أكد المندوب السعودي الدائم في منظمة التعاون الإسلامي الدكتور صالح بن حمد السحيباني، أن العمل الإنساني الذي يحلق في الآفاق من السعودية بلد البذل والخير والعطاء يصعب تحديد بوصلته؛ حيث يدور في جميع الاتجاهات انطلاقًا من التوجيهات الكريمة لحكومتنا الرشيدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز -يحفظهما الله-، فقد كان وما يزال نهجًا ثابتًا ومبدأً راسخًا قاده خادم الحرمين الشريفين منذ أن ترأس اللجنة الرئيسية لجمع التبرعات للجزائر، وكذلك لجنة لمنكوبي السويس قبل قرابة سبعة عقود.
وأضاف: "لمع اسم مقامه الكريم -يحفظه الله - في عالم الدبلوماسية الإنسانية منذ ذلك الحين وإلى اليوم، وأصبحت الدبلوماسية الإنسانية السعودية تجوب الأرض تنشر الخير ليعم الشعوب السلام والأمن والاستقرار، بعيدًا عن الحدود الجغرافية والدينية والعرقية؛ وذلك انسجامًا مع الرؤية الوطنية بأن العمل الإنساني سيظل منارة إنسانية تتجلى في سماء هذا الوطن الخير صونًا للنفس البشرية، وصناعة للحياة الكريمة للشعوب والأمم، وترسيخًا لقيم العطاء والتكامل الإنساني، والعمل على نشر هذه القيم في أرجاء المعمورة، ليقدم صورة حية عن مبادئ الإسلام السمحة والقيم النبيلة ورسالة بلادنا الغالية، حتى غدت المملكة قبلة للإنسانية ووجهة للمحتاجين والمنكوبين والملهوفين في مختلف الأصقاع، ذلك أن العمل الإنساني الذي ينبع من هذه الأرض المباركة أرض الحرمين الشريفين وموئل رسالة الرحمة للعالمين".
جاءت تصريحات "السحيباني"، إشادةً بإعلان المملكة عن تقديم منحة بقيمة 30 مليون دولار أمريكي لدعم الصندوق الإنساني لأفغانستان -الذي ينطلق تحت مظلة البنك الإسلامي للتنمية، بالتنسيق مع منظمة التعاون الإسلامي- وذلك استكمالاً لجهود السعودية الإنسانية والإغاثية ودورها الفاعل والريادي في تقديم جميع أشكال المساعدات للدول الشقيقة والصديقة من خلال مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية والصندوق السعودي للتنمية، بهدف المساهمة في تخفيف معاناة الشعب الأفغاني، والحد من مخاطر تدهور الوضع الإنساني الحرج والانهيار الاقتصادي المحتمل في أفغانستان، والذي قد يؤثر على السلام والأمن والاستقرار.
وأشاد بأهمية الدبلوماسية الإنسانية في لعب دور في مجال الوساطة والتصالح والتسامح، وإدراك أهمية استثمارها في التنمية البشرية في سبيل تعزيز السلم والأمن وتحقيق التنمية المستدامة للشعب الأفغاني، لهذا تتضامن معه في هذا السبيل لينعم العيش باستقرار وأمن وأمان؛ كما أنها تؤمن على أن تقديم الدعم الإنساني العاجل للشعب الأفغاني أمر يتطلبه الواقع تفاديًا لأي كوارث إنسانية قد يواجهها الشعب الأفغاني الشقيق تحقيقا لمبدأ الإنسانية الاستباقية.
وقال: "نجتمع اليوم في منارة الإنسانية للمملكة العربية السعودية مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية كعادته لتبادر المملكة في تنفيذ قرار مهم من قرارات المجلس الوزاري لوزراء خارجية الدول الإسلامية الصادر عن الاجتماع الاستثنائي للمجلس بشأن الوضع الإنساني في أفغانستان والذي عقد بدعوة كريمة من المملكة العربية السعودية وتمت استضافته في جمهورية باكستان الإسلامية قبل بضعة أشهر، كما كنا بالأمس في مدينة جدة ومن خلال استضافة وزارة الخارجية بالمملكة العربية السعودية تنفذ المملكة قرارًا آخر صادرًا عن المجلس الوزاري في دورته الـ ٤٨ بخصوص ملف الوساطة، مما يسجل بكل الفخر والسرور حرص المملكة باعتبارها رئيس القمة الإسلامية الحالية وعضوًا مؤسسًا في منظمة التعاون الإسلامي ومقر هذه المنظمة العريقة على دعم العمل الإسلامي المشترك تحت مظلة منظمة التعاون الإسلامي، وتعزيز دورها في هذا الشأن".
وأشار إلى أن هذا التبرع يأتي كذلك توحيدًا للجهود وتكاملاً مع جهود الدول الأعضاء والجهات الدولية، وامتدادًا لجهود المملكة الإنسانية ومساعداتها للشعب الأفغاني منذ أكثر من خمسة عقود، واستكمالاً للجسر الجوي الإغاثي الذي سيرته المملكة قبل بضعة أشهر، إلى جانب ما قدمته قبل بضع سنوات في سبيل دعم العديد من المشاريع الإنسانية والصحية والتعليمية والأمن الغذائي بتكلفة تجاوزت المليار ريال سعودي استفاد منها الشعب الأفغاني الشقيق، انطلاقًا من استشعار لمسؤولياتها ودور ذلك في تحقيق الأمن والازدهار للشعب الافغاني، واسترشاداً بقيم التضامن والتراحم الإسلامية .
وتطلع "السحيباني" إلى أن يشجع هذا التبرع السخي من المملكة الدول الأعضاء الأخرى في المنظمة على تقديم مزيد من الدعم والمساندة للشعب الأفغاني الشقيق، وكذلك المجتمع الدولي، مؤملين أن يواصل الجميع العمل المشترك مع منظمة التعاون الإسلامي، والتي تضطلع بدور ريادي بالتعاون والتنسيق المباشر مع البنك الإسلامي للتنمية باعتباره أحد الأجهزة المالية المتخصصة للمنظمة مثمنين دعم الدول التي بادرت في تقديم بعض الدعم لهذا الصندوق الإنساني المهم الذي يأتي في ظروف إنسانية دقيقة يعيشها الأشقاء في أفغانستان.
وأعرب "السحيباني" في تصريحه عن خالص الشكر وبالغ التقدير والامتنان لمركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية الذي أصبح رغم حداثة إنشائه أوسع انتشارًا وأكثر وجودًا في مناطق الأزمات والكوارث مستخدمًا الإنسانية الاستباقية نهجًا جديدًا له، بل وانتقل وبكل الفخر والاعتزاز بمشاريعه وعطاءاته التي لا تغيب عنها الشمس إلى مراحل متقدمة من التمكين الاجتماعي والعمل التنموي الذي يحقق النمو والاستقرار والأمن والسلام للشعوب سعيًا منه وبتوجيهات كريمة من قيادتنا الحكيمة على تنمية الإنسان وبناء المكان لصناعة الأمل للشعوب المنكوبة.
وعبر كذلك عن شكره وتقديره للصندوق السعودي للتنمية الذي يسابق الزمن بجهوده التي ترفرف خفاقة في مختلف الاتجاهات على هذه البادرة غير المستغربة، والشكر موصول للبنك الإسلامي للتنمية الذي عمل جاهدًا على إنشاء هذا الصندوق ووضع آلياته وطريقة عمله وفقا للمرجعيات الدولية؛ تنفيذًا لقرار المجلس الوزاري في هذا الشأن، مقدراً عاليًا جهود المجتمع الدولي والدول الإسلامية والمنظمات الدولية والإنسانية على اختلافها والتي قدمت وما تزال تقدم المساعدات الإنسانية للشعب الأفغاني، مؤكدًا تضامن المملكة الراسخ مع الشعب الأفغاني في سعيه الحثيث لكي تنعم أفغانستان بالسلام والاستقرار والازدهار.