
وسن حسن الشريف، صاحبة الـ ١١ عاماً، من الصف السادس بتعليم مكة المكرمة، منذ صرختها الأولى مع الولادة خُلقت بداء الفقاع الجلدي، وهو مرض نادر من أمراض المناعة الذاتية، يسبب ظهور تقرحات على شكل فقاعات تحتوي سوائل تنتشر على الجلد، ويصيب عادة الأفراد فوق سن الأربعين، كما تقول والدتها التي طافت بها المشافي، ولم تترك بوابة للأمل الطبي إلا وطرقتها، ولم تجد لها العلاج إلا الفرج القريب من الله بإذنه تعالى.
ولم يهزم المرض "وسن" التي لم تستسلم لكل الآلام التي تصيبها، دخلت تحدي القراءة وخاضت التجربة بقراءة ٥٠ كتاباً حفظت منها ١٠ كتب. تحكي "أم وسن" معلمة الدين بمكة عن قصة تحدي "وسن" بالقراءة وتقول: "وسن" تملك ملكة الحفظ، وتحب قراءة القصص، وخاصة الدينية، وتميل إلى الاستماع إلى القصص التاريخية السماعية، وقد تأثرت بقصة أيوب عليه السلام مع الصبر، وقالت لي يومها: "ماما متى يصل عمري إلى ١٤ سنة وأشفى"! وتردد دائماً: "إن الله مع الصابرين".
وأضافت: "وسن" تهتم بالتفاصيل والأحداث خلال قراءتها حتى لفت نظرها اسم "مريم" في القرآن الكريم في قول الله تعالى: "عيسى ابن مريم"، وسألتني: لماذا "عيسى ابن مريم، هل اسم مريم ذكر؟"، حتى شرحت لها قصة البتول وعظيم صبرها وتحمّلها وقصص أنبياء الله في الصبر.
تابعت "أم وسن" حديثها عن تجربة تحدي القراءة مع "وسن": كانت تقرأ "وسن" الكتب وأكتبها عنها؛ نظراً لظروفها الصحية، وتقديراً من أعضاء لجنة تحدي القراءة، وأستمع لها جيداً فيما تريد كتابته، ولا أتدخل إلا بالتوجيه وبعد مشورتها، حيث لا أريد أن أفرض رؤيتي الخاصة على آرائها التي تبهرني بالعادة لحدة انتباهها للتفاصيل والمعاني خلال القراءة.
وعن مشاركاتها بالميدان التعليمي قالت: "وسن" لها مشاركات عديدة مثل اليوم العالمي للإعاقة، وقد نالت مشاركتها إعجاب المدير العام للتعليم بمنطقة مكة المكرمة محمد بن مهدي الحارثي، وقدّم لها درع التكريم، كما شاركت في اليوم العالمي للغة العربية، وحظيت بإعجاب الجميع؛ لفصاحتها وقوة شخصيتها ومقدرتها اللغوية.
وأردفت: ابنتي تتميز بسرعة الحفظ والبديهة والذاكرة القوية، وتحب العمل، ويمكنها إنجاز أي عمل يُسند لها، ولها هواياتها في الخياطة والرسم وترتيب غرفتها وأغراضها الخاصة، وتبقى القراءة عشقها الأول. كما قدّمت والدة "وسن" شكرها وتقديرها لـ"تعليم مكة" الذي لم يألُ جهداً في مساندة "وسن" وتحفيزها ودعمها لتحدي الصعوبات التي واجهتها خلال مرضها، وعلى رأسهم المدير العام للتعليم بالمنطقة محمد بن مهدي الحارثي، الذي وقف بصدق مع ظروفها، كما خصّت بشكرها منسقة مشروع تحدي القراءة الأستاذة سعيدة الرشيدي، التي بدورها عززت وساندت وكرّمت "وسن"؛ لمشاركتها في التحدي، ولم تستجب لصعوبات مرضها.