النداء تلو النداء يا مرور

النداء تلو النداء يا مرور
تم النشر في

أستهل مقالي بخبر نُشر على صفحات سبق مفاده "طالَبَ خطيب جامع حي الرائد بالرياض الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن يعيش، الجهاتِ المختصة بالتعامل مع السائق الذي يقطع الإشارة، معاملة القاتل العمد؛ لأنه بسلوكه يتعمد تعريض حياة الأبرياء للخطر".

وبداية أهنئ الشيخ على اختيار الموضوع الأكثر أهمية والذي قض مضاجع الشعب السعودي برمته.

من منا يأمن على روحه وهو يقود سيارته وسط غالبية من المتهورين غير الآبهين بأرواح الناس متسلحين بالرعونة في القيادة وكل ذلك في غياب تام من قبل جهاز المرور، فحدث ولا حرج عن أعداد الوفيات التي وصلت أرقام لا يمكن تحملها فقد وصلت بالآلاف، والمستشفيات غصت بالمصابين والمعاقين، وتحولت طرقنا إلى مطحنة بشر أو وسيلة عقاب لمن يرتادها.

تفاءلنا خيرا بتطبيق نظام ساهر فإذا به نظام عبثي لم يقدم أكثر من الصخب وتبادل الاتهامات بسبب طريقة تنفيذه، واستمر الوضع المأساوي على ما هو عليه، يوجد ساهر الكل يخاف، يختفي ساهر الكل يقطع الإشارة، ولكن السؤال الذي لا أجد له جواباً وهو لماذا يظهر ساهر فجأة ويختفي من أماكن كثيرة، هل هناك تفاوت في مستوى الخطورة بين طرق المملكة، بل إن ساهر لم يطبق في جميع مناطق المملكة فهل هناك أهمية لمنطقة على أخرى من حيث حفظ النظام والأرواح فيها؟ هذه الأسئلة موجهة مباشرة لجهاز المرور إن كلف نفسه بالرد علي.

نعم إن الشق اتسع على الراقع، لدرجة لم يعد فيها غياب رقابة المرور على الشوارع امراً يحتاج الكثير من الملاحظة، فلا وجود لهم البتة، وإن وجدوا فهم في سيارتهم مشغولين بجوالتهم، لا يغادرونها بل إن بعضهم شاهد على قطع الإشارات على مرأى منا وفي مواقع معروفة للجميع.

ولذلك انتشر قطع الإشارات بالجملة، وتفنن البعض بقطعها تزامنا مع فتح الإشارة الخضراء لأقرب مسار له من مبدا من له حيلة فليحتال، ولكن كل هذه الرعونة ترتب عليها دفع ثمن قاس ومكلف لا يمكن تعويضه وهل يوجد ما هو أغلى من حياة البشر.

نعم أؤيد وبقوة تطبيق عقوبة القتل قصاصاً لكل من يقطع إشارة مرور ويتسبب في إزهاق روح بريئة، وإن خفف الحكم فليس بأقل من السجن المؤبد، فهو قتل عمد مع سبق الإصرار والترصد، وفي الشرع العين بالعين والسن بالسن والجروح قصاص، وعلى الجانب الآخر، من يقطع إشارة دون أن يتسبب في حادث، توقع عليه عقوبة دفع غرامة لا تقل عن خمسة آلاف ريال وإن تكرر منه يودع السجن لخمس سنوات، والعاقل خصيم نفسه، صدقوني عشنا في الغرب، ورأينا كيف تدار الشعوب! بالقانون من خلال تطبيقه بدون هوادة، تقف في موقف مخصص للوقوف في الأيام الزوجية تغرم عن كل ساعة وقوف وإما الدفع أو المحكمة، ولكل مخالفة عقوبة منصوص عليها وتطبق بحذافيرها، ولكن القانون هناك مرتبط بمن هو موجود في الميدان لكي يطبقه، بينما عندنا أين رجل المرور لكي يطبق النظام ؟؟

وللأسف تعالت الكثير من الأصوات التي تهاجم الشيخ وتنتقده على مطالبته بتطبيق عقوبة القصاص على من يتسبب في قتل أرواح بريئة نتيجة قطعه الإشارة، وهذه الأصوات وللأسف الشديد هي من جلب الويلات على هذا المجتمع الإسلامي البريء، هذه الأصوات للأسف نجدها في ازدياد وبشكل مفرط ومخز في نفس الوقت، فهم من يقطعون الإشارات بل يعتقدون أن الإشارة لا داعي لها، لأنهم ببساطة يعتقدون بأن قيادة السيارة هي عملية شطارة وبقدر ما تكون مخادع وتنتهز الفرصة لكي تجد طريقك ولو على حساب أعصاب ومشاعر الآخرين، فلا أهمية للمشاعرأو الأحاسيس عند هذه الفئة أهم شيء أن تشعر بأنك مبسوط ولا يحدك قانون أو عرف أنت خارج كل الانظمة التي تحكم العالم المتحضر، ولذلك ارتعدت فرائصهم لمجرد ذكر العقاب، فكيف وقد كان القصاص، وهذا الفئة أيها الجمهور الكريم هي من شوهت صورتنا في جميع أنحاء العالم، بتصرفاتها الرعناء من حيث التمادي في البذخ من خلال اصطحاب السيارات الفارهة المطلية بالذهب أحياناً والمرور في الشارع فقط لكي يقول للناس نحن هنا، وللأسف الغالبية ينظرون إليه باندهاش وخصوصاً في الدول الأوربية، لسبب بسيط وهو أنه لا يوجد في الخارج من ليس له عمل يؤديه لأن الخروج مكلف مادياً ولذلك هم يستغربون من شخص يفترض انه جاء لبلادهم سائحاً، وبالتالي فلا بد أن يقضي وقته في المتاحف أو الحدائق أو الأسواق أو الشواطئ وغير ذلك مما له علاقة بالسياحة ومظاهرها في هذا البلد، أما أن يتسكع في سيارته ويستعرض بهذا الشكل المخجل، فليس له من تفسير إلا أنه احمق، ولذلك غالباً ما تنتهي الأمور لمثل هذه الفئة بما لا تحمد عقباه.

وهذا الفئة هي من آخر عجلة التنمية في بلادنا الحبيبة، لأنها ببساطة تمارس الواسطة في التعليم وفي التعيين على الوظائف، وبعد أن تتعين في الوظائف تمارس شتى أنواع الفساد المالي والإداري وتحاول أن تحصر عملية التوظيف في دائرة من ينتمون لهم الفاسدين وتخيل عندما تمتد خدمة موظف فاسد لأكثر من ثلاثين عاماً، ماذا تراه سينتج غير الفساد والظلم، ولذلك فالأمر ليس بالهين، وعندما ترى القصور يعترى العديد من الخدمات المقدمة لدينا في الشوارع وفي الأسواق وفي المستشفيات والمطاعم والمطارات والقائمة تطول فأعلم أن هناك منظومة كاملة من المفسدين تقف خلف كل تلك المخالفات، ولكي تظهر سوء هذه المنظومة وتفككها إلى جزيئات بحيث تفقد قواها وتنهار تلقائيا وبشكل فوري لا بد من سن القوانين والعقوبات التي تطبق بكل صرامة، عندها فقط سوف لا تجد هذه الفئات فرصة للنمو والتمدد، ولا زلت أتذكر الاستقالات بالجملة عندما بدأ تطبيق نظام البصمة في احد الدوائر الحكومية، لأن البصمة أثارت الذعر عند من تعودوا على الحضور ضحى والمغادرة بعد صلاة الظهر فبيان التوقيع باله وسيع، أما جهاز البصمة أعمى ولا يعرف المجاملة، فالوقت لا يتغير مهما تغيرت الظروف، ولذلك قرروا الفرار خشية الإملاق، وخشية من الجهاز وخجلاً من الناس والله أحق أن يخشوه.

أسأل نفسي دائما لماذا اضطر أن أعمل معقباً عند أمانة مدينة الرياض وعند وزارة التجارة أو الصحة وغيرها من الجهات الحكومية بالمجان أو حتى بدون صيغة متعاون أو متطوع بشكل رسمي، من خلال تقديم بلاغات وشكاوى ضد أفراد أو قصور في تقديم خدمة في الوقت الذي يوجد من الموظفين من يدفع له راتب لكي يمارس عملا ً محدداً وهو ضمان سير العمل بشكل صحيح في الجهة المعنية، وتجده مقصرا بل غائباً عن ممارسة مهام عمله ولا حسيب ولا رقيب، وهو ما يضطرني على سبيل المثال إلى الإبلاغ عن تعطل عمود كهرباء في أحد شوارع الرياض على الرقم 940و من ثم متابعة الطلب وربما أخذت مني المتابعة شهوراً وربما مللت وتخليت عن البلاغ، فهل هذا منطقي، وما ذنبي أن اتابع مشاكل تعني جهات بعينها ولديها من الموظفين ما يكفي لإداء هذه المهمة، وماذا لو حل الموضوع محل البلاغ وطبقت عقوبة بحق الجهة المخالفة وغرامة مالية، اليس من المنطق أن تكون الغرامة من نصيبي، ولكن ما يحصل هو العكس تماماً، هناك الكثير مما ينبغي أن نقف عنده في خطب الجمع من القضايا الاجتماعية والمشاكل التي طرأت على مجتمعنا المسلم ولم تكن معروفة من قبل وهي جديرة بالنقاش والحوار وتسليط الأضواء عليها، فأدعوا إلى المزيد من مثل هذه الخطب المدعومة بالحلول فللمسجد دور كبير لا ينبغي أن نغيبه، بل علينا أن نثري وننفع المجتمع بطرح مثل هذه القضايا المهمة مستغلين هذا التجمع الكبير، كما أطمح بأن أرى إناطة مهمة دراسة أوضاع من يطلبون المساعدة ممن ضاقت بهم السبل وذات اليد بإمام المسجد من خلال ربطه بالجهة المختصة في مثل هذه الأمور، ومن ثم يتضح إن كان محتاجاً فيجب مساعدته بشكل رسمي يضمن حفظ كرامته وكرامة من يعيل، وإن كان مدعياً، نال ما يستحقه من عقاب، وبالتالي تحفظ الحقوق لأهلها. وبالله التوفيق.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org