تعطي المجسمات الجمالية التي تقوم عليها الأمانات والبلديات عادة دلالات على عادات أهالي محافظة ما، أو ما تشتهر به هذه المحافظة أو المدينة في شتى المجالات. إلى ذلك سلَّط الباحث في تاريخ السعودية عبدالله العمراني الضوء على بعض المجسمات القديمة في منطقة تبوك، التي لا تزال حاضرة، منها مجسم المبخرة في محافظة حقل، الذي أُسِّس قبل 30 عامًا.
وقال "العمراني" إنه تم بدء العمل على إنشاء مجسم (المبخرة) في منتصف عام 1408هـ، بعد سنوات من تعيين المهندس فارس الجميل رئيسًا لبلدية محافظة حقل؛ إذ عمل جاهدًا على تطوير المدينة، وتحويل كثبانها الرملية إلى مسطحات خضراء، وتهيئة شواطئها للمتنزهين والزائرين.
وأضاف: ولكون محافظة حقل تقع على منفذ حدودي مهم (منفذ الدرة)، الذي كان يخدم المئات من المعتمرين والحجاج في تلك الفترة، ولما يلقاه ضيوف الرحمن من ترحيب وكرم الضيافة من قِبل أهالي المحافظة، أراد المهندس الجميل أن يجسد معاني الضيافة التي يتحلى بها الشعب السعودي عامة، وأهالي محافظة حقل خاصة، بإنشاء مجسَّم جمالي، يعتبر هو الأول بالمحافظة، على هيئة مبخرة، وأن يكون هذا المجسم الجمالي في مكان بارز؛ ليراه الداخل والخارج إلى ومن محافظة حقل. ووقع الاختيار حينها على (مدخل حقل القديم) بحي الظهرة.
وقال: إن المجسم حمل تصميم المهندس فارس الجميل، واستُخدم فيه لأول مرة الخرسانة الجاهزة، ودُعمت بالحديد المقاوم للصدأ، وكُسي مظهره الخارجي بالخزف. كما أن الجزء العلوي من المبخرة استُخدم كخزان لسقيا مزروعات مدخل محافظة حقل القديم، واستُخدم الجزء السفلي منه كنافورة تزين المجسم. وتم الانتهاء من المجسم في عام 1409هـ، واستغرق العمل عليه أقل من 6 أشهر، بكلفة لم تتجاوز 15 ألف ريال. وظلت (مبخرة حقل) محط أنظار الزائرين لهذه المدينة الساحلية الجميلة؛ إذ كانت المجسم الجمالي الوحيد الذي يصادف الداخلين لمدينة حقل، وزادت شعبيتها لدى السكان عندما استُخدمت شعارًا لبلدية محافظة حقل سنين طويلة.