أكد رئيس مجلس إدارة جمعية آفاق لعلوم الفضاء بالطائف، الدكتور شرف السفياني، أن تغيُّر المناخ هو تغيُّر طويل الأجل في متوسط أنماط الطقس، سواء على الصعيد العالمي أو الإقليمي.
وقال متحدثًا لـ"سبق": "حدث تغيُّر المناخ مرات عديدة في تاريخ الأرض، ولأسباب عديدة مختلفة، ومع ذلك فإن التغيرات في درجات الحرارة العالمية وأنماط الطقس التي نشهدها اليوم ناتجة من النشاط البشري، وهي تحدث بشكل أسرع بكثير من التغيرات المناخية الطبيعية في الماضي".
وأضاف الفلكي "السفياني": "لدى العلماء العديد من الطرق لتتبُّع المناخ بمرور الوقت، وكلها توضح أن تغيُّر المناخ اليوم مرتبط بانبعاث الغازات الدفيئة، مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان؛ إذ تحبس هذه الغازات الحرارة من أشعة الشمس بالقرب من سطح الأرض، تمامًا مثل البيوت المحمية للزراعة التي تحافظ على الحرارة بالداخل. ويمكن أن تؤدي التغيرات الصغيرة في نِسب الغازات الدفيئة في الهواء إلى تغيرات كبيرة على النطاق العالمي في متوسط درجات الحرارة العالمية؛ ما يسبب الاحترار العالمي".
وردًّا على سؤال: كيف تعرَّف العلماء على تغير المناخ عبر الزمان؟ قال الدكتور السفياني: "تعرفوا عن طريق دراسة الجليد والرواسب والكهوف والشعاب المرجانية وحلقات الأشجار. ويمكن للباحثين النظر في الإشارات الكيميائية، مثل ثاني أكسيد الكربون المحاصَر في الفقاعات داخل الجليد لتحديد ظروف الغلاف الجوي في الماضي، كما يمكنهم دراسة حبوب اللقاح المتحجرة المجهرية لمعرفة الغطاء النباتي المستخدم للنمو في أي منطقة معينة، التي بدورها يمكن أن تشير إلى شكل المناخ".
وأضاف: "كما يمكن للعلماء قياس حلقات الأشجار للحصول على سِجل موسمي لدرجة الحرارة والرطوبة، كما يمكن أن تكشف نِسب التغيرات الكيميائية للأكسجين في الشعاب المرجانية والهوابط والصواعد عن أنماط هطول الأمطار الماضية". مؤكدًا أن رواسب المحيطات لا تحمل تفاصيل موسمية، لكنها يمكن أن توفر صورًا للمناخ، تعود لملايين السنين. وسجلات حلقات الأشجار قصيرة نسبيًّا، ولكنها تحمل تفاصيل بشكل كبير.
ولفت الفلكي "السفياني" إلى أنه قبل الثورة الصناعية كان هناك نحو 280 جزءًا في المليون من ثاني أكسيد الكربون لكل مليون جزيء في الغلاف الجوي. وفي عام 2021 وصل متوسط المستوى العالمي لثاني أكسيد الكربون 419 جزءًا في المليون، وهو أعلى بكثير من المستوى الذي كان عليه قبل الـ800000 عام الماضية.
وأشار إلى أن آخر مرة وصل فيها الكربون في الغلاف الجوي إلى مستويات اليوم كان قبل ثلاثة ملايين سنة وفقًا للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA)، وأن معدل التغير في الكربون الموجود في الغلاف الجوي اليوم أسرع 100 مرة مما كان عليه في الماضي.
وذكر أن الاحترار العالمي تسبب في حدوث تغييرات في النظم البيئية والبيئات الأرضية، كان أكثرها إثارة في القطب الشمالي حيث يتراجع الجليد البحري بشكل متسارع وملحوظ؛ وأدى هذا إلى ارتفاع مستوى سطح البحر بين 21 و24 سم منذ عام 1880. مبينًا أن مياه المحيط تمتص ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي؛ ما يخلق تفاعلاً كيميائيًّا، يُسبِّب تحمض المحيطات؛ إذ انخفض متوسط الرقم الهيدروجيني العالمي لمياه سطح المحيط بمقدار 0.11 منذ بدء الثورة الصناعية بزيادة 30٪ من الحموضة. وتغير المناخ يؤثر أيضًا على توقيت الطقس ودخول فصول السنة.
وفي سؤال للفلكي "السفياني: هل إيقاف انبعاث الغازات الدفيئة البشرية يوقف الاحترار العالمي؟ أجاب بقوله: "الجواب المختصر: لا؛ لأن ثاني أكسيد الكربون يبقى في الغلاف الجوي لمئات السنين، لكن هناك مقترحات يمكن أن تعمل على التقليل من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، مثل احتجاز الكربون وتخزينه في خزانات جوفية. وسواء كانت إزالة الكربون المنبعث بالفعل من الغلاف الجوي أمرًا ممكنًا أو لا فإن منع الاحترار في المستقبل يتطلب من البشر التوقف عن التسبب في انبعاث غازات دفيئة".