استياء العامة من "الشورى" ومن تصريحات بعض أعضائه ليس عندما يُطرح موضوع غريب، مثل المطالبة بوانيتات لبائعي الخضار، أو منح الزوج إجازة ستة أشهر مدفوعة الراتب عندما تلد زوجته، وإنما وجدوها فرصة للتعبير عن دور ومخرجات "الشورى" غير الفعَّالة.
ليس مستغربًا أن يطالب عضو أو بعض الأعضاء من الشورى بـ "وانيتات لبيع الخضار"، وتقديمها لبعض المواطنين؛ لتساعدهم في العمل ومنافسة الوافد الذي استطاع أن يؤسس نفسه.. وليس مستغربًا أن يطالب أعضاء الشورى بمطالبات مشابهة.. وجميل أن يطالب ويُسائل الوزارات والهيئات عن المصروفات والمخرجات.
المستغرب هو مدى فاعلية مطالبات الشورى بالحلول الحقيقية للبطالة والوظائف المجدية والغلاء ومشاريع الإسكان والخدمات الصحية والتعليمية.. لا أتساءل عن مطالبة الشورى ونقاشاتهم، بل أين فاعلية مطالباتهم بهذه الشؤون؟ وهل تم وضع حلول للبطالة والغلاء والإسكان؟
طبعًا العذر دائمًا بأن أدوار الشورى هي المساءلة والمناقشة والتوضيح والتوصية وليس التنفيذ.. إذًا، بما أن المخرجات التنموية دون التطلعات، مع أن الشورى بذل قصارى جهده في هذه المخرجات، فهذا دليل على عدم فاعلية "الشورى" في الشؤون التنموية المهمة، وعلينا مساءلة فاعلية ودور الشورى في العجلة التنموية.
أدوار "الشورى" وعدم فاعليتها فيما سبق ذكره موضوع واحد، ولكن الموضوع الأهم من ذلك هو عدم مطالبة وحرص الشورى على التطوير.. أين توصياتهم في تطوير التعليم؟ أين متابعاتهم في ذلك؟ وأين مخرجاتها؟ وكذلك تطوير الصناعات وتطوير مراكز البحوث والدراسات.. وأين مطالبة الشورى بتطوير ريادة الأعمال؟ والابتكارات والحقوق الفكرية وبراءة الاختراعات، وتحويل الاختراعات إلى منتجات؟ وهل من حضور للشورى في ذلك؟ وفاعلية؟
لنسأل أنفسنا: كم مرة ناقش الشورى هذه الأمور؟ وكم من الدراسات التي تعملها لجان الشورى تهتم بهذه الأمور؟ الشورى يهتم لأمور "وانيت بائع الخضار" و"قصر وقت الانتظار بين الأذان والإقامة"، وما شابه.. ومصيبة أن تكون المطالبة بالتطوير جزءًا يسيرًا من ذلك، أو ليس ضمن أعمال الشورى.
عندما تُناقش بعض أعضاء الشورى تجد منه كلاماً جميلاً عن المجلس وإنجازاته، ثم يبدأ بتقديم الأعذار والأسباب لعدم فاعلية ذلك معللاً بأن أسباب التعثر جهات أخرى.. هو بذلك يؤكد عدم جدواهم.
أعضاء مجلس الشورى الرجال والنساء أصحاب كفاءات عالية، وغالبيتهم أطباء وأساتذة جامعيون ومسؤولون سابقون في الدولة والقطاع العسكري، وبعضهم وزراء سابقون.. ومع هذه الكفاءات لا تجد الأعمال والمخرجات بمقومات وعوامل النهوض بالتنمية والاقتصاد والمجتمع من دور للفكر وبيوت للخبرات وريادة الأعمال.
لا يجهل أيٌّ منا مدى "استياء الشارع" من "الشورى" وتصريحاتهم وأخبارهم ومخرجاتهم.. فالمسألة ليست حدثًا معينًا، ولكن الاستياء أصبح في العقل الباطن للمواطن، وهو عدم الارتقاء لمخرجات مُرضية ومطالبات فعَّالة؛ فالشورى ناقش أمورًا مهمة مثل (تعديل المادة الـ77، المطالبة برفع القروض المنتجة، نظام إقرار الذمم، مناقشة نزاهة، تجنيس أبناء السعوديات وغيرها).. والكل يعلم ذلك، وأيضًا يعلم أن المخرجات لا ترتقي للتطلعات؛ فالبطالة والوظائف والغلاء والإسكان جميعها ناقشها وأوصى بها الشورى، ولكن ما هي النتيجة النهائية؟