علاقة تاريخية لطالما جمعت المملكتين "السعودية والأردن"، تضرب بجذورها لقرابة 90 عامًا، واتسمت العلاقة بينهما دومًا بالتكامل؛ وهو ما انعكس على الاتفاقات التي عقدتها الدولتان على مدار التاريخ ما بين تبادل تجاري، ودعم سياسي، وتحالف للتأثير في القضايا الإقليمية.
في عام 2020 وقَّعت السعودية والأردن مذكرة تفاهم، نتج منها دراسة جدوى اقتصادية وفنية، تفيد بأن البلدين يمكن أن يتبادلا الطاقة الكهربائية على مرحلتين، بواقع 500 ميجاوات لكل مرحلة، على أن يتم إنشاء الشبكة عبر مسار القريات من الجانب السعودي مع شرق عمَّان مرورًا بالزرقاء بالجانب الأردني.
الأردن أعلن من جهته أن المذكرة مهمة، وتتوافق أهدافها مع الاستراتيجية الشاملة لقطاع الطاقة للأعوام 2020-2030؛ إذ إنها تخطط لتكون مركزًا إقليميًّا لتبادُل الطاقة بأشكالها كافة.
ويكمن التكامل في تلك الشبكة فيما صرَّح به الأردن؛ إذ وصف تلك المذكرة بأنها بمنزلة "انطلاقة" لمشاريع الربط الكهربائي العربي الشامل، التي من شأنها استكمال الربط بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ودول المشرق العربي مع باقي الدول العربية في شمال إفريقيا، وسيعزز ذلك السوق الإقليمية لتجارة الكهرباء، ويحقق المشروع التكامل الطاقي العربي.
ولا تقتصر الاستفادة التكاملية من تلك الشبكة على الكهرباء فحسب، وإنما يمكن للمشروع تعزيز شبكة الاتصالات بين الدول العربية، خاصة في عهد الثورة الصناعية الرابعة، وتوجه العالم نحو التقنية الرقمية.
وللمشروع وجه آخر معنوي بين المملكتين؛ إذ جاء إنشاء الشبكة الضخمة بتوجيه سامٍ من القيادتين في كلا البلدين الشقيقين؛ بهدف ترسيخ وتعزيز الروابط الأخوية المتينة التي تجمعهما.
وفي عام 2016 استقبل الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي آنذاك، بقصر اليمامة، وعقدا الاجتماع الأول لمجلس التنسيق السعودي الأردني.
وانطلقت اجتماعات مجلس التنسيق السعودي برئاسة الأمير محمد بن سلمان، وعمل الطرفان على تطوير العلاقات؛ ما أسفر عن التوقيع على مذكرة تفاهم بين صندوق الاستثمارات العامة وسلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة لإقامة مشروع استثماري تنموي في العقبة.
وتعزيزًا للشراكة عقد الطرفان اتفاقية لتجنب الازدواج الضريبي ومنع التهرب الضريبي في شأن الضرائب على الدخل بين البلدين، ومذكرة التفاهم للتعاون الصناعي بين المملكتين والبرنامج التنفيذي للتعاون بين هيئة الإذاعة والتلفزيون في السعودية ومؤسسة الإذاعة والتلفزيون في الأردن.
التوافق والمعاهدات السعودية-الأردنية متجذرة وتاريخية بشكل كبير؛ إذ بدأت في عام 1933 حينما تواصل كل من الملك عبدالعزيز آل سعود والأمير عبدالله بن الحسين –رحمهما الله- عبر برقيتين، أبديا فيهما الرغبة في بناء علاقات تعاونية وشراكة مبنية على الاعتراف المتبادل.
وسرعان ما تواصلت المملكتان، وعقدتا معاهدة تعزيز صداقة وحسن جوار وتنظيم للحدود، أعقبها تعميق كبير للعلاقات، عبر زيارة الملك سعود بن عبدالعزيز عندما كان وليًّا للعهد إلى شرق الأردن عام 1935، وتفقَّد خلالها مختلف مناطق شرق الأردن.
وامتد التعاون السعودي-الأردني أيضًا إلى دعم القضايا الإقليمية؛ إذ نجحت الدبلوماسية السعودية والأردنية بقيادة الملك عبدالعزيز آل سعود والأمير عبدالله بن الحسين في لعب دور مهم لفك الإضراب الفلسطيني في ثلاثينيات القرن الماضي، كما تشاركتا في توقيع تأسيس الجامعة العربية، وكانتا من الدول السبع التي وقعت على بروتوكول الإسكندرية.
وتوالت الزيارات المتبادلة بين المملكتين حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله-؛ إذ زار الأردن في عام 2017، وجرى خلالها بحضور جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين ملك المملكة الأردنية الهاشمية توقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم وبرامج تنفيذية وعقود بين حكومتَي المملكة العربية السعودية والمملكة الأردنية الهاشمية.
الشراكة دائمًا تعكسها الأرقام، وهذا ما كشفه اتحاد الغرف التجارية السعودية، الذي قال في تقرير له إن الاستثمار السعودي في سوق عمان المالي يحتل المرتبة الأولى من بين الاستثمارات العربية والأجنبية في الشركات المساهمة العامة المدرجة في بورصة عمان بمقيمة 1.4 مليار دولار أمريكي، أما الاستثمارات الأردنية في السعودية فبلغت 608 ملايين دولار أمريكي.
وأشار إلى أن حجم التبادل التجاري بين السعودية والأردن بلغ نحو 16.6 مليار ريال عام 2021 مقارنة بـ11.6 عام 2020. وبلغ حجم الصادرات السعودية للسوق الأردنية 11.6 مليار ريال، والواردات الأردنية للسوق السعودية 5 مليارات ريال، فيما يبلغ حجم الاستثمارات السعودية في الأردن 14 مليار دولار أمريكي، وذلك من خلال نحو 900 مشروع.