كان المشهد لافتًا جدًّا، ومثيرًا للاستهجان، أن يمزق الطلاب كتبهم الدراسية عقب أداء الامتحانات النهائية، ولكنه - مع الأسف - مشهد يتكرر كل عام، ومع نهاية كل عام دراسي، وربما لا تخلو مدينة ولا محافظة من هذه الظاهرة السيئة.
الجديد في هذا العام أن الوزارة قررت التدخُّل على خط أزمة الطالب ـ الكتاب، وقررت إعفاء قائد المدرسة التي مزَّق طلابها الكتب في تبوك، واستكمال التحقيق في أسباب ضعف الإشراف والمتابعة من المسؤولين والمشرفين في المدرسة، وتشكيل لجنة تربوية لدراسة أسباب تمزيق الكتب، التي باتت ظاهرة، بحسب المتحدث باسم الوزارة مبارك العصيمي.
لسنا بصدد الدفاع عن قائد المدرسة أو مشرفيها والمسؤولين عنها، ولكن كيف نتحدث عن ظاهرة، ثم نذهب لنعاقب قائد مدرسة، سجَّلت الكاميرات تمزيق طلاب مدرسته كتبهم، وهو أمر يكاد يكون أمام كل مدرسة؟!
إن الظاهرة تعني أننا أمام مشكلة منتشرة في عموم البلاد، ومن الخطأ الفاحش معالجتها بقرار إداري فردي، يعاقِب أحد قادة المدارس لامتصاص الأزمة وكفى!
إنها مشكلة الوزارة في المقام الأول؛ لأنها ظاهرة منتشرة زمنيًّا، أي أنها ليست وليدة اليوم، وهي منتشرة جغرافيًّا كذلك في غالب مدارسنا وجامعاتنا.
فحري بالوزارة - والأمر كذلك - أن تبحث عن حلول ناجعة للقضية، تتجاوز حد البحث عن المنطقة الرخوة ومعاقبتها، والالتفاف حول الظاهرة، ومحاولة التنصل من المسؤولية عنها بعقوبات إدارية ساذجة.
إنَّ تمزيق الطلاب كتبهم مظهرٌ ينمُّ عن ضيق أفق، ورعونة في تصرف هؤلاء الطلاب، لكنه بكل تأكيد ومصداقية ليس مشكلتهم وحدهم؛ فوزارة التعليم جزء وركن ركين في هذه الأزمة.
فهل أعدت وزارة التعليم كتابًا دراسيًّا شيقًا جذابًا؛ كي يكون صديقًا للطالب في فترة دراسته وما بعدها؟ وهل بذلت الوزارة جهدها في تطوير مستوى الكتاب الدراسي؛ ليناسب التطور التكنولوجي ووسائل التعليم الحديثة، أم أنها أصرت على الحفاظ على الوسائل التقليدية التي تجاوزها الزمن بمراحل؟! وهل بذلت الوزارة - وهي المعنية بالجانب التربوي - جهدها في بث الوعي بأهمية القراءة والاطلاع، وهي التي تضع يدها على كنز المستقبل الممثل في طلابنا؟
إن العقوبة المغلظة جدير بها مَن صنع السياسات التي قادت إلى هذه الظاهرة، وليس قائدًا لمدرسة، اصطادته على حين غفلة كاميرات متربصة!