سيطرت حالة من الحزن في المملكة بعد الإعلان صباح اليوم الجمعة، عن وفاة الشيخ والأديب محمد بن ناصر العبودي، المتخصص في دعوة غير المسلمين للإسلام والرّحالة المعروف، عن عمر يناهز 97 عامًا، بعد أزمة صحية ألمت به خلال الفترة الماضية، كما تحولت صفحات محبّيه عبر وسائل التواصل الاجتماعي إلى دفتر عزاء لنعي الشيخ الراحل وتذكّر أبرز إنجازاته ومؤلفاته، داعين المولى عزّ وجلّ أن يتغمده برحمته ويلهم أهله الصبر والسلوان.
والمعروف أن "العبودي" هو أحد أهم رواد أدب الرحلات في المملكة، وقد وطأت قدماه معظم بقاع الأرض وله أكثر من 220 كتابًا تتنوع بين الرحلات والتاريخ والجغرافيا واللغة والأدب والأنساب والتراث الشعبي وأدب السيرة، حيث كان يُعرف برحلاته العلمية والدعوية التي حرص فيها على تدوين أبرز مشاهداته عن جوانب ثقافات متعددة لشعوب العالم، وتفحص المعالم، والآثار، والمتاحف، والمناظر الطبيعية، وأحوال الشعوب، ودياناتهم ومستوياتهم الحضارية، والمدنية، والاقتصادية.
وعبر وسم حمل اسمه على تويتر، عبّر الكثيرون عن حزنهم الشديد برحيل الشيخ العبودي، حيث كتب أحدهم: "إلى رحمة الله، شيخنا، راحة عيناي، وإلهامي، الموسوعي، العالم، ناشر العلم والدعوة، وعميد الرحالة محمد بن ناصر العبودي رحمه الله، وجعله في جناته الفسيحة، اللهم عظم أجرنا، واقبله بين عبادك الصالحين".
كما قال آخر: "رحل الشيخ محمد بن ناصر العبودي بعد مائة عام من التعلم والتعليم والكتابة والدعوة والسياحة على الأرض لخدمة الإسلام والمسلمين، اللهم اغفر له وارحمه، واصفح عنه، واجمعنا معه ومع والدينا في جنات النعيم. امين امين. إنا لله وإنا إليه راجعون".
كما أضاف ثالث: "فقدت السعودية اليوم الشيخ الرحالة والداعية والأديب محمد بن ناصر العبودي، زار أكثر من مئة دولة وألّف 220 كتابًا بين الرحلات والتاريخ، وأثرى المكتبة الصوتية بها، قدم برنامج عن قصص رحلاته في سبيل الدعوة عبر إذاعة القرآن الكريم، رحمة الله عليه واسكنه فسيح جناته".
وٌلد الشيخ محمد بن ناصر العبودي، في عام 1345هـ في اليوم الأخير من شهر ربيع الثاني من شهر جمادى الأولى، في مدينة بريدة السعودية، وتلقى تعليمه الأولي فيها في أحد الكتاتيب، ثم في المدرسة الحكومية، على يد العديد من الشيوخ منهم العلامة الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد، والشيخ عمر بن محمد بن سليم، والشيخ صالح بن أحمد الخريصي، والشيخ صالح بن عبد الرحمن السكيتي، وغيرهم الكثير.
بدأ الشيخ "العبودي" حياته مدرسًا ثم مديرًا للمعهد العلمي في بريدة لمدة سبع سنوات، ثم أصبح الأمين العام للجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة لثلاثة عشر عامًا، وفي وقت لاحق أصبح وكيلًا للجامعة نفسها لمدة سنة واحدة ثم مديرًا لها، ثم شغل منصب الأمين العام المساعد لرابطة العالم الإسلامي.
وقد ساعدته المناصب الهامة التي تقلّدها على توسيع دائرة ثقافته ومعرفته في موضوع أدب الرحلات، حيث زار عدد كبير من دول العالم مما زاد من ذخيرته الثقافية، ليكون أحد أشهر المؤلفين في أدب الرحلات لدرجة أن أطلق عليه لقب "رحّالة العصر الحديث".
صدر للشيخ محمد العبودي عشرات الكتب في مجال أدب الرحلات منها " إلى جنوب الشمال: بلاد السويد" ، فطاني أو جنوب تايلند ، راجستان: بلاد الملوك (من سلسلة الرحلات الهندية)، سطور من المنظور والمأثور عن بلاد التكرور، رحلة في مالي وحديث عن ماضيها المجيد وحاضرها الجديد، حديث قيرغيزستان دراسة في ماضيها ومشاهدات ميدانية، زيارة رسمية تايوان، في غرب الهند (من سلسلة الرحلات الهندية)، أيام في فيتنام، غيانا وسورينام، في جنوب الهند (من سلسلة الرحلات الهندية)، المسلمون في لاوس وكمبوديا: رحلة ومشاهدات ميدانية، سياحة في كشمير، من أنغولا إلى الرأس الأخضر، الرحلة الروسية، بين الأوروغواي والباراغواي، كنت في ألبانيا، في جنوب الصين، أيام النيجر، كنت في بلغاريا، ذكريات من يوغسلافيا ، مقال في بلاد البنغال، جمهورية أذربيجان، مع المسلمين البولنديين، جولة في جزائر البحر الزنجى أو حديث عن الإسلام والمسلمين في جزر المحيط الهندي رحلات إلى موريشيوس ورينيون وجزر القمر وزنجبار وسيشل ، مدغشقر بلاد المسلمين الضائعين، جولة في جزائر البحر الزنجي".
أمّا أشهر مؤلفاته في الأنساب فهي: "معجم أسر القصيم وهو سفر كبير يضم مجموعة من الكتب منها: معجم أسر بريدة في ثلاثة وعشرين مجلدًا، معجم أسر عنيزة، معجم أسر شمال القصيم، معجم أسر جنوب القصيم، معجم أسر شرق القصيم، معجم أسر غرب القصيم".
وفي المجالات الأخرى ألّف "العبودي العديد من الكتب ومنها: "أخبار أبي العيناء اليمامي- الأمثال العامية في نجد، 5 مجلدات- كتاب الثقلاء- نفحات من السكينة القرآنية- مأثورات شعبية- سوانح أدبية- صور ثقيلة- العالم الإسلامي والرابطة- مشاهد من بريدة- أخبار الملا بن سيف- أخبار مطوع اللسيب- هذا ما استوحيته من الناس- جهود الملك فهد رحمه الله لخدمة الإسلام والمسلمين- المارتينك وباربادوس- العلاقات بين المملكة العربية السعودية وتركيا- بورتريكو وجمهورية الدومينيكان- مطوع في باريس- المستدين- موضي وبناتها- المقامات الصحراوية".