شواهد التاريخ ووقائع الأحداث تثبت مدى فاعلية وقوة وتأثير اصطفاف السعودية ومصر مع بعضهما البعض.
فقد أثمرت الزيارة التاريخية وغير المسبوقة التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله لجمهورية مصر العربية عن تحقيق عهد عربي جديد قائم على النتائج القوية والملموسة لهذه الزيارة والتي من شأنها أن تحقق الأمن القومي العربي في شتى مجالاته، السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية وذلك لما يتمتع به البلدان من قوة تأثير وفاعلية وديناميكية في مفاصل العمل السياسي في المنطقة وفي العالم أيضا فموقعهما الجغرافي أشبه بقلب العالم.
الزيارة الملكية غير المسبوقة والتي استمرت خمسة أيام والتي جاءت مع ذكرى مرور 70 عاماً على زيارة المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن رحمه الله لمصر تؤكد عمق العلاقات بين البلدين الشقيقين الضاربة في عمق التاريخ لتمثل رسالة واضحة للعالم بأن العرب دخلوا عهداً جديداً من اليقظة والانتباه والحرص والقدرة على اتخاذ القرار بل وتنفيذه والتصدي لقضاياهم المصيرية وأخذ زمام المبادرة في حل قضايا المنطقة والعالم أيضا متسلحين بتكامل ووحدة جناحي الأمة العربية السعودية ومصر.
أراد خادم الحرمين الشريفين القادم من أرض الرسالات إلى أرض الحضارات أن يؤكد أن السعودية ومصر أصحاب تاريخ واحد ولغة واحدة ومستقبل واحد ومصير واحد وأنهما أشقاء لبعضهما البعض وليسوا أوصياء على بعض وأن سياستهما لا تنفك ولا تخرج عن إطار الاتفاق إلا إلى إطار التوافق مما يعني أنهما مهما اختلفا حول أي قضية إلا أنهما لا يخرجان إلى الاختلاف .
العلاقات (المصرية – السعودية) ليست فقط علاقات قوية، ولكنها علاقات أخوية مصيرية أخذت على عاتقها توفير المظلة الأمنية الكاملة للعالم العربي بدوله وشعوبه وحمايته مما يتهدده من أطماع توسعية فارسية صفوية أو إسرائيلية أو خطط أجنبية هدفت لتفتيت دوله وجعلها تعيش تحت رحمة مفاوضات لا تنتهي ومقايضات استعمارية, وحماية الأمة العربية من تهديدات المنظمات الإرهابية التي دعمتها مخططات مخابراتية إيرانية وأجنبية لجعل العرب تحت سقف التهديد المستمر, وقد أكد خادم الحرمين الشريفين في أول كلمة يلقيها قائد أو رئيس أمام مجلس الشعب المصري أن التعاون والتحالف مع مصر سيعجل بالقضاء على الإرهاب بكل صوره والذي يعد الخطر الأكبر الذي يواجه المنطقة.
حرص خادم الحرمين الشريفين على أن يصطحب معه ما لا يقل عن 25 أميرًا و18 وزيرًا وعشرات الخبراء ومئات رجال الأعمال ليقول للعالم إن السعودية وقد أعادت الاستقرار السياسي لمصر بعد ثورة 30 يوليو فإنها ستعيد الاستقرار بل الانتعاش للاقتصاد المصري المتوثب والمؤثر في محيطه. ولعل حرصه حفظه الله على أن يعلن بنفسه عن إنشاء جسر بري يربط السعودية وبمصر وقارة آسيا بقارة أفريقيا وعرب المشرق بعرب المغرب ليؤكد حرصه حفظه الله على تجسير العلاقات العربية وردم أي هوة فيها وتضميد جراحها لتكون قادرة على حماية نفسها من الأزمات والمؤامرات من الحلفاء قبل الأعداء وأن دول المنطقة باتت مدركة لما يراد لها من خطط وزعزعة وتقسيم وأنها لم تعد ترتهن لوعود واهية وهشة ومخادعة بل إنها باتت ترسل خيرة أبنائها لخارج الحدود لحماية أمنها قبل أن تصل الأزمات إلى الحدود.