- د. العيسى: الملتقى يُعَبِّر عن إرادة دينية ذات هدف روحي مجردٍ وليس بين المشاركين من يقَدّم نفسه ممثلاً لأي أيديولوجية أو سياسة
- كل محاولات النيل من الجانب الروحي في التاريخ الإنساني باءت بالفشل
- المحفز الديني في سياق اعتداله عنصر مهم في تضامن أُسرتنا الإنسانية
- الدبلوماسية الدينية في إطار وعيها تصنع الفرق في الزمن الصعب
- للجميع الحق في البحث عن مصالحهم الخاصة لكن وفق القيم التي تدعو إليها المشتركات الدينية والإنسانية
- لم يعد في إمكان أحدٍ اليوم تجاهل مستوى تأثير الاعتدال الديني على التعايش المجتمعي والسِّلم العالمي
- غياب الدور التوعوي للأسرة والتعليم ومنصات التأثير الديني والاجتماعي السبب الأبرز لحالات الكراهية والعنصرية وتصعيد نظريات الصدام
اُختتمت أعمال ملتقى "القيم المشتركة بين أتباع الأديان"، الذي جمع كبار علماء المسلمين وقياداتهم من دول العالم الإسلامي ودول الأقليات الإسلامية في العاصمة الرياض، حيث عقدوا تحت مظلة رابطة العالم الإسلامي أهمَّ حدثٍ دينيٍّ دوليٍّ استضافوا خلاله الممثلين الرئيسيين لكافة أتباع الأديان، بحضور قيادات دينية وفكرية متنوعة.
وانطلاقاً من المبادئ الدينية المشتركة، واستناداً إلى المواثيق الدولية الداعية إلى تجسيد القيم الإنسانية بروح جادة وصادقة، واستحضاراً للواجب المنوط بالقيادات والرموز والكيانات الدينية وتأثيرها العميق في وجدان الشعوب؛ أصدر الملتقى إعلان "القيم الإنسانية المشتركة"، والذي توافق فيه المشاركون على تأكيد مركزية الدين في كل حضارة نظراً لتأثيره في "صياغة أفكار المجتمعات البشرية"، و"إلهامه الروحي للمؤمنين به"، مشدّدين على ضرورة عدم الخلط بين الدين والممارسات الخاطئة لبعض أتباعه، وعدم توظيف الدين لأي هدف يَخْرُج عن معناه الروحي الإصلاحي.
وأكد المشاركون في الإعلان، حاجة العالم المتزايدة إلى تفعيل الآليات الدولية لحل النزاعات من خلال: "إرادة جادة وعزيمة قوية وتدابير حكيمة"، معتبرين أن لقاءهم الأخويّ فُرصة سانحة للتعبير عن رؤاهم المشتركة، والإسهام بفاعلية في تصحيح المسار الإنساني المعاصر.
واتفقوا على وجوب تفهُّم الخصوصيات الدينية لكل دين أو مذهب، والتعامل معها بصفتها تُمَثِّلُ التنوعَ البشري المشمولَ بحِكمة الخالق في الاختلاف.
واستنكروا أطروحات الصدام الحضاري، ومحاولات فرض الهيمنة الدينية والثقافية والسياسية والاقتصادية "بلا استحقاق ولا أخلاقيات"، كما نددوا بـ"الكراهية" و"العنصرية" باعتبارهما أكبر مُحَرِّض على العنف والإرهاب والانقسام.
كما أوصى المشاركون من خلال الإعلان، ببناء تحالف دولي من خلال إرادة: "صادقة وعادلة وفاعلة" لخدمة الإنسانية بكامِل حقوقها، مع أهمية استذكار القيم المشتركة التي تربط الجميع بعضهم ببعض كمنطلق رئيس لهذا البناء الإنساني المهم، والتأكيد على أهمية مراعاة الخصوصيات الدينية والثقافية، وعدم ممارسة أي استعلاء أو إملاءات عليها.
ودعوا إلى قيام المؤسسات الوطنية والأممية المسؤولة بالعمل الجاد على كل ما من شأنه ضمان الحريات في إطار احترام القوانين الدولية والوطنية ذات الصلة، والمحافظة على التماسك الأسري الذي يمثل نواة المجتمع، والعناية بجودة التعليم.
وطالبوا مختلف منصات التأثير؛ وبخاصة الإعلامية، باستشعار الأمانة الأخلاقية الملقاة على عاتقها بوصفها العنصر الأكبر تأثيراً في توجيه الرأي العام، ومناشدة الدُّوَل الوطنية والمجتمع الدولي لبذل كافة السبل لتوفير الحماية الكافية لدُور العبادة، وكفالة حرية الوصول إليها، والمحافظة على دَورها الروحي، والنأي بها عن الصراعات الفكرية والسياسية والمساجلات الطائفية.
كما دعوا المؤسسات الدينية حول العالم إلى تشجيع الخطاب المعتدل ونبذ الخطاب المتطرف الذي يثير الكراهية، مع إدانة كافة الممارسات المتطرفة والعنيفة والإرهابية في حق أتباع الأديان، والدعوة لتجريم النيل من رموزها ومقدساتها، ودعم المبادرات الجادة المناهضة لها.
وأعلن المشاركون، عن إطلاق منتدىً عالمي باسم: "منتدى الدبلوماسية الدينية لبناء الجسور"؛ من منطلق مركزية تأثير الأديان في المجتمعات الإنسانية، وإصدار موسوعة عالمية باسم: "موسوعة القيم الإنسانية المشتركة".
ودعوا الجمعية العامَّة للأُمَم المُتَّحدة إلى إقرار يومٍ عالمي للمشتركات الإنسانية، باعتبارها نقطةَ التقاء القيم الجامعة المحققة لثمرة الإخاء الإنساني.
وكان معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، رئيس هيئة علماء المسلمين، الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى، أعلن انطلاقة الملتقى بكلمة افتتاحية أكد فيها على سروره بالاجتماع مع نخبةٍ من القيادات الدينية البارزة "حول العالم"، ونخبة من الشركاء الفاعلين؛ للإسهام في تعزيز سلام عالمنا ووئام مجتمعاته الوطنية، منوهاً إلى أن أهمَّ ما يمكن أن يلتقي الجميعُ حولَهُ لتحقيق هذا الهدف العالمي الذي لا عيش حقيقياً بدونه، هو أن الجميع يَنْتمي إلى أصل واحد (تَشَكَّلت منه أُسرتنا الإنسانية) بتنوِّعِها الطبيعي الذي قضى الله به في هذه الحياة، (سواءً كان تنوعاً دينياً أم إثنياً أم جغرافياً أم غيرَ ذلك).
وقال، إن "وَحْدة الانتماء في أصل الخلق، مع وجود مشاعرَ ومتطلباتٍ إنسانيةٍ ميزت الإنسان عن غيره، شكَّلت قيماً مشتركة بين الجميع"، منوهاً إلى أن في مقدمة هذه المشاعر والمتطلبات تأتي القيم الدينية ذاتِ الأثر الروحي على كثير من المجتمعات حولَ العَالَم، ما يرفع أهمية إبراز مُشتركَاتِها، موضحاً أن (غالبَ مُشكلات التعايُش بين أفراد التنوُّع تعود إلى مفاهيمَ سلبية في التديُّن، حيثُ توقفت عند الفروق الدينية التي تُمثل الهويةَ الخاصة للأفراد والمجتمعات، وتجاهلت المشتركاتِ الجامعةَ بينهم، وعندما قال نبينا صلى الله عليه وسلم إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق قصد بها تلك المشتركات التي نتحدث عنها اليوم، وعندنا مبدأ قِيَمِيّ وهو أن الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها).
وتطرق الدكتور العيسى، إلى إشكالية في عالمنا اليوم وهي غياب أو قصور الدَّور التوعوي للأسرة والتعليم ومنصاتِ التأثير الديني والاجتماعي، معتبراً أنها السبب الأبرز لحالات الكراهية والعنصرية، ومن ثم تصعيد نظرية حتميةِ الصدام والصراع الحضاري، داعياً في هذا السياق إلى أهمية أن يكون للتعليم حول العالم اهتمام بالمشتركات الإنسانية؛ بوصفها من أهمِّ محفزات القناعة بالرابطة الإنسانية الواحدة، واستيعاب حكمة الخالق في الاختلاف بين المكونات البشرية.
وأكد أن للجميع الحق في البحث عن مصالحهم الخاصة، لكن بالقيم التي تدعو إليها المشتركات الدينية والإنسانية، وهي التي تضمنت مَعَالِمَهَا الرئيسةَ المواثيقُ والمعاهداتُ والأعرافُ الدولية، مشدداً على أهمية أن يُدرك العالم أنه لا خِيَارَ له سوى خِيَار التفاهُم والتعاوُن والسلام.
وفيما يتعلق بالاعتدال الديني، أكد الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي أنه لم يعد في إمكان أحدٍ اليوم أن يتجاهل مستوى تأثير الاعتدال الدينيّ على التعايش المجتمعي والسِّلم العالمي، لافتاً إلى أن التاريخ الإنساني يشهد بأن أهمَّ أحداثه كان وراءها محفِّزات أو شِعَاراتٌ ذاتُ أهدافٍ دِينيَّة، لكنها خرجت عن منطقة الاعتدال فصار ما صار!
واعتبر الدكتور العيسى أن كل محاولات النيل من الجانب الروحي في التاريخ الإنساني الحديث باءت بالفشل، منوهاً إلى أن هذه المحاولات الفاشلة متواصلة منذ آلاف السنين، ورغم ذلك بقيت القناعة الروحية مؤثرةً وفاعلةً في النُّفُوسِ والمُجتمعات.
وخلص معاليه مما سبق إلى أن "المُحفز الديني في سياق اعتداله عُنصرٌ مهم في تضامن أُسرتنا الإنسانية، في مواجهة مهدداتها، بل ومهدداتِ كوكبنا، كالأوبئة واستنزاف الموارد، وغيابِ أو ضعف القيم المشتركة، والتي تبدو اليومَ أكثرَ بروزاً: في الكراهية والعنصرية والانقسام وغيرها، ولنا في رابطة العالم الإسلامي في هذا تجارب دولية ناجحة كان آخرها الإسهام في التوزيع العادل للقاح ضد (كوفيد 19)"، مشدداً على أن القادة الدينيين أقوى ما يكونون وهم يتحالفون حول مشتركاتهم "التي تُمَثِّلُ قواعدَ بناءِ الجسور بينهم"، فيُسْهِمُون بتحالفهم الفاعل في صناعة مستقبل مزدهر للإنسانية.
وعرج الدكتور العيسى في كلمته على "الدبلوماسية الدينية"، مؤكداً أنها في إطار وعيها الروحي تصنع الفرق في الزمن الصعب، منوهاً إلى أن القوة التي تتمتع بها الدبلوماسية الدينية "المستنيرة" هي القوة الناعمة التي تخاطب العقول والقلوب معاً، بنيات صادقة.
وأبدى معاليه أمله في أن يتوافق حضور هذا الملتقى، وهم الشخصيات الفاعلة والمؤثرة "دينياً وفكرياً"، على إصدار: "موسوعة عالمية للقيم الإنسانية المشتركة"، لتصبح كالدُّستور الإنساني الجامع بمفهومٍ روحي مشترك.
واستدرك معاليه بالتأكيد على أن كلّ ما سبق من حديث "المشتركات" ينسجم تماماً ولا يتعارض أبداً مع أهمية المحافظة على الخصوصية الدينية والثقافية.
وختم الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي كلمته، بالقول: "إن هذا الملتقى يُعَبِّر عن إرادة دينية ذات هدف روحي مجردٍ "بعيدٍ كلَّ البعد" عن أي دَلالة لا تتوافقُ مع هذا المقصَدِ الرُّوحي"، مضيفاً في هذا السياق "ولن ننظر لمتجاهل أو منكرٍ لضرورة التفاهُم والتعايُش بين أتباع الأديان، وواجب الاحترام المتبادَلِ بينهم، وحقِّهم جميعاً في الوجود بكرامة، كما لن نَنْظُرَ "جميعاً" لأيِّ تأويل خاطئ أو متعمَّد، يسعى للنيل من المقصَدِ الإنساني النبيل والمجرد لتوافُق أتباع الأديان واحترامِهم لبعض "كأتباع أديان"، يتشاركون الوجود والمسؤولية من أجل سلام عالمنا وانسجام مجتمعاته، مع عدم التفريط في أيِّ حقٍّ مشروع أياً كان"، مؤكداً أن "الملتقى يتميز بأنه ليس بين المشاركين فيه من يُقَدِّمُ نفسه في هذه القاعة كممثل لأَيِّ أيديولوجية، ولا أي سياسة، أياً كانت، وجميعهم جاؤوا من بُلدانٍ شقيقةٍ وصديقة، تربِطُنا بهم في عالَمِنا الإسلامي علاقات وطيدة".
من جهته أوضح رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، رئيس منتدى تعزيز السلم للمجتمعات المسلمة، الشيخ عبدالله بن بيه، أن هذا الملتقى يمثل خطوة جديدة في مسار العمل الديني المشترك، حيث تجتمع الأديان المتنوعة لتجسّد اتفاقها في القيم الكونية، قيم السلام والتضامن والعدالة، وتبحث عن سبل تنزيل ذلك من خلال المبادرات العملية.
بينما ثمّن مفتي الديار المصرية، الشيخ الدكتور شوقي علام، جهود رابطة العالم الإسلامي، في الإعداد والترتيب لهذا المحفل الكبير "لنجتمع معًا على كلمة سواء، وأجندة مشتركة بما فيه الصالح للبلاد والعباد".
وأوضح أن عمارة الأرض والانتفاع بخيراتها لا يمكن أن يتحققا لو كانت العلاقة بين أهل الأديان هي التنافر والبغضاء، فلا يمكن أن يحثنا الله على عمارة الأرض إلا وهو يحثنا على المحبة وإرادة الخير للجميع دون استثناء.
من جهته أكد البطريرك المسكوني بارثولوميوس، بطريرك الروم الأرثوذكس، أن "أفضل الطرق للوصول إلى السلام هو الحوار الديني الصادق"، مؤكداً رفضه التام لنظرية "الصراع الحتمي" بين الحضارات.
وأشار إلى أن التعاون أساسي لعالَم مستدام، وأن الانفتاح على الآخر "لا يهدد هويتنا بل يعززها أكثر وأكثر"، موضحاً أن التراث الديني "مصدر إلهام للبشرية ويحتوي على احتياط كبير لصناعة السلام".
وأضاف: "بما أن مستقبلنا مشترك فنحن بحاجة إلى مسؤولية مشتركة وجهد مشترك"، مُعبّراً عن أمله في إنشاء سلام عادل في ظل الأحداث الحاسمة التي يمر بها العالم اليوم.
وأوضح السيد والتر كيم، رئيس الاتحاد الوطني للإنجيليين في الولايات المتحدة الأمريكية، أننا في مناسبة تاريخية تدعو للتفاؤل بالمستقبل الذي يحمل فرصة للسلام وبناء الجسور، مؤكداً ضرورة أن تبذل المجتمعات الدينية ما في وسعها لإنهاء الفقر بعد ما مررنا به من أزمة خلال جائحة كورونا.
من جانبه تطرق معالي الشيخ إدريس بن أحمد وزير الشؤون الإسلامية بماليزيا، إلى أهمية تفعيل فقه التعايش والتسامح، مؤكدًا أن جميع الزعماء الدينيين ملزمون بتثقيف بعضهم.
فيما أبدى رئيس المجلس الأعلى وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف السابق في الجزائر، الأستاذ بوعبدالله محمد غلام الله، أمله في أن يتصدى القادة الدينيون للتعصب، وأن ينددوا بجميع مظاهر الكراهية، مؤكداً أن التسامح خلق عظيم، والعفو إحدى صفات الخالق سبحانه وتعالى، وكل إنسان هو أخ للآخر في الدين أو العرق أو الوطن أو الإنسانية، مشيراً إلى أن الكلمة التي ألقها معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي رئيس هيئة علماء المسلمين تمثل ورقة عمل محورية في موضوع الملتقى وأنه لا بد من تبنيها لتكون خارطة طريق نحو الهدف الذي اجتمعنا من أجله.
بدوره قال كبير الحاخامات في إيطاليا - مجمع الحاخامات الأوروبيين، السيد ريكاردو ديزيجني، إن دور الدين يجب أن يكون إيجابياً لنشر السلام، مشيداً بالجهد الذي يقوم به معالي الشيخ محمد بن عبدالكريم العيسى في نشر السلام والتسامح بين أتباع الأديان، مؤكدًا "أننا سنرى بعد سنوات كيف ستنمو هذه البذور على كوكب الأرض".
وفي كلمته في الملتقى قال لما هامانديليشوار سوامي فاديسان، رئيس الإدارة الدينية للهندوس: "إنه يمكن للحوار أن ينجح فيما فشلت فيه الحروب، لذا فإنني أفتخر أن أكون أحد المشاركين في هذا المنتدى الذي تنظمه رابطة العالم الإسلامي، بقيادة داعية السلام والإسلام، معالي الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى".
في حين أكد باناجالا أوباتيسا ثيرو، المسؤول البوذي في سريلانكا واليابان، أن الكراهية لا تقتلها الكراهية بل تقتلها المحبة، ولهذا فإن كل دين يدعو إلى تجنب العنف بكل أشكاله اللفظية والفعلية.
وقال معالي الأمين العام لهيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية عضو المجلس الأعلى لرابطة العالم الإسلامي وعضو المجمع الفقهي الإسلامي، الشيخ الدكتور فهد بن سعد الماجد "إن هذا الاجتماع الذي نحضره اليوم من التعارف الفكري، الذي لا يقل أهمية عن الاجتماعات السياسية التي تَعقدها المؤسسات السياسية من أجل بناء الجسور للسلام وخدمة الإنسانية، كما لا يقل أهمية عن اللقاءات العلمية التي يعقدها الأطباء والخبراء من أجل خير الجميع ونفع الجميع، وكذا التعارفات الاقتصادية التي يحضرها الاقتصاديون ليتباحثوا في شأن تخصصهم لصالحهم وصالح منظومتهم الدولية"، موضحاً أن كل هذه التعارفات يجمعها أنها من التعارف الإنساني الذي لن يُؤتي ثماره ولن يتقدم ما لم يُؤسس على ركائز، من أهمها ركيزة القيم المشتركة التي عُقد لها هذا الملتقى.
ونقل سماحة مفتي جمهورية أذربيجان، رئيس إدارة مسلمي القوقاز، الدكتور الله شكر باشازاده، تحيات فخامة رئيس جمهورية أذربيجان السيد إلهام علييف للحاضرين في المؤتمر. وأوضح أن دعوات الكراهية المؤدية إلى الاعتداء والعنف أصبحت اليوم تهديداً للبشرية، مؤكداً أن الخطر يكمن في تسييس الدين، وخطاب الكراهية.
ووصف رئيس وزراء وأمين سر دولة الفاتيكان، الكاردينال بيترو بارولين، مؤتمر "القيم المشتركة بين أتباع الأديان" بـ "التاريخي الإيجابي"، مؤكداً أن الحوار الحقيقي بين الأديان هو الذي يركز على المشتركات بدون إغفال الاختلافات، منوّهاً بضرورة حماية النشء من تأثير خطاب الكراهية المؤدي إلى التطرف.
وقال رئيس الإدارة الروحية لمسلمي كازاخستان، المفتي الأعلى لجمهورية كازاخستان، سماحة المفتي نوريزباي تاجانولي أوتبينوف: "إننا هنا جميعاً نمثل الأديان، واجتمعنا بكلمة واحدة هي السلام بين الأديان، فكلنا من آدم وآدم من تراب"، مثمناً سماحته جهود معالي الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى في نشر السلام والاعتدال بين الأديان.
في حين قال وزير الشؤون الإسلامية وشؤون الأديان في باكستان، الشيخ مفتي عبدالشكور: "إننا نعيش في عالم مضطرب مليء بالتحديات الجسيمة، ويتوجب علينا العمل من أجل الحق والعدل، ونبذ الظلم والظالمين، لنتمكن من نصرة الحق".
ثم استُئنفت الجلسة الرئيسية بعد استراحة قصيرة والتي تركزت على استكمال كلمات عدد من قيادات دور الإفتاء ورؤوساء ووزراء الأجهزة الإسلامية والمجامع والهيئات الفقهية والإفتائية، شاركهم في ذلك عدد من كلمات القيادات الدينية غير الإسلامية.
ثم توالت جلسات الملتقى والتي اشتملت على أوراق عمل ومداخلات عدد من المشاركين متضمنة كثيراً من المبادرات والبرامج المقترحة، وخلص الملتقى إلى إعلان بنود مشروع القيم الإنسانية المشتركة على ضوء ما دار في الملتقى من كلمات ومداخلات ومبادرات وحوارات وبرامج مقترحة.
وقد شكَّل الحضور الإسلامي غالبية حضور هذا الملتقى حيث حضره طليعة متميزة من كبار العلماء المسلمين في عموم الدول الإسلامية ودول الأقليات الذين نوهوا بشكل كبير بفكرة هذا الملتقى واعتبروه إضافة مهمة للوعي الإسلامي في عالم متغير يتطلب مثل هذا الوعي وعلى الخصوص في مواجهة الحملات المتتالية التي يقودها الجهل والتطرف ضد الإسلام محاولاً تشويه سمعة الدين الإسلامية مستغلاً الفراغ السابق من أمثال هذا الملتقى النوعي مكاناً ومظلة وحضوراً وتنوعاً وتنظيماً ومخرجات.