يا أصحاب المعالي والسعادة، لماذا كلما عُيِّن أحدٌ منكم قام بتغيير المديرين والموظفين، ابتداء من موظفي مكتبه، كما لو أنهم أثاث قديم؟! لماذا دائمًا تغفلون أو تتغافلون عن الموجود، وتبحثون عن المفقود!
ستجدون في المكاتب شبه المهجورة في الأجهزة التي تديرونها طاقات مهدرة، وكفاءات معطلة! أراد أصحابها أن ينفعوا بها وطنهم، ويحققوا ذواتهم، إلا أنهم قوبلوا بما لا يستحقون.. كل ذلك لأسباب، لا يمكن أن تكون لها علاقة بالمصلحة العامة.
أنا واثق بأنكم ستسمعون من القصص ما يدهشكم؛ فهذا أُقصي لأنه جاء برأي يخالف رأي المسؤول، وذاك حورب لأنه جهر بعدم موافقته على إجراء غير نظامي، وآخر أُبعد ربما لأن شكله أو حتى اسمه لم يعجب المسؤول أو طريقة كلامه.. وما خفي أكبر وأعبر.
يسأل أحدهم: لماذا لا يوجد لدينا عدد كبير أو على الأقل كاف من الخبراء الوطنيين، خاصة في القطاع العام؟ الجواب باختصار: لأن الموظف كلما قطع شوطًا كبيرًا في ميدان عمله، واستوعبه، وأصبح به خبيرًا، جاء مسؤول جديد، وأعاده إلى نقطة البداية بنقله إلى قسم آخر، أو إلجائه إلى النقل من الجهاز كليًّا، وربما أقصاه، وحوَّله إلى كفاءة معطلة! وفي المقابل، جاء بموظف جديد؛ ليبدأ من حيث بدأ سلفه، لا من حيث انتهى. وهذا – بلا شك - له أثر سلبي على جودة العمل!
ابحثوا يا أصحاب المعالي والسعادة عن هذه الكفاءات قبل أن تبحثوا عن أمثالهم خارج الأجهزة التي تشرفون بإدارتها.. فتشوا عنهم في كل زمان ومكان.. وليكن مرشدكم إليهم ذمهم! فإذا ذُمَّ أحدٌ عندكم ضعوا في اعتباركم أنه قد يكون ممن تبحثون ويبحث وطننا عنهم. استدعوه، واختبروا صدق من ذمه عندكم باختباره. على الأقل، سيلجأ الذين لا يحسنون إلا ذم الموظفين أو التقليل من شأنهم إلى تطوير أنفسهم إن كان فيهم رجاء، بعد قناعتهم بأن أسلوب التنافس غير الشريف لا طائل منه عندكم.
اجعلوا بذلك وبغيرها من التدابير التي ستتخذونها من ممارسة الفساد أصعب، كما ذكر سمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في لقائه الذي بثته قناة العربية في إبريل 2016م.