، ويأمل أن يتولى الله رعاية ترامب ويوجهه نحو الاتجاه الصحيح؛ لإنهاء الظلم الواقع ضد المسلمين".
وأكد أنه لم يغرد بالتغريدة المتداولة: "يا الله، ترامب واحد من عبيدك، وتتحكم أنت في مصيره، فجنده يا إلهي لخدمة مصالح المسلمين والقضاء على القمع، وخلصنا من أعماله الشريرة، وارزقه السير في الطريق الصحيح".
وقال "ابن غنيم" لـ"سبق" موضحاً موقفه: "أشكر صحيفة "سبق" لهذه المبادرة لتحري الدقة في نشر الحقيقة من مصادرها، في زمن أصبح فيه كثير من المواقع تلفّق الأخبار دون تدقيق من مصادرها دون أمانة ولا مصداقية، ولا عجب فـ"سبق" سباقة دائماً لكل خير، ويقوم عليها رجال مخلصون لدينهم ولوطنهم".
وفيما لي بيان الداعية الشيخ سعد بن غنيم الذي ردّ فيه على سؤال "سبق" حول صحة ما نُسِب إليه: "أما ما سألتم عنه فأرفق لكم صورة من محل الإفك والافتراء، وهي واضحة وبلسان عربي مبين لا مجال للزيادة فيها ولا النقصان ولا التأويل فيها، وقد جاءت هذه التغريدة بعد تصريحات إيجابية من الرئيس الأمريكي "ترامب" تجاه بلادنا على إثر زيارة ناجحة وموفقة من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، لأمريكا، وهي زيارة تاريخية ومثمرة، وضعت الأمور في نصابها الصحيح، وأعادت السيادة الأمريكية تجاه بلادنا إلى المسار الذي تركته ردحاً من الزمن ركضاً خلف إيران، ولله الحمد أعقب هذه الزيارة الإعلان من "ترامب" عن تصريحات إيجابية تجاه المملكة وتجاه المسلمين، ثم أعلن أيضاً أن زيارته الأولى خارجياً ستكون للمملكة العربية السعودية، وسيجتمع خلالها بقادة العرب والخليج والمسلمين هنا في بلادنا، وهو ضيف، وعادة العرب والمسلمين إكرام الضيف أيضاً، وكما تشاهدون التغريدة تشتمل على عدة أمور:
أولها: دعاء لله تعالى أن يسخّر عبده الضعيف "ترامب"، حيث أراد "ترامب" أو لم يرِد لما فيه خير المسلمين، وهذا له أصل في السنة؛ فقد ثبت في الحديث الصحيح عن "الترمذي" أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "اللهم أعزّ الإسلام بأحب الرجلين إليك؛ أبي الحكم بن هشام، وعمر بن الخطاب". قال: وكان أحبهم إليه عمر بن الخطاب، وفي سنن ابن ماجه بسند صحيح قال: "اللهم أعزّ الإسلام بعمر بن الخطاب"، ومن المعلوم أن الرجلين كانا مشركين محاربين للنبي -صلى الله عليه وسلم- بل كان أبو جهل شديد الأذى للنبي -صلى الله عليه وسلم- وللمسلمين، وثبت في صحيح مسلم من حديث عائشة -رضى الله عنها- أنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟ فقال: "لقد لقيتُ من قومك، فكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة؛ إذ عرضتُ نفسي على ابن عبد ياليل بن كلال، فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقتُ وأنا مهموم، على وجهي، فلم أستفق إلا بقرن الثعالب، فرفعتُ رأسي، فإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل، فناداني فقال: إن الله قد سمع قول قومك وما ردوا عليك، وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم. قال: فناداني ملك الجبال، فسلم علي ثم قال: يا محمد إن الله قد سمع قول قومك، وأنا ملك الجبال، وقد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بل أرجو أن يُخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده، ولا يشرك به شيئاً". فهذا تعامل الرسول -صلى الله عليه وسلم- مع المشركين الذين هم أشد من اليهود والنصارى، وكانوا محاربين للنبي -صلى الله عليه وسلم- وكان عندما يشتد أذاهم عليه كان يدعو لهم. فلا أدري لماذا ينقم بعض الناس من الدعاء لشخص بالهداية، لا سيما إذا كان شخص في هدايته هداية قومه، ولهذا فإن هداية عظماء القبائل كعظماء الروم وفارس أو عظماء إفريقيا يحصل بها نفع كبير، وكانت خطابات النبي صلى الله عليه وسلم لقيصر وكسرى يخاطبهما بعظيم الروم وعظيم الفرس... وهكذا كان يضع الناس في أماكنهم، ويتمنى لهم الخير، ولهذا بُعث النبي صلى الله عليه وسلم.
الأمر الثاني في التغريدة: أن فيها دعاء أن يكفي المسلمين شر "ترامب"، ومن المعلوم أن كل نفس خُلقت فيها شرّ بل حتى المسلم نفسه فيها شر، ويدعو لله أن يكفيه الله شر نفسه، والدعاء لله أن يكفينا شر "ترامب" هو لجوء لله سبحانه وتعالى.
والأمر الثالث: دعاء له بالهداية، وليس هذا على الله بعزيز، فما بعث الله الرسل أو أنزل الكتب إلا لهداية الخلق، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يفرح بذلك، ويبذل كل ما يستطيع، بل وكان يضيق صدره إن لم يهتدِ أحد ممن كان يدعوه لله تعالى، قال الله تعالى: {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ}، بل إن الله تعالى خاطبه وجعله رحمة للعالمين، فقال: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ}.. العالمين كلهم مسلمهم وكافرهم وإنسهم وجنهم، بل وحتى البهائم كلهم يدخلون في لفظ "العالمين"، وقد سئل العلامة الشيخ صالح الفوزان -حفظه الله- عن الدعاء للكافرين بالهداية، فقال: نعم يجوز أن ندعو للكفار أن يهديهم الله لقبول الحق، وفي حديث أبي موسى قال: كان اليهود يتعاطسون عند النبي -صلى الله عليه وسلم- يرجون أن يقول لهم: يرحمكم الله، فيقول: "يهديكم الله ويصلح بالكم"، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "اللهم اهدِ قومي؛ فإنهم لا يعلمون"، قال بدر الدين العيني: المقصود أن يهديهم الله للإسلام.
هذا فيما يتعلق بالتغريدة، وأتصور أن فيما يتطلع إليها من طلبة العلم ومن العقلاء ما يكفي للردّ على ما نُشر في صحف لا تخفى توجهاتها، وأغلبها من الصحف المنسوبة لإيران، أو التي تتحدث باسم إيران، وهم قد شرقوا بمكانة بلادنا ومكانة ولاة أمورنا -حفظهم الله- وما أسفر عن جهودهم من عودة بعض الغربيين الذين كانوا مفتونين بإيران ومغرورين بها، فقد انكشفت لهم الحجب، وبانت لهم السبل، وعرفوا أن إيران هي أساس الشر وأساس الإرهاب في هذه المنطقة، ولهذا شرقوا بهذه الزيارة، وغضبوا منها، وبالتالي أصبحوا ينقمون على كل مسلم وكل مخلص وكل محب لدينه ووطنه ولولاة أمره، ينقمون عليهم هذا الولاء وهذا التلاحم وهذا التراصّ وهذا التأخي والوقوف خلفهم صفاً واحداً، ولله الحمد فلم يجدوا إلا ما يشرقون به، وأكتفي بذلك والسلام عليكم ورحمة الله، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.