في تجربة سابقة للولايات المتحدة الأمريكية عام 2009 تم استبدال 690 ألف سيارة متدنية الكفاءة في استهلاك الوقود بسيارات جديدة عالية الكفاءة، من خلال برنامج كلف وزارة المواصلات الأمريكية 3 مليارات دولار (cash for clunkers). البرنامج يدعم المواطن بمبلغ يصل إلى ما يعادل (20 ألف ريال)، يضاف إلى قيمة السيارة المستبدلة، ويتحمل المواطن بقية تكلفة السيارة الجديدة، ويتم بعد ذلك التخلص من السيارة القديمة. أدى هذا التغيير إلى تحسين كفاءة الوقود 58 %؛ إذ كان معدل استهلاك الوقود للسيارات القديمة (14.89 لتر لكل 100 كم)، وبعد تبديل السيارات ارتفعت الكفاءة إلى استهلاك (9.45 لتر لكل 100 كم)، أي أن الوقود الذي كانت تحتاج إليه السيارة لتقطع مسافة 100 كم في السيارة القديمة أصبح كافيًا لقطع مسافة 158 كم بالسيارة المستبدلة؛ وبذلك تكون الدولة قد استفادت من تخفيض الطلب والهدر من استهلاك الوقود، ويكون المواطن استفاد من خفض كمية الوقود بـ 36 %، والسيارة استُبدلت بجديدة بدعم 20 ألف ريال، إضافة إلى القيمة المضافة على تحسين البيئة. لا تحضرني تفاصيل البرنامج، ولكن الفكرة واضحة، والمصادر متوافرة.
معاناة أمريكا مع السيارات شبيهة بمعاناتنا مع الكهرباء؛ فيوجد في السعودية مساكن كثيرة، تحتوي على مكيفات "نوافذ"، بعضها قديم ومتدني الكفاءة؛ واستهلاكها يصل إلى أكثر من ضعفَيْ بعض المكيفات "الاسبلت". وكذلك المباني التجارية التي بعضها يصل إلى أكثر من 30 طابقًا، والتي تستخدم الزجاج غير المظلل لجدرانها الخارجية بالكامل (بدون عوازل)؛ فهي تستنزف كهرباء للمكيفات أضعافًا كثيرة لمطلبها الحقيقي. وهناك مبان سكنية بُنيت لغرض بيعها (وخصوصًا الدوبلكسات)، غالبيتها لم يعمل حسابًا لكفاءة الطاقة من عوازل ومواد وغيرها. أيضًا هناك هدر كبير لبعض المصانع في المناطق الصناعية وغيرها؛ إذ تجد مبنى من ألواح الحديد "الهانجر"، يعمل بداخله مئات الأشخاص، ويستنزف كميات كبيرة من الكهرباء للتبريد ولعمل المعدات.. فجميع هذه المصانع والمباني وغيرها كانت – وما زالت - تستفيد من الكهرباء الرخيصة، ولن تعمل على تحسين وترشيد الاستهلاك ما لم تجد محفزات.
هناك اقتراح بأن تضع السعودية برامج مشابهة على مراحل عدة، وفي مراحلها الأولى تستبدل مثلاً 3 ملايين مكيف بدعم مبلغ تقريبًا 500 ريال للمكيف، ضمن برنامج لن يكلف أكثر من 1.5 مليار ريال. طبعًا هذا مثال واقتراح، وبالتأكيد نحن بحاجة إلى دراسات تفصيلية من قِبل مختصين للبرنامج إذا كان مناسبًا.
والمكيفات المستبدلة يتم التخلص منها بالطرق المناسبة، ويمكن أن يُستفاد من بعض أجزائها.
السعودية تحتاج إلى مزيد من هذه البرامج التي ترفع من كفاءة الاستهلاك نظرًا لارتفاع حرارة الطقس في السعودية. وإضافة إلى أجهزة التكييف هناك منازل كثيرة لا تستخدم العوازل الحرارية؛ فبإمكانها استخدام عوازل خارجية كتظليلة زجاج نوافذ المنازل والمدارس والدوائر الحكومية، وغيرها مما سبق ذكره.. ومتى ما كان الدعم حاضرًا، وله آلية تنفيذ مُحكمة، فسيكون له نتائج إيجابية.
يجب أن نذكر أن جميع الدوائر الحكومية عليها الالتزام بعدم منح تراخيص جديدة لمبانٍ تجارية أو مصانع ما لم تكن ذات كفاءة عالية في استخدام الكهرباء. يجب أن لا نغفل القطاعات غير السكنية؛ فالقطاع السكني يستهلك أقل من مجموع القطاعات الأخرى الصناعية والحكومية والتجارية.
لو استعان "مركز ترشيد الطاقة" بشركات مختصة لقياس "مستوى الأداء"، وقسناه على المصانع العملاقة (النفط والغاز والبتروكيماويات والأسمنت والكهرباء والمياه وغيرها)، لصُدمنا بتدني الكفاءة بهذه المعامل، وكذلك القطاعات الحكومية وشبه الحكومية والتجارية.