"السبر" يطلق صيحة نذير من خطورة "الكهان" و"العرافين"

قال: الساحر باع نفسه للشيطان.. فخبثت نفسه وأظلم قلبه
الداعية الإسلامي الشيخ محمد السبر
الداعية الإسلامي الشيخ محمد السبر

حذر الداعية الإسلامي الشيخ محمد بن إبراهيم السبر من الدجالين والذين يُعرفون باسم "الكهان" أو "العرافين" الذين يدّعون معرفة الغيوب الماضية أو المستقبلة عن طريق اتصالهم بالجن أو غير ذلك.

وقال "السبر": حظي هؤلاء الكهنة عند العرب قبل الإسلام بمكانة رفيعة ومؤثرة في المجتمع، فصحح النبي ﷺ المسار وكشف هذا الدجل الذي لا يقوم على علم ولا هدى ولا كتاب منير، وكان من ضمن ما أوحي إليه: ﴿قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ﴾، ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ﴾، فلا الملائكة المقربون ولا الجن ولا البشر يعلمون الغيب، بل وحتى النبي ﷺ على جلالة قدره لا يعلم الغيب: ﴿قُل لَّا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ۚ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ ۚ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾.

وأضاف: معرفة الغيب من الأمور التي استأثر الله تعالى بعلمها، واختصّ بها نفسه تعالى، دون من سواه من ملك مقرب أو نبي مرسل: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا﴾، فالكهانة جهالة من أعمال الجاهلية التي جاء الإسلام بإبطالها وبيان زيفها وأنها من الشرك؛ لما فيها من ادعاء علم الغيب، والتعلق بغير الله تعالى، واعتقاد الضر والنفع في غيره وتصديق الكهنة والعرافين الذين يدّعون علم الغيب زورًا وبهتانًا؛ ليغيروا عقائد الناس ويبتزوا أموالهم، وأخرج مسلم في صحيحه من حديث معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه أنه قال: يا رسول الله! أمور كنا نصنعها في الجاهلية، كنا نأتي الكهان؟ قال:" فلا تأتوا الكُهان"، وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: سأل رسولَ الله ﷺ ناسٌ عن الكهان، فقال: "ليسوا بشيءٍ"، فقالوا: يا رسول الله؛ إنهم يحدثونا أحيانًا بشيءٍ فيكون حقًا! فقال: "تلك الكلمة من الحق يخطفها الجنِّي؛ فَيُقِرُّها في أذن وليِّه، فيخلطون معها مائة كذبة".

وأضاف: الكاهن والساحر باع نفسه للشيطان، فخبثت نفسه، وأظلم قلبه، يوقع الشر حيثما حل، والفرقة أينما نزل، فهم جنود للشيطان، دجالون كذابون أدعياء غششة تبرأ منهم النبي ﷺ فروى البزار بإسناد جيد عن عمران بن حصين عن رسول الله ﷺ أنه قال: "ليس منا من تطير أو تُطير له، أو تكهن أو تُكهن له، أو سحر أو سُحر له". وروى أبو داود بإسناد صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قال: "من اقتبس علمًا من النجوم؛ اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد".

وأردف: من الكهان من هو قارئُ الكف والفنجان، والذي يخطُّ في الرمل، ومن يدعي قدرته على قراءة الأفكار، أو على معرفةِ ماضي الشخص ومستقبلهِ بالنظر في صورته أو توقيعهِ أو خطّهِ ونحو ذلك، فكلهم يخوضون في ادّعاء الغيب، ولا يعلم الغيب إلا الله، ومما يدخل في هذا الباب الاعتقادُ في أبراج الحظ والنجوم ومطالعتُها ومتابعةُ برامِجها؛ ليعرفَ سيصادفُه في مستقبله من نجاح وفشل، وسعادة وشقاء وغنى وفقر، وقد زجر النبي ﷺ عن إتيان الكهان أيّما زجر؛ فقال: "من أتى عرَّافًا فسأله عن شيءٍ؛ لم تقبل له صلاة أربعين ليلة" أخرجه مسلم. أي أنه لا ثواب له فيها، وإن كانت مجزئة في سقوط الفرض عنه، ولا يحتاج معها إلى إعادة. (شرح النووي).

وتابع: لا يجوز للمسلم أن يأتي الكهنة والعرافين، أو يستمع إليهم، ولو لم يصدقهم فيما يدعونه من علم الغيب، أما إن صدقهم بما يقولون؛ فقد كفر بما أنزل على محمد ﷺ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنهما، عنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: "مَنْ أَتَى كَاهِنًا أَوْ عَرَّافًا، فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ؛ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ". رواه الإمام أحمد، قال العلماء: "إنما نُهِي عن إتيان الكهان؛ لأنهم يتكلمون في مُغَيَّبات قد يصادف بعضها الإصابة، فيخاف الفتنة على الإنسان بسبب ذلك؛ لأنهم يلبسون على الناس كثيرًا من أمر الشرائع، وقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة بالنهي عن إتيان الكهان وتصديقهم" (شرح النووي)، وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: "السؤال المجرد لا يجوز؛ لأنه وسيلة إلى التصديق، ولأن في سؤالهم إظهارًا لشأنهم وتعظيماً لقدرهم وإظهاراً لأمرهم بين الناس. لهذا لما سئل رسول الله ﷺ عن الكهان قال: ليسوا بشيء، وقال: لا تأتوهم. أي لا يُأتون، ولا يُسألون احتقارًا لهم، وإعراضًا عنهم، وإماتة لشأنهم".

وقال "السبر": الكهنة يزداد ضررهم ويطير شررهم مع الوسائل الحديثة؛ فلهم معرفات وقنوات، بأسماء ودعاوى تروج على العامة؛ كالشيخ الروحاني، أو جلب الحبيب وغيرها، فافتتن الجهال بهم؛ بل وساهموا في الترويج لهم وهم لا يشعرون.

وشدد على ضرورة الابتعاد عن هذه المواطن والمواقع، والإعراض عنها، مع السعي في إبلاغ جهات الاختصاص عن هؤلاء الكهنة والعرافين بكل وسيلة ممكنة، والنصيحة لكل من يتعلق بهذه الأمور أن يتوب إلى الله ويستغفره، وأن يعتمد على الله وحده ويتوكل عليه في كل الأمور، مع أخذه بالأسباب الشرعية والحسية المباحة، وأن يدع هذه الأمور الجاهلية ويبتعد عنها، ويحذر سؤال أهلها أو تصديقهم؛ طاعةً لله ولرسوله ﷺ وحفاظًا على دينه وعقيدته.

يُذكر أن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كانت قد أطلقت حملة "إن الله لا يصلح عمل المفسدين" التي تنظمها الرئاسة العامة للتحذير من السحر والشعوذة والكهانة ومُدَّعي الرقية ومظاهرها.

وتهدف الحملة إلى التوعية للمجتمع بأفراده ومؤسساته للتعامل مع المخالفات الشرعية في العقيدة، وبيان خطر السحر والسحرة، والكهان والعرافين، ومدعي الرقية الشرعية، والذين يخوضون فيما ليس لهم به علم.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org