يقول الشاعر:
جزى الله الشدائد كل خير *** عرفت بها عدوي من صديقي
في الأوقات الصعبة تكتشف معادن الناس، وتتضح لك الأمور، ويتبيّن الخافي، وتظهر الحقائق.. وفي مجال العلاقات الدولية لا تذهب الأمور بعيداً عن هذه الأمور؛ فعند الأزمات تنكشف الدول على حقيقتها بعيداً عن الدبلوماسية المعهودة، ويظهر الوجه الآخر.
وهذا ليس سيئاً أن تكتشف عدوك من صديقك وأنت في قوتك، وتستطيع التأقلم بدونه، ولكن السيئ أن تتعامل معه وكأن شيئاً لم يحدث، ولا ترد له الصفعة، وتأخذ جانب اللين والمهادنة لتعود الأمور إلى سابق عهدها. وهذا - في رأيي – خطأ؛ فيجب أن تكون المعاملة بالمثل، وبالأخص إذا كنت ممن ساند ودعم ووقف في أزمات هذه الدولة أو تلك، ولم تنفع سابق أياديك البيضاء بشيء؛ وهذا بسبب أننا نعطي بلا مقابل. لا بد أن يكون لنا موقع قوي جداً. لا بد أن نكسب الأشخاص المؤثرين. لا بد أن يكون مالنا لهذه الدول رصيداً ينفع وقت الأزمات.
قرار السعودية وقف المساعدات للجيش اللبناني وقوى الأمن، وإغلاق فرع البنك الأهلي السعودي في بيروت مؤخراً؛ بسبب مواقف الدولة اللبنانية التي لا تنسجم مع العلاقات الأخوية والطويلة بين الدولتين، وضربها بعرض الحائط جميع مواقف السعودية الوفية، التي منها: اتفاق الطائف التاريخي الذي أنهى المجازر التي تعرض لها البلد سنين طويلة، ودعم السعودية لهذا البلد مادياً وسياسياً؛ ليقف على قدميه، بعد أن أنهكته الصراعات الأهلية، وغيرها كثير، لا يتسع المجال لذكره.. جميع هذه المواقف يعتبرها بعض الساسة اللبنانيون واجباً على السعودية،لا مجال للنقاش حوله، ولا تستحقون الشكر عليه؛ ولذلك جاءت مواقفهم السياسية الأخيرة مضادة للمملكة!
ما أدهشني هو الصمت المريب لأغلب وسائل الإعلام اللبنانية من هذا الموقف (لو سلمنا أن هذا موقف بعض الساسة). لم نسمع عن احتجاجات شعبية من هذا الموقف.. لم نشاهد ما يؤكد وقوف الشعب اللبناني مع السعودية.. على الأقل قفوا مع مصالحكم الاقتصادية التي ستتضرر لو سحبت السعودية يدها عن لبنان.
قرار السعودية - حقيقة - لم يكن غريباً؛ فنحن في عصر ملك الحزم والعزم، في عصر الصراحة والوضوح، لا نقبل بالأوضاع المشبوهة.
كنا نعتقد أن الجمهورية اللبنانية أول دولة تساند السعودية، وتؤيدها، فإذا بها الدولة الوحيدة التي تقف ضد السعودية؟!
لن يرى الشعب اللبناني شعباً يحبه مثل أبناء السعودية ودول الخليج، الذين أعطوهم الحرية في ممارسة التجارة كيفما يشاؤون، وأدخلناهم منازلنا، وعاملناهم كالمواطنين بدون تفريق، حتى تحول اللبناني المعدمإلى ثري من خيرات السعودية ودول الخليج. وبالرغم من ذلك لم نجد رصيداً من الحب يوازي عطاءنا إلا من القلة القليلة.
أتمنى التشديد على رجال الأعمال اللبنانيين الذين ينعمون من خيرات هذا البلد، وتذهب أموالهم لدعم حزب الله والإضرار بمصالح السعودية،وكذلك جميع العاملين اللبنانيين في هذا البلد، ممن يتعاطفون مع هذا الحزب الإرهابي الذي أضر بمصالح بلده قبل أي شيء آخر.