تأتي زيارة رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، إلى السعودية في الوقت الذي تشهد فيه العلاقات بين البلدَيْن تناميًا متزايدًا، وشراكة وثيقة، ولاسيما في مجال الطاقة والصناعة، فضلاً عن حرص الرياض ولندن المتبادل على استقرار وموثوقية وأمن أسواق النفط العالمية.
وترجم ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، التزام السعودية بضبط أسواق النفط في عبارات واضحة خلال اتصال هاتفي بالرئيس الفرنسي نهاية الشهر الماضي، بتشديده على حرص الرياض على استقرار وتوازن أسواق البترول، والتزام السعودية باتفاق أوبك بلاس.
تمتلك الرياض ولندن فرصًا عديدة للتعاون في مجال الطاقة والصناعة، بما في ذلك الطاقة المتجددة، بطريقة تتواءم مع مخرجات القمة العالمية للأمم المتحدة لتغير المناخ (Cop26)، والمبادرات العالمية لمواجهة التغير المناخي.
وتملك البلدان رؤى ورغبة مشتركة في التعاون في مجالات الطاقة والمناخ تحت مظلة الاقتصاد الدائري للكربون. ومن بين تلك المجالات احتجاز الكربون، واستخدامه، وتخزينه، والهيدروجين، والوقود النظيف، والاحتجاز المباشر من الهواء ومصادر الطاقة المتجددة.
ولدى الرياض نهج واضح فيما يتعلق بخفض الانبعاثات الكربونية، والاعتماد على الطاقة النظيفة؛ فقد أطلقت السعودية عددًا من المبادرات في مجال الطاقة خلال إطلاق ولي العهد النسخة الأولى للمنتدى السنوي لمبادرة "السعودية الخضراء"، وما صاحبها من إطلاق مبادرتَي "السعودية الخضراء" و"الشرق الأوسط الأخضر".
وتستهدف البلاد خفض الانبعاثات الكربونية بمقدار 278 مليون طن سنويًّا مع حلول عام 2030، كما تستهدف السعودية في خطوة تالية الوصول إلى الحياد الصفري في عام 2060، من خلال نهج الاقتصاد الدائري للكربون، بما يتوافق مع خطط السعودية التنموية.
وألقت مبادرات السعودية الخضراء للطاقة النظيفة بصداها في الأروقة اللندنية؛ فقد لفت ولي العهد البريطاني، الأمير تشارلز، في كلمة رئيسة ألقاها ضمن جلسات المنتدى المشار إليه أعلاه إلى أن إطلاق مبادرتَي "السعودية الخضراء" و"الشرق الأوسط الأخضر" يسهم في بناء مستقبل مستدام مثمر.. مبينًا أن قيادة السعودية العالمية للانتقال إلى الطاقة المتجددة شيء أساسي، يحفز الجميع على رؤية هذا التنوع في مزيج الطاقة.
فيما صرَّح رئيس الوزراء البريطاني بأن "تعهُّد السعودية التاريخي بالوصول إلى صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2060 خطوة كبيرة إلى الأمام". في إشارة إلى الوقع الكبير الذي أحدثته مبادرات السعودية الخضراء للطاقة النظيفة في الأوساط العالمية.
وقد أطلق البلدان حوار الطاقة والصناعة الوزاري السعودي – البريطاني خلال زيارة ولي العهد إلى لندن عام 2018، ووقَّع حينها الجانبان مذكرة تفاهم حول الطاقة النظيفة، وأعلن البلدان رغبتهما بالتعاون في مجالات رئيسية عدة ذات أولوية، ومن ذلك التعامل مع تحديات النمو النظيف والذكاء الاصطناعي.
كما التقي وزيرا الطاقة والصناعة في البلدين أكثر من مرة خلال السنوات القليلة الماضية لبحث مجالات التعاون، وسُبل تطوير آفاق التعاون المشترك بين الرياض ولندن في مجالَي الطاقة والصناعة، والتعاون الاقتصادي والفرص الاستثمارية الواعدة، بما يحقق مستهدفات رؤية السعودية٢٠٣٠.