اعتاد المجتمع أن يسمع بين فترة وأخرى عدداً من قرارات الإعفاء والتعيين للمسؤولين، وكان في السابق يُذكر مع بعض قرارات الإعفاء أن سبب الإعفاء كان بناء على طلب ذلك المسؤول؛ ولكن مؤخراً أصبحت قرارات الإعفاء تصدر بدون ذلك السبب التقليدي (بناء على طلبه)؛ مما يجعل بعض المختصين -وخاصة الإعلاميين- يعمدون إلى البحث في أسباب ذلك الإعفاء، ويحاولون تتبع بعض الأحداث التي سبقت صدور ذلك القرار، وتحري ما صدر من ذلك المسؤول من قرارات أو تصريحات، واستنتاج خلفيات اتخاذ قرار الإعفاء؛ خصوصاً أنه لم يمضِ على تعيين ذلك المسؤول وقت طويل.
قرار الإعفاء الذي صدر بحق أحد الوزراء مؤخراً لم يُشر إلى السبب التقليدي (بناء على طلبه)، كما أنه لم يُشِر إلى أي سبب آخر؛ غير أن وسائل الإعلام المختلفة عَمِدت إلى الاجتهاد في الاستنتاج وربط سبب الإعفاء ببعض الإحصائيات التي نُشرت مؤخراً، والتي أشارت إلى ارتفاع نسبة البطالة بين الشباب، وتراجع معدلات التوظيف، وذهاب معظم الوظائف إلى غير السعوديين، إضافة إلى التساهل في تحويل المنشآت والكيانات إلى النطاق الأخضر، وتعثر برنامج نطاقات؛ مما قد يكون مؤشراً إلى عدم تحقيق التطلعات والآمال التي كانت موجودة وخصوصاً ما هو متعلق برؤية السعودية 2030.
أن يتعرف المجتمع على أسباب إعفاء أي مسؤول أمر إيجابي؛ حتى لا يُترك الباب مفتوحاً للاجتهادات؛ ولكن الأجمل من ذلك أن يعرف المسؤول الذي يتم تعيينه أنه أصبح محاسباً وأن بقاءه في منصبه أصبح مرهوناً بما يحققه من نتائج إيجابية ومن تطلعات وأهداف أساسية، مع الإشارة إلى أن عامل الوقت يلعب دوراً هاماً في هذا التقييم؛ فالقرارات التي كانت تُتخذ في السابق في شهور أصبح يتم اتخاذها في أيام؛ بل وأحياناً في ساعات قليلة؛ فالوقت لم يَعُد مسعفاً لدراسات أو أبحاث أو غيرها من الأمور التي تستغرق وقتاً ولا يُبنى عليها قرار.
في السابق كان البعض يتمنى أن يتقلد منصباً حكومياً؛ بل ويستميت من أجله، ويعمد إلى تلميع نفسه بكل الأدوات حتى يصل إلى مبتغاه؛ أما اليوم فأعتقد أن الوضع قد اختلف؛ فقد أصبح القبول بالمنصب مسؤولية كبرى سيُحاسَب عليها المسؤول من قِبَل المجتمع، قبل أن يحاسب من قِبَل مَن فوقه من مسؤولين. وعلى الرغم من أن بعض المسؤولين لديهم العديد من المميزات والقدرات؛ إلا أن وجود بعض الأنظمة القديمة وفِرَق العمل التي اعتادت على أسلوب عمل معين؛ يساهم في تأخر تحقيق الأهداف المطلوبة في وقت قصير.
قد يتساءل البعض عن أسباب إعفاء بعض المسؤولين؛ ولكن آخرين يتساءلون أحياناً عن أسباب تعيين آخرين؛ خصوصاً إن كان بعضهم قد سَبَق لهم أن تَسَلّموا مناصب قيادية في بعض الجهات ولم يحققوا الأهداف المأمولة أو النتائج المرجوة.