السعودية.. إعادة ضبط التهيئة

السعودية.. إعادة ضبط التهيئة

لا شك أن السعودية تمر بظروف استثنائية على الصعيد الأمني والاقتصادي والتنموي والسياسي، وتتوثب للانتقال إلى مرحلة جديدة، تكاد تكون صناعة جديدة لهذا الكيان على مختلف المستويات، أو أشبه بعملية ضبط التهيئة، دون أن يكون ذلك على حساب الثوابت والأسس والركائز التي قامت عليها السعودية منذ تأسيسها، وبما يتوافق مع المعطيات السياسية والأمنية والاقتصادية المحلية والإقليمية والدولية.

عملية ضبط التهيئة بدأت مع بدايات عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز – حفظه الله – الذي استهله بتهيئة الجيل الثالث من أبناء الأسرة المالكة؛ ليتولوا مقاليد الحكم، ثم إلغاء كل المجالس العليا، والاستعاضة عنها بمجلس الشؤون السياسية والأمنية، الذي يترأسه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز، ومجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، الذي يتبنى مشروع التحول الوطني، الذي يشكل أبرز ملامح المرحلة؛ لأجل إحداث نقلة نوعية في الاقتصاد والتنمية، وإعادة هيكلة الأجهزة الحكومية، وإقرار وتطبيق مبدأ المساءلة والمحاسبة لكل المسؤولين المقصرين في مهامهم ومسؤولياتهم. وتزامن ذلك مع تطبيق استراتيجية حازمة لمواجهة التحديات، وتعزيز مسيرة التنمية، وحفظ مكانة السعودية على مختلف المستويات، ووضع الأمور كافة في نصابها.

من المواقف الحازمة والمهمة في هذه المرحلة الحساسة والاستثنائية مواجهة الإرهاب بكل أشكاله وصوره، بكل قوة وصلابة، ودون مداهنة، وتطبيق شرع الله على الذين استباحوا دماء الناس، وتعدوا على حرمات الله، وعاثوا في الأرض فساداً، والوقوف بكل قوة في وجه الطامعين والمتربصين بأمن المملكة واستقرارها ومقدراتها والتعدي على حدودها وتهديد أراضي الحرمين الشريفين.

ما يميز مرحلة التهيئة أن المواطنين يدركون خصوصية الظروف التي تمر بها السعودية، ويواكبون المتغيرات المحلية والإقليمية والدولية، ولديهم إحساس رفيع بالمسؤولية، وأهمية المرحلة وحساسيتها ووضعها الاستثنائي.. وتترجم ذلك اللحمة الوطنية التي شاهدناها، ووقوف المواطنين خلف القيادة صفاً واحداً في خطواتها كافة، وتأييد مواقفها، ودعم سياساتها، وتبني مشروعاتها، وقبل كل شيء الدفاع عن الوطن ضد كل من يريد النيل من مقدراته. وقد برز ذلك جلياً من خلال تأييد القرارات كافة التي تم اتخاذها، والتي تتماشى مع طبيعة المرحلة، سواء كانت لحفظ الأمن الداخلي، أو لتعزيز مسيرة الاقتصاد والتنمية، أو على المستويَيْن الإقليمي والدولي، وكذلك الأحكام القضائية التي صدرت بحق كل من تطاول على أرواح الآخرين، وعبث بحياتهم وبالممتلكات العامة والخاصة، وهدد الأمن والاستقرار.

إن ما يبعث في النفس الراحة والأمان، بل الفخر والاعتزاز، أن الجميع على قلب رجل واحد، يدركون ماذا يحدث، ولماذا يحدث، وكيف سيكون وضع السعودية مستقبلاً - بإذن الله - ويعرفون أعداء الوطن في الداخل والخارج، ويعلنون استعدادهم لتقديم أرواحهم في سبيل الدين ثم الوطن، ويشعرون بدورهم ومسؤوليتهم خلال هذه المرحلة المهمة في تاريخ السعودية، خاصة أنها تتطلع إلى وضع جديد، يستوعب كل المتغيرات، ويستجيب للاحتياجات والمتطلبات كافة التي تفرضها الظروف الداخلية والمحيطة.

هذا الانسجام والتناغم التام، واللحمة الوطنية القوية بين المجتمع والقيادة، هي توليفة النجاح، وسر القوة في التصدي للمهددات الأمنية الداخلية والخارجية كافة، والقدرة على مواجهة التحديات بالفكر والتخطيط، ورسم الاستراتيجيات المناسبة، والعبور بالسعودية ووضعها الجديد المنتظر. ومبعث ذلك التناغم والانسجام هو القدر العالي من الوعي الذي يتحلى به المجتمع، وكذلك الشفافية التي تسود العلاقة بين القيادة والمواطنين. وهذا هو الرهان الحقيقي لتجاوز كل الظروف الاستثنائية، والتعامل مع مرحلة ضبط التهيئة، وتحقيق أهداف استراتيجية السعودية على المدى البعيد بكل نجاح بتوفيق الله تعالى.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org