أكد "المهندس محمد إبراهيم المعجل" رئيس اللجنة السياحية بغرفة الرياض ورئيس اللجنة المنظمة لمهرجان الرياض للتسوق والترفيه الذي ترعاه "سبق" إلكترونيًّا، أنَّ السياحة بأشكالها المختلفة ودورها الكبير في التنمية الاقتصادية والاجتماعية باتت موردًا مهمًّا، وداعمًا لاقتصاديات دول عدة، فضلاً عن دورها الترفيهي المعروف، ونظرًا لهذه الأهمية فإن النهوض بأعباء السياحة وتعهدها بمزيد من الرعاية، لم يعد ترفًا وإنَّما جزء أصيل في منظومة الخطط الإستراتيجية للتنمية، وبما يواكب رؤية المملكة 2030، ولمَّا كانت السياحة عنصرًا فاعلاً في تعزيز دائرة الحوار بين الحضارات الإنسانية المختلفة وإبراز واقع المجتمعات، وتحسين الصورة الذهنية لها؛ فقد بدأت الدول الأكثر تقدماً تراهن على دور السياحة في تسليط الضوء على ثقافاتها وقيمها وسلعها المختلفة، بجانب ما تؤديه السياحة من مهام رائدة في تنمية الاقتصاد الوطني ودفع عجلة التبادل السلعي بين الدول، فكلما تسارعت وتيرة الحراك السياحي تضاءلت عقبات الانكماش بين البلدان المتعددة وتنامت الفرص الاستثمارية وتبادل المنافع. مشيرًا إلى أنَّه بناءً على هذه المعطيات تكتسب رؤية المملكة العربية السعودية 2030 أهمية كبيرة؛ لما تزخر به البلاد من مقومات سياحية وترفيهية ومخزون آثاري ضخم يعكس أروع ما تركته الحضارات الإنسانية التي مرت بأراضيها أو تفاعلت مع بيئتها، ولاسيما إذا أدركنا أن رؤية المملكة فيما يتعلق بالسياحة عمدت إلى زيادة الإنفاق على هذا القطاع الحيوي من 2.9% إلى 6%، كما تسعى الرؤية إلى تسجيل عدد كبير من الآثار المسجلة على نحو مضاعف لدى اليونسكو، فضلاً عن بناء أكبر متحف إسلامي في العالم مع تهيئة المملكة لاستيعاب عدد مضاعف من المعتمرين يصل إلى 30 مليون معتمر تجاوزًا للعدد الحالي الذي يبلغ 8 ملايين معتمر فقط، وأقرت خطة 2030 أيضًا الانفتاح على سياحات نوعية منها سياحة الأعمال والسياحة العائلية، مع الالتزام بنمط حياتنا وتقاليدنا الاجتماعية والثقافية والدينية.
وأوضح "المعجل" أنَّ تعدد مظاهر السياحة في بلادنا يكمن بعضه في القلاع والأسواق والمعالم الأثرية والمنتجعات والحرف اليدوية، إلى جانب الصناعات التقليدية وغيرها من المعالم المتميزة؛ فالمملكة بمساحتها الشاسعة وتضاريسها المتنوعة وبما توليه الدولة ممثلة في الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني من اهتمام لصناعة السياحة يتوافر فيها العديد من عناصر الجذب السياحي على نحو يوائم بين الحداثة والمعاصرة في مجتمع يتميز بأنه محافظ، فثمة ماضٍ عريق يضرب في عمق التاريخ زاخر بالشواهد المشرقة وحاضر مفعم بالإنجازات والتطلعات في بلاد تعانق سهولها تضاريس جبالها ويتسامح تاريخها مع جغرافيتها، إنه لمشهد رائع يعكس أصالة أمة عمدت إلى نشر ثقافة السماحة والوسطية حتى غدت حضارتها هي الأكثر إنسانية وثراء، كل هذه المقومات السياحية تظل بحاجة إلى الرعاية والاهتمام على نحو يوفر لها فرص النماء والتطور، وقبل ذلك لا بدّ من حمايتها من الاندثار بوصفها فرصاً استثمارية كبيرة تنتظر من يحولها إلى منتج ملموس، ونعول كثيراً في هذا المجال على الجهود الكبيرة التي تبذلها هيئة السياحة وأمانة منطقة الرياض وغرفة الرياض من خلال خططها وآلياتها المختلفة مثل مهرجان الرياض للتسوق والترفيه الذي يتميز بعدد من الوسائل والفعاليات تتيح للسياح في الداخل والخارج الاطلاع على العروض الاستثمارية المختلفة والترويج لها، فضلاً عن دوره في إطلاع الزوار على مراكز الحضارة والثقافة المختلفة من متاحف وآثار ومعالم سياحية أخرى.
وإذا كانت السياحة تخضع لقانون العرض والطلب وتتسابق الجهات المعنية بصناعة السياحة في تجويد برامجها لاجتذاب الجمهور، فإن مهرجان الرياض للتسوق والترفيه بفعالياته المتنوعة والمتعددة درج على تسليط الضوء على مقومات السياحة الداخلية؛ الأمر الذي أكسبه مزيدًا من ثقة مرتاديه من مختلف فئات المجتمع، وخصوصاً في الأوساط العائلية التي تجد ضالتها في هذا المهرجان باعتباره ينطلق من مبدأ المحافظة على قيم المجتمع، مع التمتع بالترفيه دون الخروج عن إطار القيم المجتمعية والأوامر الشرعية.
وأضاف المهندس "المعجل" أنَّ مهرجان الرياض للتسوق والترفيه الذي يجمع بين متعتَي التسوق والترفيه من خلال تفعيل الأنشطة السياحية يهدف أيضاً إلى ترسيخ مبادئ الوسطية ونشر ثقافة الاعتدال بين الناس عبر الدورات التدريبية المتعددة والبرامج التوعوية القيّمة التي من شأنها تنمية الوعي الديني والاجتماعي والثقافي.
وأشار إلى أنَّ السياحة الداخلية باتت واقعًا لا تُخطِئه العين أسهمت في تعزيز انتشاره عدة عوامل تتعلق بخطط صناعة السياحة التي تصحب في ثناياها رغبات جمهور المستهدفين، وما أوجدته المنافسة القوية بين الشركات في وضع البرامج التي تلامس أشواق مرتادي المنتجعات السياحية، وفي هذا الشأن عمد مهرجان الرياض إلى تعزيز ثقافة السياحة المحافِظة من خلال تنظيم وإقامة البرامج الترفيهية المختلفة التي لا تطالها شبهة المحرمات؛ مما يشي بتحول جذري في مفهوم السياحة بما فيها "العائلية"، فقد كان العديد من العوائل وإلى وقت قريب تحجم عن ارتياد المنتجعات السياحية خشية احتكاكها بسلوكيات تتنافى وقيمها الأخلاقية والدينية، لكن مع إدراك مهرجان الرياض لهذه الخصوصية لم يعد هناك حرج من اصطحاب رب الأسرة لأبنائه للمنتجعات والمهرجانات داخل البلاد.
واختتم "المهندس محمد المعجل" تصريحه بالتأكيد على أنَّ تطوير السياحة الداخلية وجعلها أكثر ملاءمة لواقعنا يستدعي بالضرورة إنشاء القرى السياحية المحافظة والمتميزة بجمال الطبيعة وتكامل جودة الخدمات والارتقاء بها كمًّا ونوعًا، مع مراعاة تخفيض التكلفة وغيرها من المتطلبات التي تشكل لدى السائح معايير للاختيار في عصر تعددت فيه الخيارات الخارجية وتضاءلت حيالها فرص الجذب السياحي الداخلي بفعل المعوقات التي تعرقل سيره والمصاعب التي تحدّ من انطلاقه وتحول دون تفعيل البرامج التي تضعها الجهات المعنية بتطوير السياحة، ونحن- إذ نثمن جهود هيئة السياحة التي أخذت على عاتقها النهوض بهذا المجال الحيوي- لا يعترينا شك في قدراتها على وضع الحلول الناجعة لمشكلات السياحة الداخلية التي من شأنها تضييق فرص السياحة الخارجية التي تأتي خصمًا على العديد من القيم الراسخة في مجتمعاتنا المحافظة، ناهيك عن هروب أموال طائلة تصرف في بلدان أخرى نحن أكثر حاجة لها في الداخل. مؤكدًا أن توطينَ السياحة وجعْلها أكثر اجتذابًا لمختلف فئات المجتمع أمرٌ ليس بالسهل، ولكنه- كذلك- ليس مستحيلاً، وخصوصًا في ظل المهرجانات التسويقية والترفيهية التي باتت تنتظم البلاد؛ الأمر الذي يبشر بغدٍ واعد وبيئة ترفيهية تواكب تطلعات الزوار وتطابق المعايير الدولية، وفي فعاليات مهرجان الرياض للتسوق والترفيه دليل ساطع على الحراك التطويري لمنظومة ترسيخ السياحة الداخلية.