يؤكد كتاب ومحللون سياسيون سعوديون أن انشقاق المعارضة السورية ودخول التنظيمات الإرهابية على خط الثورة السورية هما أكبر الأخطاء التي أدت إلى سقوط حلب، إلى جانب ضعف الموقف العربي وخذلان الموقف الأمريكي، معتبرين أن ما حدث في حلب معركة خسرتها المعارضة ولكنها ليست نهاية الحرب، ومن أبرز الصور التي رافقت سقوط حلب وتجول القائد الإيراني "قاسم سليماني" في شوارعها، انشغال الناس بقضية أن "زنا المحارم أهون من ترك الصلاة"، حسب الكاتب الصحفي صالح الشيحي.
"الشيحي": " سليماني" في شوارع حلب
وفي مقاله "بين السويلم وسليماني" بصحيفة " الوطن" يرفض الكاتب الصحفي صالح الشيحي إشغال الناس بقضايا في غير زمنها الملائم، فيقدم الشيحي صورتين متناقضتين بين سقوط حلب و"زنا المحارم"، يقول الشيحي " قبل يومين توقفت قرابة ساعة كاملة -دون مبالغة- أمام صورة القائد الإيراني "قاسم سليماني" وهو يتجول وسط شوارع حلب، هي ليست شوارع، بل أطلال وخرائب، كنت -ولا أبالغ- أقاتل لطرد خيالاتي حول الأحلام الزائفة التي تجول في نفس قاسم سليماني بالتجول في مدن الخليج.. دون ذلك الموت يا قاسم.. "ونحن جزيرة العرب افتداها.. ويفديها غطارفة وأسد.. ونحن شمالنا كبرٌ أشم.. ونحن جنوبنا كبرٌ أشد".
المهم أيها السيدات والسادة، ذهبت أبحث عن ردة فعل المجتمع حيال الصورة الصادمة.. فوجدت ما يثير الحزن.. وجدت فضيلة الشيخ عبدالله السويلم -مع تقديري له ولغيرته- يثير قضية جدلية لا مناسبة لها مطلقا، إذ ذهب للقول إن "زنا المحارم" أهون من ترك الصلاة.. وخلف هذا الرأي آلاف النقاشات، والتغريدات، والسجالات، والهمز واللمز، والجدل العريض، انشغل الناس بهذا الرأي! .. "قاسم سليماني" يتجول في الشام، ينظر باتجاه باقي العواصم العربية، والشيخ الفاضل "عبدالله السويلم" يتصارع مع المجتمع حول ترك صلاة الفجر وزنا المحارم! .. إن لم نتحرك الآن ونستشعر مسؤولياتنا الوطنية الكبيرة.. فمتى سنفعل!".
أخطاء حلب
وفي مقاله " أخطاء حلب" بصحيفة " الشرق الأوسط" يرصد الكاتب والمحلل السياسي عبد الرحمن الراشد، مجموعة من الأخطاء السياسية والإستراتيجية وقعت فيها المعارضة السورية والأطراف الإقليمية والدولية، وانتهت بسقوط حلب، ولكن الراشد يبدأ بتأكيد هام وهو أن الحرب لم تنته بعد ويقول " ما يجري في سوريا حرب، وفي الحروب نعرف كيف تبدأ، لكن لا أحد يجزم كيف ستنتهي .. حلب، كبرى المدن، بدأت بانتفاضة من أهلها، وانتهت بسقوطها في الأيام الماضية في قبضة تحالف نظام دمشق مع الإيراني والروسي. لكن الحرب لم تنته؛ حيث بقيت نحو نصف أراضي البلاد خارج سيطرتهم، فلا يستعجلن أحد النهايات مهما بالغوا في الدعاية والاحتفالات .. وحلب بالفعل كانت معركة مهمة تستوجب المراجعة، وسقوطها لا يعبر عن انتصار حلف الأسد بل عن فشل حلف الثوار وحلفائه في إدارة الأحداث".
حيلة الأسد
ثم يقدم الكاتب أول خطوة قام بها الأسد لضرب الثورة، يقول الراشد "النظام لجأ إلى حيلة تخويف العالم من الإرهاب فأفرج عن معتقلي الجماعات المتطرفة، زاعمًا أن المعارضة ليست إلا ( القاعدة )، وبالفعل تأسست جماعات متطرفة مسلحة موازية للمعارضة. ( داعش ) بكل تأكيد هو امتداد لتنظيم الزرقاوي (القاعدة)، وقد كرر النظام السوري خبرته وتجربته؛ حيث إنه كان الراعي للمعارضة العراقية، خاصة المتطرفة المحسوبة على ( القاعدة ) . ( داعش ) ظهر بقوة، وبدعاية صاخبة، بإعداماته الاستعراضية البشعة التي روعت ونفرت العالم مما يحدث في سوريا .. لكن تنظيمات أخرى متطرفة ولدت لاحقًا، أبرزها «جبهة النصرة»، أيضًا هي امتداد لتنظيم «القاعدة»، لم تكن محسوبة على النظام السوري. وبكل أسف وجدت تأييدًا من أطراف إقليمية، وسمح لمقاتليها بالعبور، ووجدت الرعاية الإعلامية .. كان من المؤكد أن دخول تنظيمات دينية متطرفة مسلحة سيخدم النظام وسيخيف الحكومات الإقليمية والدولية. فالأردن الذي كان ممرًا ومقرًا تراجع وقلص دوره. السعودية شنت حملة كبيرة تطارد كل من تثبت له علاقة بدعم هذه الجماعات أو يحاول السفر للالتحاق بها".
انشقاق المعارضة
وعن ثاني الأخطاء يقول الراشد "انشق معسكر حلفاء المعارضة السورية إلى فريقين؛ فريق مع الجيش الحر، وهو يمثل المعارضة الوطنية، وفريق مع التنظيمات المتطرفة، اعتقادًا أنها أسرع وأقوى، وهي رد على تحالف قوات النظام الوحشي. بدت سوريا كما لو أنها ساحة تنافس على القيادة الإقليمية، فتكررت أخطاء لبنان، عندما انقسمت القوى الإقليمية بين مؤيد لـ(حزب الله) ومناصر لفريق (المستقبل)، في معركة عززت وضع إيران ومكنت الأسد وحلفاءه من اغتيال العديد من القيادات المعتدلة والهيمنة على لبنان .. الذين دعموا (جبهة النصرة)، وبقية التشكيلات المتطرفة، عمليًا ساندوا النظام السوري وسهلوا على إيران وروسيا وميليشياتهم الوجود بحجة مقاتلة الإرهابيين .. حرب السنوات الخمس في سوريا دارت وتدور بين فريقين رئيسيين؛ بين قوى تمثل غالبية الشعب السوري، والنظام الأمني العسكري، وفيها أيضا الجيوب الإرهابية التي تمثل خطأ استراتيجيا خطيرا. ولا يبرر تحالف النظام مع «داعش»، خاصة في الرقة، وشراء البترول منه، اللجوء إلى «جبهة النصرة»، لأن مشروع الثورة ومشروعيتها يتناقضان مع الاعتماد على جماعات متطرفة. وإلى عام 2015 كان الجيش السوري الحر الذي يهيمن على معظم سوريا، وكانت مظلته السياسية (الائتلاف الوطني)، قد برهن على التنوع والتعددية وتمثيل مكونات المجتمع السوري".
الأطراف الإقليمية
ثم يقدم الراشد الخطأ الذي سقطت فيه أطرافا اقليمية حين ضغطت على الجيش الحر، يقول الراشد "بكل أسف، وبسبب التنافس، تم التضييق إقليميًا على الجيش الحر من الحلفاء أنفسهم. ومع ظهور الجماعات الإرهابية على جانبي المعركة وجدت الدول الغربية حجة تبرر لنفسها منع المعارضة من الحصول على الأسلحة النوعية مما سهل على النظام تنفيذ عمليات القصف الوحشية والإبادة والتهجير للتجمعات البشرية في المدن".
الأطراف الدولية
وينهي الراشد قائلا "هذه الأخطاء ليست وحدها وراء سقوط حلب، وتقلص المناطق المحررة، حيث إن دخول إيران وروسيا الحرب، وتساهل الإدارة الأميركية مع قيام هذا التكتل الضخم، تسببا في الوضع المأساوي الذي نراه اليوم.
ليست النهاية
وينهي الراشد قائلا "مع هذا فإن المعادلة القائمة على الأراضي السورية التي مكنت النظام وحلفاءه من التفوق لا يمكن أن تدوم لأسباب سورية داخلية، حيث لا تزال الأغلبية معادية للنظام رغم نجاحه في تهجير خمسة ملايين سوري إلى خارج البلاد، وكذلك بسبب ضرورات التوازن الإقليمي الذي لا يحتمل التمدد الإيراني في العراق وسوريا ولبنان واليمن".
ضعف النظام العربي
وفي مقاله " فشل النظام العربي أدى إلى سقوط حلب!" بصحيفة " المدينة" يرصد الكاتب والمحلل السياسي سعيد الفرحة الغامدي ضعف النظام العربي وتجلي ذلك الضعف في حلب، يقول الغامدي " الذي حصل وما زال يحصل يعبر بجلاء عن وهن أصاب الأمة العربية في مقتل وأصاب نظامها الذي لم يواكب المستجدات على الساحتين المحلية والدولية وأصبحت الجامعة العربية مجرد هيكل بلا روح لانعدام الإرادة العربية وتعطُّل كل فعل إيجابي يفترض أن تقوم به. وقد تكلل فشل الجامعة والنظام العربي بكامله في ضياع فلسطين والعراق وسوريا ولا أحد يعلم من سيلحق بالركب بعد أن أصبح القرار بيد الآخرين يُديرون الصراع في المنطقة كما تمليه عليهم مصالحهم".
تحذير للخليج
ثم يرصد الغامدي التماسك الخليجي، وهو يحذر ويطالب باليقظة ويقول " في خضم المشهد الأليم بقيت دول مجلس التعاون الخليجي متماسكة بتركيزها على مشاريعها التنموية واستيعاب متطلبات شعوبها .
وبعد أن أصبح التآكل والتهاوي للعواصم العربية واحدة تلو أخرى فلا بد من يقظة شاملة لمواطني مجلس التعاون حتى لا يتسلل الأعداء الذين يحرصون على أن تتكرر مشاهد الموصل وحلب وغيرها في أماكن أخرى ، ويروا العرب وقد أصابهم ما أصاب أهل الأندلس العرب من الانهيار الذي طُويت معه صفحة تواجد لمدة ثمانية قرون.!".
انكشاف النظام العربي
ويخلص الغامدي إلى القول بأنه "في غياب سلاح ردع عربي يهاب منه الأعداء وانسحاب أمريكا كحليف ضامن للأمن والاستقرار في المنطقة وانحياز روسيا لصالح الأسد فإن النظام العربي انكشف بالكامل ولم يعد له أثر في الوقت الراهن .. إن استمرار إدارة الشؤون السياسية على منوال الأمر الواقع سيجر لمزيدٍ من الانهيارات ما لم يتدارك القادة ذلك والخروج بخطة فاعلة للتصدي للمد الصفوي الذي يتباهى بانتصاره في سقوط حلب ، ويزيد من تعنت الحوثيين في اليمن بعدم التوصل لحل سياسي يعيد سُلطة الحكومة الشرعية على اليمن".