أعلن ولي العهد الكويتي الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، حل مجلس الأمة، والدعوة لانتخابات مبكرة، وفقًا لمقتضيات الدستور.
وكلّف أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، في كلمة وجهها اليوم، إلى الشعب الكويتي، ولي العهد بإلقاء كلمة نيابة عنه.
وقال ولي عهد الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح: "إننا لن نحيد عن الدستور، ولن نقوم بتعديله ولا تعطيله ولا تنقيحه ولا حتى المساس به".
وأضاف في الكلمة التي ألقاها نيابة عن أمير البلاد: "نحن أحوج ما نكون إلى الحيطة والحذر وأخذ الدروس والعبر من الأزمات والتحديات المحيطة".
وأردف: رغبة منا في احترام الدستور آلينا على أنفسنا عدم التدخل المباشر في إدارة الدولة تاركين إياها للسلطتين التشريعية والتنفيذية.
وقال في كلمته: قررنا الاحتكام للدستور وحل مجلس الأمة حلاً دستورياً والدعوة لانتخابات عامة خلال الأشهر القادمة.
وأضاف: للخروج من المشهد السياسي بكل ما فيه من خلافات وصراعات وتغليب المصالح الشخصية وتصرفات تهدد الوحدة الوطنية فقد رأينا انطلاقاً من مسؤوليتنا التاريخية والوطنية أمام الله فقد قررنا اللجوء إلى الشعب.
وتابع: بناءً عليه مضطرون ونزولاً على رغبة الشعب واستناداً على حقنا الدستوري للمادة 107، قررنا حل مجلس الأمة والدعوة إلى انتخابات عامة.
وفيما يلي نص الكلمة كاملة:
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي لا تطيب الدنيا إلا بذكره، ولا تطيب الآخرة إلا بعفوه، ولا تطيب الجنة إلا بالنظر إلى وجهه الكريم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد صاحب اللواء المعقود والحوض المورود والمقام المحمود وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
إخواني وأخواتي (أبناء وطني العزيز) أحيكم بتحية الإسلام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يطيب لي في البداية أن أنقل لكم أسمى تحيات سيدي صاحب السمو الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه وتمنياته لكم بدوام الصحة وموفور العافية.
إخواني وأخواتي (أبناء وطني العزيز)، لقد حمّلنا الله عز وجل أمانة الحكم باعتبارها أمانة تكليف لا تشريف، وأقسمنا بالله القسم العظيم أن نصون هذه الأمانة جيلًا بعد جيل، وأكدنا دومًا تمسكنا بتعاليم ديننا الحنيف، وارتضينا بالدستور وبالديمقراطية أساسًا ومنهجًا للحكم في إدارة البلاد، ونقولها أمامكم في خطابنا هذا إننا لن نحيد عن الدستور، ولن نقوم بتعديله ولا تنقيحه ولا تعطيله ولا تعليقه ولا حتى المساس به، حيث سيكون في حرز مكنون؛ فهو شرعية الحكم وضمان بقائه والعهد الوثيق بيننا وبينكم، وكل ذلك حرصًا منا على التمسك بمكتسباتنا الوطنية وعلى احترام سيادة القانون؛ بهدف ضمان استقرار الوطن وتقدمه وازدهاره ورفاهية شعبه أوفياء للرعيل الأول الذي بنى وحمى الكويت، مستذكرين احترام وتقدير العالم أجمع للكويت كدولة مؤسسات وصاحبة تجربة ديمقراطية رائدة ومنارة للعمل الخيري والإنساني، حتى أصبحت الكويت الصغيرة بحجمها شامخة بمكانتها العربية والدولية؛ فهي بذلك الأصل والحقيقة والبقاء والوجود مما يستلزم من الجميع باعتبارنا شركاء في مسؤولية إدارة البلاد شعبًا وأسرة حكم بذل الغالي والنفيس في سبيل تعزيز مكانتها وتحقيق استقرارها والحرص على تلاحمها وتأكيد وحدتها الوطنية التي كانت على الدوام مبعث قوتها ورفعتها.
"إخواني وأخواتي (أبناء وطني العزيز) في خضم هذا العالم المضطرب كم نحن أحوج ما نكون إلى الحيطة والحذر وأخذ الدروس والعبر، فالأزمات والتحديات والأخطار بكل أنواعها وأشكالها نحيط بها من كل جانب ولا نكاد ننتهي من أزمة أو كارثة حتى ندخل في أخرى وهذا نذير من النذر وهذا كله وذيول جائحة كورونا ما زالت آثارها وتداعياتها باقية، ونحن أمام كل هذه الأزمات والتحديات والأخطار المحيطة بنا مع الأسف الشديد منشغلون بأمور ومسائل بعيدة عن الطموح ولا تحقق المقاصد الشعبية المأمولة والمنتظرة، فمازال المشهد السياسي تمزقه الاختلافات وتدمره الصراعات وتسيره المصالح والأهواء الشخصية على حساب استقرار الوطن وتقدمه وازدهاره ورفاهية شعبه. وهذا كله بسبب تصدّع العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وتدخل التشريعية في عمل التنفيذية وتخلي التنفيذية عن القيام بدورها المطلوب منها بالشكل الصحيح، وعدم التزام البعض بالقَسَم العظيم الذي تعهد به على نفسه بالعمل على تحقيق الاستقرار السياسي وتكريس خدمته للوطن والمواطنين.
مما ترتب على كل ذلك مع الأسف الشديد القيام بممارسات تهدد الوحدة الوطنية، ولا تتفق مع تطلعات المواطنين وآمالهم ولا مع ما تعاهدنا به للآباء والأجداد في الحفاظ على أمانة الوطن وظهور تصرفات وأعمال تتعارض مع الأعراف والتقاليد البرلمانية، ولا تحقق العمل التنفيذي الحكومي المأمول باختيار الكفاءات وغياب الدور الحكومي في المتابعة والمحاسبة وعدم وضوح الرؤية المستقبلية للعمل الحكومي مما ترتب عليه عرقلة وتأخر مسيرة التنمية وعدم تحقيق تطلعات المواطنين وآمالهم المشروعة.
إخواني وأخواتي (أبناء وطني العزيز)؛ رغبةً منا في احترام نصوص الدستور وحفاظًا على مبدأ فصل السلطات مع تعاونها فقد آلينا على أنفسنا عدم التدخل المباشر في إدارة الدولة تاركين هذه الإدارة إلى السلطتين التشريعية والتنفيذية، وكنا نقوم فقط بالنصح والإرشاد للسلطتين بشأن إدارة الدولة ولم نتدخل ولم نمنع أحدًا من القيام بأي إجراءات أو إصلاحات أو أعمال تحقق مصلحة البلاد والعباد.
إلا أننا لم نلمس من خلال تلك الإدارة للدولة أية نتائج أو إنجازات أو أعمال تحقق الطموح والآمال الشعبية المرجوة بل على العكس من ذلك فقد أدّت الإدارة الحكومية والممارسة البرلمانية إلى تذمر وسخط المواطنين وعدم رضاهم عن عمل السلطتين التشريعية والتنفيذية.
إخواني وأخواتي (أبناء وطني العزيز)، إن استقرار البلاد واستكمال نهضتها وتعزيز مكانتها وترسيخ ممارستها الديمقراطية وتحقيق طموح وتطلعات وآمال شعبها يتطلب منا كقيادة سياسية للدولة أن نقف وقفة تأمل ومصارحة ومراجعة للنفس تجسد الحرص على الالتزام بوحدتنا الوطنية وعدم التفريط أو المساس بها.
إخواني وأخواتي (أبناء وطني العزيز)، لمّا كان الشعب هو مرتكز غايتنا الأولى والأخيرة وأنه صاحب الكلمة المسموعة في تقرير مصيره وتحقيق كل ما من شأنه تعزيز مكانته ورفعة شأنه، فقد رأينا أن الخروج من المشهد السياسي الحالي بكل ما فيه من عدم توافق وعدم تعاون واختلافات وصراعات وتغليب المصالح الشخصية وعدم قبول البعض للبعض الآخر وممارسات وتصرفات تهدد الوحدة الوطنية.
فإنه من جماع كل ما تقدم فقد رأينا انطلاقا من مسؤوليتنا التاريخية والوطنية أمام الله سبحانه وتعالى، واستجابةً لواجبنا الوطني والدستوري أمام شعبنا فقد قررنا اللجوء إلى الشعب باعتباره المصير والامتداد والبقاء والوجود ليقوم بنفسه بإعادة تصحيح مسار المشهد السياسي من جديد بالشكل الذي يحقق مصالحه العليا.
وبناءً عليه فقد قررنا مضطرين ونزولًا على رغبة الشعب واحترامًا لإرادته الاحتكام إلى الدستور العهد الذي ارتضيناه واستنادًا إلى حقنا الدستوري المنصوص عليه في المادة (107) من الدستور أن نحل مجلس الأمة حلًا دستوريًا والدعوة إلى انتخابات عامة وفقًا للإجراءات والمواعيد والضوابط الدستورية والقانونية، وهدفنا من هذا الحل الدستوري الرغبة الأكيدة والصادقة في أن يقوم الشعب بنفسه ليقول كلمة الفصل في عملية تصحيح مسار المشهد السياسي من جديد باختيار من يمثله الاختيار الصحيح، والذي يعكس صدى تطلعات وآمال هذا الشعب وسوف يصدر مرسوم الحل والدعوة إلى الانتخابات في الأشهر القادمة إن شاء الله بعد إعداد الترتيبات القانونية اللازمة لذلك.