"العاصوف" فتح مسلسل الدماء واستغلال أرباب الإرهاب ظروف الشباب لتجنيدهم
انتهى مسلسل "العاصوف" بجزئه الثالث أول أمس، حاملًا مواضيع ساخنة حضرت في ذاكرة السعوديين خاصة جيل الستينيات وما عقبها، وناقش بعض ما علق في أذهان الكثير من حوادث دموية تبنّتها جماعات متشددة راح ضحيتها العشرات وواجهتها الأجهزة الأمنية ببسالة، ولاحقت بعض عناصر هذه الجماعات منهم من قتلوا في المواجهات وبعضهم قُدم للعدالة القضائية ونال جزاءه.
فمن منا ينسى مشاهد الدم وصوت التفجيرات في بعض مناطق المملكة وترويع الآمنين باسم الدين، في ممارسات عنوانها الإرهاب ومنفذوها اعتنقوا أفكارًا متوحّشة شجعتهم على إخافة الآمنين ومهندسي هذه العمليات يعيشون في الخارج لكن أفكارهم عابرة للحدود وبعضهم حرّض المغرر بهم وفضّل هو العيش الرغيد.
فكان للسعودية مواقف شجاعة مشرّفة استطاعت بفضل الله القضاء عليهم وتجفيف منابعهم، فنفذت حكم القصاص ببعضهم قبل أشهر بعد محاكمات طويلة ومداولات للقضايا.
"العاصوف" الذي طوى آخر حلقاته بمشهد تراجيدي مؤثر بطله الفنان محمد السعيد الذي تقمّص دور "سامي الطيان" الشاب المراهق الذي عاش مرفهًا وسط أسرته وتنقل في حياته بين محطات وتحولات متذبذبة خطيرة، حتى اختطفته جماعات متشددة استغلت ظروفه الاجتماعية، فتأثّر بهم وترجم أفكارهم لأفعال حتى شارك بتفجير مجمع سكني محاكاةً لتفجير مجمع العليا السكني عام 1995.
فضاع شاب يافع وحيد والديه وراح ضحية الانحرافات العقدية والفكرية فكان صيدًا سهلًا للتطرف الدموي لتنتهي حياته بالسجن، وهو واقع نقلته الدراما لحياة من استغل الإرهاب ظروفهم العائلية واستطاع تجنيدهم في صفوفه وحقن في أذهانهم عقيدة لا تُمثّل سماحة الدين ولا صيانة الدماء.
مشهد الختام للعاصوف جاء مؤثرًا؛ إذ ظهر الشاب المتشدد "سامي" محاطًا بوالديه يناقشانه عن جريمة التفجير، لكن كانت المفارقة الصادمة لهما أنه لم يبدِ أي حسرة وندم على العبث بمقدرات الوطن وسفك الدم؛ ما يعني تشرّبه للأفكار الهدّامة، لكن بعدما رحلوا دهمته صحوة ضمير وتمنى أنهم لم يغادروا.
وقال الفنان محمد السعيد لـ"سبق": "بالنسبة لأدائي هذا الدور كان صعبًا، فأنا لم أشهد تلك المرحلة في الحياة السعودية لكن لم أمانع عندما عُرض علي في مسلسل سعودي ضخم هو الأبرز هذا الموسم، فجسّدت شخصية شاب وحيد يعيش في كنف والديه ثم تعرض لصدمة زواج والده على والدته، ثم حلاقة الهيئة شعره حتى إنه لم يستطع إطالة شعره مرة أخرى وأصيب بعقدة، وغيرها من التحولات فكانت الشخصية معقّدة لكن أتقنتها بتوفيق الله ثم بوجود عمالقة حولي".
وأضاف: "فأنا قادر على أداء التراجيدي حتى استطعت إبكاء المشاهد، كما أني قادر على رسم الابتسامة لو لعبت الكوميدي، لكنها تجربة نوعية في مسيرتي ووفقنا فيها، فكانت شخصية "سامي" حاضرة في عقل المشاهد، وردود الفعل مبشّرة ومحفّزة".
واستدرك بالقول: "شخصية سامي هي ترجمة لحياة الكثير من ضحايا الإرهاب ممن وقعوا فرائس لهذا الفكر، فبعض منفذي العمليات التفجيرية صغار سن، وبعضهم نشأ في بيئة لم تكُ مستقرة أساسًا ومضطربة، وكانت رحلة التشدد مجرد انتقال من تناقضات ومحطات نفسية أكثر من كونها تأسيًا برسولنا الكريم صلّى الله عليه وسلم، أو تطبيقًا للشريعة".
وأضاف: "في حقبة زمنية مضت عاش السعوديون، أو بالأصح سمعوا وقرؤوا بيانات الداخلية وبطولاتهم تجاه أرباب الإرهاب والجهود المبذولة في هذا الصدد، فكان الهدف الأسمى من هذه الشخصية هي النصيحة، فدور الدراما ترجمت الواقع عبر رسائل إيجابية حتى تتنبه الأسر لأبنائها".
واختتم متحدثًا عن حلاقة شعر رأسه من قبل بعض أفراد الهيئة: "كان موقف الهيئة للشاب سامي موقفًا مختلفًا وراسخًا في ذاكرة السعوديين، فكانت هناك حوادث التحفّظ على بعض الشباب وحلاقة شعورهم وهو الذي عايشته بالمسلسل ووفقت في نقل لحظات مرّت على بعض الشباب، وهذا ما لمسته في مواقع التواصل، وصولًا للتحوّل الكبير في حياة الشاب المراهق سامي الذي اعتنق أفكارًا أكثر خطورة دفعته للتفجير بدوافع تتصادم مع الدين والقانون".