عناوين الصحف والأخبار تصدرها خلال الأسبوع الماضي خبران مهمّان، كلاهُما يؤكد على توجه ومستقبل الطاقة في العالم.
الأول هو الإعلان عن صندوق سيادي للملكة بقيمة 2 تريليون دولار لمرحلة ما بعد النفط، والآخر هو كشف الغطاء عن السيارة الكهربائية الأشهر TESLA3 والتي حظيت بأكثر من 180 ألف طلب خلال 24 ساعة فقط من تدشينها!
"الطاقة البديلة"
هذا المفهوم الذي بدأ في الخروج عن إطار البحث العلمي وأوراق الدراسات ومعامل المختبرات إلى تجارب استثمارية وتجارية حققت وتحقق نجاحات غير مسبوقة، وحُقّ لها ذلك.
المُتأمل في مسيرة تطور ونمو الطاقة البديلة يعلم علم اليقين أن المستقبل هو لهذه الطاقة، وأن موارد الطاقة التي كانت تستخرج بالبحث والتنقيب في الأراضي والقِفار باتت متاحة لأي منّا بمجرد أن بفتح نافذة غرفته، والرابح الأكبر هو من يُحسن "توظيفها واستخدامها" لا من يحصل عليها فقط أو يتملّكها كما هو الحال في النفط.
معدل النمو في قطاع الطاقة الشمسية يتجاوز 30% سنوياً، في مقابل معدل نمو متوقف (قريب من الصفر) في قطاع البترول ومعدل انخفاض (نزول) في قطاع مثل الفحم. والمحرك الرئيسي خلف هذا النمو المستمر في صناعة الطاقة الشمسية هو الانخفاض السريع في كلفة انتاجها مع تطور التقنية، فهي صناعة تقنية قبل أن تكون صناعة طاقة، وأي تحسّن بسيط في كفاءة التصنيع سينعكس مباشرة على السعر ويؤثر عليه بشكل كبير على خلاف قطاع البترول الذي تحكمه وفرة الموارد وحجم الطلب وسعر السوق.
هذا التطور السريع في صناعة الطاقة البديلة هو الذي دفع دول العالم لأن تستثمر في هذا المجال وتخصص له مليارات الدولارات، وهو دافع اقتصادي بحت تحكمه الأرقام وتحدد قرارات الاستثمار فيه من عدمها الربح أم الخسارة.
شركة السيارات الكهربائية "تسلا" والتي حققت مبيعات تجاوزت 7.5 مليار دولار في 24 ساعة فقط؛ ما كان لها أن تصل لهذه النقطة لولا دعم الحكومة الأمريكية لها بقرابة 5 مليارات دولار، الحكومة الألمانية كذلك تدعم شركات السيارات العاملة في هذا المجال بأكثر من 5 مليار يورو سنوياً، والصين تعمل بجد لأن تكون رائدة في هذا المجال وتلحق بركب صناعة السيارات عبر دعم الشركات العاملة في هذا القطاع إذ تنوي خلال هذه السنة فقط مضاعفة إنتاجها من السيارات الكهربائية. ولا عجب هذا الاهتمام المتزايد من الحكومات بشركات السيارات على وجه الخصوص إذا ما علمنا أن 70% من استخدامات الطاقة في العالم هي في "المواصلات" .
السؤال الآن.. هل صناعة الطاقة البديلة في المملكة هي على الاتجاه الصحيح؟
طالما ورش عمل الطاقة البديلة وجلسات النقاش ومخرجات البرامج والمؤتمرات بعيدة عن أروقة القطاع الخاص واهتمامات المستثمرين، فستظل مجرد حديث مجالس وخواطر حالمين لا تأثير لها على الاقتصاد ومستوى المعيشة.
القطاع الخاص قطاع حر لا يحابي أحدا، والاستثمار لا وطن له .. أينما توفّرت البيئة المحفّزة والتسهيلات اللازمة والدعم الكافي وجدتَّ الاستثمار حطّ رحله وأناخ مركبه ليعمل ويشغّل وينمو ويتوسع.
جهود كبيرة تبذُلها معاهد ومراكز بحث جامعية هُنا وهُناك، لكن الأهَم هي أن تَخلُص هذه الدراسات إلى تجارب تجارية يمكن ترجمتها إلى لغة أرقام، لذلك .. فالنموذج الأفضل لدفع عجلة التنمية ودعم هذه الصناعة هو عبر دعم الشركات والمؤسسات والمبادرات التجارية العاملة في هذا المجال، والذي آمل أن ينال نصيبه من الاهتمام في المملكة خلال السنوات القليلة القادمة.
حيث أن المستقبل القريب هو (لـ) من يحسن الاستفادة من الشمس، ويتمكن من توليد الطاقة (عبر) الشمس، وتوجيه استثماراته (إلى) الشمس.