تحدث لـ"سبق" رئيس لجنة أصدقاء التراث بمحافظة ينبع، عواد بن محمود الصبحي، أنه باحتفال المملكة باليوم الوطني السادس والثمانين نتذكر أحداثًا مهمة سطرها التاريخ بالمواقف والعطاء وسوف نستعرض حدثًا مهمًا من أحداث الوطن التاريخية ففي اليوم العاشر من شهر صفر عام 1364 هـ سجل التاريخ في أجنداته يومًا تاريخيًا مشهودًا جرت أحداثه على شاطئ شرم ينبع البحر أو ما يعرف "بخليج رضوى" حيث استقبل الملك عبد العزيز آل سعود- طيب الله ثراه- ضيفه ملك مصر الملك فاروق آخر من حكم مصر من أسرة محمد علي في زيارة رسمية للمملكة العربية السعودية.
وأضاف "الصبحي": كما يروي كبار السن ممن عاصروا هذا الحدث وبما تم توثيقه في كتب التاريخ فقد أُقيم هناك في ساحة واسعة وأرض منبسطة لا تبعد كثيرًا عن شاطئ البحر مخيم كبير حيث حول الموقع الصحراوي إلى ما يشبه المدينة المتحركة بأنوارها المتلألئة وأعلامها الخفاقة وسرادقاتها الفسيحة وشارك في إعداد وتهيئة الموقع عدد كبير من الفنيين والمهندسين والمتخصصين في أعمال الكهرباء والاتصالات والمبرقات والتجهيزات الأخرى وقد جاؤوا خصيصًا من مدينة جدة ومكة المكرمة لهذا الغرض.
وتابع: وهناك على شاطئ الخليج أنشئت "سقالة" خاصة تصل البحر الذي يرسو فيه يخت الملك فاروق بالشاطئ وما زالت آثارها باقية إلى اليوم ومع كل هذه الاستعدادات كانت مظاهر الفرح ظاهرة على محيا الملك عبد العزيز والوفد الكبير المصاحب له من أبنائه ومرافقيه والمسؤولين باعتبار هذا اللقاء مهمًا لتأسيس علاقة قوية بين الدولتين الكبيرتين على أسس من التعاون المشترك والتفاهم الذي يصب في مصلحة العرب جميعًا ولعل أهم ما تمخض عنه هذا اللقاء التاريخي المهم بعد عددٍ من الاجتماعات واللقاءات هو الاتفاق على مشروع تأسيس "الجامعة العربية".
وأوضح "الصبحي": وقد صدرت بيانات متلاحقة عن هذا اللقاء نصوصها موجودة في الكتب والوثائق التاريخية وبثته وسائل الإعلام والصحف الأجنبية والمحلية آنذاك بعد أن أذيعت البيانات الرسمية الصادرة عقب اللقاء أما الأثر الآخر الذي بقي إلى يومنا هذا هو "فرن" خاص أنشئ في الموقع لإمداد هذا العدد الكبير من الحاضرين والضيوف والحاشية الملكية بالخبز الطازج والحلوى وقد بناه أحد أبناء ينبع وما زال أثر هذا الفرن باقيًا.
وتابع: وعندما تأثر هذا المخبز بعامل الزمن وتهدمت أجزاؤه وصل الخبر لسمو أمير منطقة المدينة المنورة الأمير فيصل بن سلمان بن عبد العزيز فقام بزيارة ميدانية ووقف على الموقع شخصيًا عام 1434هـ وتم التنسيق مع الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني ومع المهتمين بالتراث وما زال العمل جاريًا لترميم الموقع بالكامل وتهيئته كموقع سياحي أثري يعبّر عن حدث مهم جرى على أرض ينبع وذلك بالتعاون مع أحد رجال الأعمال الذي يملك المساحة الشاملة للموقع.
وأردف "الصبحي": أما الحدث المصاحب لهذا اللقاء التاريخي فهو يخص ينبع وتلبية الملك المؤسس لدعوة الأهالي وبعد أن كثرت الدعوات من كبار الشخصيات والأعيان، كان للملك عبد العزيز موقف جميل كما رواه الحاضرون فقد كان ملزمًا بالمغادرة إلى الرياض ولا يسمح وقته بالبقاء في ينبع لتلبية هذه الدعوات فأشار على الداعين باختيار دار واحد من الأهالي ليزورها الملك وتكون بمثابة زيارة للجميع.
وقال "الصبحي": في صباح يوم مغادرة جلالته لينبع استقبله الأهالي عند مدخل البلدة التي تزينت شوارعها بالزينات والأعلام والحشود الشعبية وفي دار شيخ التجار مصطفى سبيه عميد الأسرة، وبحضور أمير ينبع آنذاك حمد العيسى أقيم للملك حفل خطابي كبير وامتلأت ساحة الباب الكبير بالأهالي الذين جاؤوا يحيونه وألقيت الخطابات الترحيبية والقصائد الشعرية وكان الملك يبادلهم الحب ويتحدث إليهم ببساطته المعروفة.