الوصايا السبع لـ "التحول الوطني"

الوصايا السبع لـ "التحول الوطني"
تم النشر في

مع كل الأحداث المتسارعة واليومية التي تحدث إلا أن الحديث الأهم لنا كسعوديين بل وشغلنا الشاغل كان برنامج "التحول الوطني 2020" الذي قاده الأمير محمد بن سلمان، في أول تجربة "من نوعها " مع المواطنين لوضع خطة عمل تحمي السعودية من سيناريوهات القلق المرعبة. يبدو الحراك السعودي من قمة السلطة وحتى قاعدة المواطنين إيجابياً في إدراك ملامح المرحلة المقبلة، علينا أولاً كسعوديين أن نؤمن بالتغيير الذي سيحول مجتمعنا إيجابا ونحترمه ونؤمن به ونحترم من يتبناه سوف أقترح هنا ثمانية وصايا ومفاهيم تعيش في داخلنا جميعا، علينا أن نشحذ الهمم لنجعلها تتنفس داخل عقولنا لنحلق بفرح مع "التحول الوطني".

1. الدولة: أول كلمة يجب أن يتنفسها السعودي، ويفهمها في إطارها الفكري، هو مفهوم "الدولة" ذاتها. ما يحدث أننا اعتاد طوال 100 عام أن يكون نظام الدولة أبوياً حاضنا ودافعا وممولا، وفي المقابل يجب أن نفهم ونستوعب ونتعايش أن الدولة لن تستطيع الإنفاق على كل أبنائها في كل حقبة زمنية. بدائل الدخل الوطني قد لا تسعد كثيرا منا كسعوديين للوهلة الأولى مع أنها الحقيقة الجميلة والأشجع والأصدق بل وذات العمر الأطول لأنها تحتوي على نظام اقتصادي متكامل، والتي قد تعني أحيانا دفع رسوم يظنها بعضنا أن الحكومة تتنصل عن أداء دورها الوطني.. مهم أن ندرك كسعوديين ماذا يعني أننا سندفع 80 ريالاً مثلا كرسوم سفر عبر المطار يعاد تدويرها لإدارة وتطوير المطارات. وماذا يعني 20 ريال مثلاً "رسوم نفايات" تضاف إلى فاتورة الكهرباء لإعادة تدويرها في أعمال النظافة العامة. مجموعة الرسوم المقترحة من المفترض أنها لا تشكل عبئاً على المواطن، ولكنها في مجملها مع الكثافة السكانية تشكل مورداً يحقق مفهوم الدولة المعاصرة التي نراها في أوروبا وأمريكا. تحمل الرسوم يعني الحصول على خدمات مستدامة، ومتطورة.

2. المواطنة: أهل الرياض مثل أهل جيزان. وأهل القصيم مثل أهم الإحساء. في الوطن نحن سواسية. إلا أن مفاهيمنا الآن وتطبيقاتها تشير إلى أن مفهوم الوطن لدينا مضغوط في مساحة ضيقة للغاية، ولا يمكن لـ "المواطنة" التنفس دون أن تخرج كلمة الوطن ومشتاقتها من لباسها "القبلي" و"المناطقي" و" الطائفي" الضيق.

ما يحدث لا يمكن أن ينكره السعودي من ثقافة تشبه إلى حد ما "العنصرية" المهذبة، والتي إن تراكمت أكثر تصبح عنصرية مؤذية تلغي الوطن والمواطن كمفهوم شمولي شاسع المعنى، إلى مفهوم ضيق تحدده القبيلة، أو المنطقة أو الطائفة لا يمكن للدولة أن تمنح للمواطن بأي مذهب تو طائفه حقوقه الكاملة، وفي الوقت ذاته يمر إلى جانب من يدعي على أبناء طائفته بالهلاك.، يجب ان نتحدث عن مفهوم المواطنة للمواطن نفسه، الذي يعيش في جغرافيا سعودية متنوعة، فطرها الله على الاختلاف، وفطرنا على الاتفاق.

3. المرأة: إذا نظرنا إليها على أنها كلمة منفردة، فقد تتغلب علينا عقلية القبيلة، ولكن إذا فككناها إلى: أمهاتنا، أخواتنا، بناتنا وزوجاتنا، فسوف يصبح الأمر ملحا وضروريا لإعادة تنفس الكلمة وقراءتها من جديد بطريقة تليق بها. القوانين هنا هي من يجعل مفردة "المرأة" أكثر احتراما من خلال تفهم حقها في التنفس. إذا فهمنا أولاً حقها في حدود ديننا العظيم الذي فتح لها كل حق يحترمها ويصونها وحتما سيطرح التحول الوطني أشكالا تنموية تكون المرأة عنصرها الأساسي وقد يؤدي هذا إلى البناء إلى قائمة من الإجراءات والأنظمة الأخرى وهنا يجب أن نثق في ولاة أمرنا وأنهم لا يقدمون على خطوه لا يقبلها ديننا أبدا فلا نريد أن نجعل باب سد الذرائع بابا لحرمان أحد بل يجب أن نفعل فقه المقاصد في دعم تحولنا الوطني وهو فضل من الله أن الواقع يتعايش مع الفقه.

4. الرأي: أنا أرى، وهو يرى، وهي ترى، وهم يرون، وهؤلاء يرون. كل إنسان لديه حق في الرأي والرأي الآخر، لذلك عندما يبدأ النظام التعليمي بتعليم الجيل الجديد كيف يتناقش، وكيف يمنح الرأي الآخر حق إبداء رأيه دون أن يتم شيطنته لمجرد اختلافه في الرأي، فإن كثير من نقاط الخلاف سوف تتلاشى، لأن مناخات التعبير عن الرأي تكون ثرية. اختلاف الآراء شأن فطري، وخلق إلهي فينا، ولكن عملية تنظيمها، والسماح لها بالمرور دون إعاقتها هو شأن بشري علينا تعلمه. هذا التحول في احترامنا للآخرين مع كل قسوة آرائهم سوف يساهم في التحول الوطني. هذا المفهوم هو هام جداً وأساسي في أي عملية تحول وطني.

5 التطوع: هذه الكلمة التي تأخذ أبعادا عميقة، تختنق في إطار ضيق جداً من الممارسات. وإن تنفست، واستطاعت أن تمارس فعاليتها فسوف تصيب الكثير من المناطق الإيجابية فينا، خاصة إذا ما علمنا أن الاقتصاد الخيري في أمريكا يبلغ 300 مليار دولار، أي أكثر من ترليون ريال سنويا في الأعمال الخيرية. هل إنسانيتهم أكثر من إنسانيتنا؟ لا يعقل أبدا فنحن نعيش بدين يحثنا دائما ويشجعنا على كل خير، أن فكرة التطوع محصورة في إطار التراث الديني، حيث الصدقة، وبناء المساجد وكفالة الأيتام، - وهو أمر إيجابي حتما - ولكن الجيل الجديد عليه أن يتعلم ممارسات تطوعية أخرى إلى جانب طرق الإنفاق الخيرية الأصيلة، وهذا المفهوم يحتاج إلى تمريره عبر أنشطة لامنهجية في المؤسسات التعليمية، سوف يجعل الشاب السعودي مستمتعا بممارسات إنسانية تضيف قيمة إلى حياته.

ثقافة التطوع بطبيعتها تحقق تحولات نفسية هامة جداً ومؤثرة في التحول الوطني، خاصة عندما يكون هذا التطوع مؤسسيا ومنهجيا يمثل جزءا من أحلى ذكريات حياتنا.

6. (القيم والأخلاق): من قائمة الكلمات التي عليها أن تتنفس في عقول السعوديين، هي منظومة الأخلاق الكاملة. سوف يبدو ذلك سهلا، لان ديننا بالأساس هو عبارة عن نظام أخلاقي جاهز للتطبيق، إلا أنه لم يخرج بعد من النصوص المقدسة إلى واقعنا المعاش. إن الأخلاق تعني المسؤولية التي يتحملها الإنسان أولا داخل نفسه في تغيير الكثير من ظواهر الأمور وبواطنها، وهو أمر يسهل تمريره في مناهج التعليم، والأنشطة اللامنهجية التي تجعل السعودي ينظر إلى ساعات عمله أو إلى المهمة التي يؤديها بأنها أمانة عليه تأديتها دون محاولة التلاعب. النظام الأخلاقي يعني أننا الضمير والمسؤولية ومحاسبه الذات يعني مثلا عدم إلقاء النفايات في شوارعنا، وأن نحترم الطابور، وغير السعودي الذي يعيش بيننا، وغيرها كثير وكثير. يجب أن نكون أمة سعودية تهتم بنظامها الأخلاقي في كل معاملاتها.

7. حماية وحدتنا: أصبح الجوال هو مصدر الأخبار الأسرع الذي يخترقنا كل ثانيه بخيرها وبشرها وأصبحنا أيضا نتناقل هذه الأخبار بشكل عشوائي وسريع دونما تدقيق مما يساهم في نشر الشائعات التي تهدد نسيجنا ووحدتنا ومن هنا يجب أن نرفع مستوى الحساسية تجاه مصادر الأخبار. ما يحدث حقيقة أننا كسعوديين نعيش داخل سناب شات، واتساب وتويتر، في تدفق معلوماتي مخيف، ولكن ثقافة الاستسهال في قبول المعلومة وتصديقها تزامنت مع كم الأخبار، فأصبح كل شيء قابل للتصديق، مما يعني أن من يحاول تهبيط الهمم السعودية، وتجييش المواطنين في قضية قد تكون فاسدة في الأساس من خلال صب كم من المعلومات المغلوطة تجاه حدث واحد اعتمد على معلومة مسربه بحقد تجاه بلادنا وهنا يجب أن نكون حاجز الرفض الأول لكل ما يمس بلادنا من خلال تعامل عالي الحب والوطنية مع أرضنا ووحدتنا الوطنية

شكرا لبرنامج التحول الوطني.
بصدق نحن نحتاجه لنكون شعبا يبني ويشارك.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org