لم يمر يوم الأحد العاشر من شهر ربيع الثاني الماضي كسائر الأيام على الساحة الشعرية حيث رحل "أمير شعراء القلطة " أحمد الناصر الشائع، الهامة الشعرية العملاقة التي افتقدتها الساحة الشعرية والنبطية.
حياته وموهبته
عاش أحمد الناصر رحمه الله قرابة قرن من الزمن حيث ولد في عام 1339 هـ بمدينة الزلفي التي نشأ وترعرع بها وعاش بها طوال حياته كما عمل برفقة الأمير عبد العزيز بن أحمد السديري في إمارة القريات ثم مع مشاري بن عبد العزيز ثم مساعد ابن الملك سعود ثم الملك سعود ثم محمد بن عبد العزيز.
بدأ الناصر رحلته مع الشعر في وقت مبكر منذ الصغر حيث تميز بدماثة الخلق ورحابة الصدر وبصوته الشجي وموالاته الجميلة وأشعاره الهادفة وألحانه العذبة، ونظرا لكونه يمتلك موهبة شعر المحاورة فقد جرت له الكثير من المحاورات الشعرية الرائعة مع كبار الشعراء الأفذاذ الذين عاصرهم الناصر.
ارتباطه بالجمهور
ارتبط الفقيد بعلاقات طيبة مع مختلف شرائح المجتمع خاصة الشعراء، وخطف الأضواء وكسب شهرة واسعة وقاعدة عريضة من جماهير الشعر الشعبية ومحبيه على مستوى الجزيرة وبعض البلدان العربية، وكان خلوقاً متواضعا إلى أبعد الحدود وأكثر مما يتصوره البعض، وقد زاده هذا التواضع شهرة كبيرة وواسعة بين الجمهور والنقاد وأصبح الكل يطرب به وعاش أغلب حياته في محافظة الزلفي وبدأ كتابة الشعر منذ الصغر وأول قصيدة قالها كانت عن مسقط رأسه الزلفي وهو دائما ما يذكرها في أبياته.
١٣ ربيعا
ومنذ سنواته الأولى بدأت تظهر موهبته الشعرية فبعد ثلاثة عشر ربيعا قال أول قصيدة، لتتوالى إبداعاته الشعرية التي لن تنساها أجيال عاصرته وكان لموهبته الشعرية منذ صغره دور في لمعان نجوميته التي أثرت الساحة الشعبية وأحيت الموروث الشعبي منذ زمن حيث توجت هذه النجومية بإطلاق الأمير فيصل بن خالد لقب "أمير شعراء القلطة " على أحمد الناصر الشايع رحمه الله.
وابتكر الناصر بحر "المعوشر" أحد البحور الطويلة التي اشتهر عن الناصر عشقه لها كما اشتهر الناصر بطرق المربوع الذي كان يؤديه بنفسه فضلا عن تميزه في ألوان الشعر الأخرى كالوجد والحكمة والرد بعد أن أصبح أحد أركان شعر المحاورة، رحمه الله.
أول محاورة
كانت أول محاورة شعرية للناصر في مدينة القريات بعدها جارى عمالقة شعراء المحاورة على مدى ثمانية عقود في المملكة والخليج العربي، ولم يغتر الناصر بنجوميته حيث كان يجابه كل من يريد مجابهته شعريا حتى ولو كان مستواه الشعري ليس بالكبير.
دواوينه
توجت مسيرة الناصر الشعرية بصدور ديوانين، أحدهما قبل أكثر من خمسين عاما ويحمل اسم " نسمات الربيع " وديوانه الجديد الذي يحمل اسمه كما أن له العديد من الدواوين الصوتية، رحمه الله.
وشارك الناصر في العديد من المناسبات الوطنية أبرزها حفل الجامعة (محاورة) في التسعينات الهجرية ومهرجان الجنادرية محاورة ونظم والمغترة وحفلات خاصة وعامة وهو يعد من أقوى الشعراء على ساحة الشعر الشعبي والمحاورة.
كما شارك في العديد من الأمسيات في بيروت والدوحة والمنامة ودول الخليج العربي وبعض الدول العربية ومناطق المملكة، ورّث الفقيد للساحة الشعرية قصائد لامعة كما أن أبناء الناصر شعراء مبدعون أبرزهم عبدالرحمن (مجازف) وناصر وعلي وشايع.
ذكرياته في رمضان
وللشايع ذكرياته الخاصة في رمضان التي يذكرها أهله وأقاربه حيث يقول شايع بن أحمد الناصر إن والده كان اجتماعيا خصوصا في رمضان حيث يستقبل زواره في مزرعته بالزلفي وكانت له جلسة بعد صلاة التراويح مع أصدقائه وأقاربه. وأضاف بأن أغلب من عايشوه قد قضوا ولم يبق منهم إلا القليل.
وتابع الناصر قوله بأن لوالده مقولة يرددها دائما وهي " هذا اللي كسبته ولله الحمد" يقصد محبة الناس التي حصدها الناصر نتيجة لتواضعه وعزة نفسه وحبه لفعل الخير والفزعة لكل من عرف ومن لم يعرف حيث كان لا يدخر جهدا في مساعدة الآخرين مستخدما كل ما يملك من مال وجاه.
ولدور الناصر الاجتماعي كُرم في حياته وبعد مماته حيث كرم من قبل الأمير فيصل بن خالد والجنادرية ونادي طويق وقناة روتانا وغيرها وبعد وفاته كرمه مركز الملك فهد الثقافي.