قيلت هذه الجملة منذ اليوم الأول لفتح الرياض واسترداد الحكم، حين قال الخصم: "خله نحاصره في مكانه وينتهي"، ثم قال الخصوم والمناوئون هذه العبارة مع كل انكسار ولو كان صغيرًا.. وحين توسعت الفتوحات قال مثقفون ومفكرون في العالم الغربي المنتشي بالدولة الحديثة: "لا يمكن لفكرة دولة ملكية أن تقوم الآن في ظل تحولات أنظمة الحكم نحو الأنظمة الجمهورية.. حتمًا ستنتهي قبل أن ترى النور.."!
وبالثورة البلشفية 1917م، التي جاءت بالشيوعية الانقلابية اللينينية، ثم الدكتاتور "ستالين"، والتي وافقت عصر التوسع السعودي المتماسك والمذهل، بالمثل شككوا بقيام الدولة والمجتمع السعودي، الذي وصفوه بالبرجوازي الذي ينتمي لحقب ماضية من التاريخ، وقالوا: "ملكية جديدة بشعار ديني معلنة دفاعها عن الإسلام. هذه دولة لا يمكن أن تقوم، ويجب أن لا تقوم". هذا التشكيك وصل ليقول: "إن (عصبة الأمم) لن تقبل بدولة جديدة تغير الحدود وتتوسع كما تريد.."!
وفي الوطن العربي الذي يخضع معظمه ذلك الوقت للاستعمار، بعض المثقفين والمفكرين العرب الذين تربوا على أعين المستعمر، وعُرفوا ذلك الوقت بـ"الانمبرياليين"، جعلوا هذه الدولة الوليدة عدوة، وشككوا في قدرتها على التحوُّل لدولة عصرية، وراهنوا على حصولها على اعتراف الدول بها.
مثقفو ومفكرو الدول المنحسرة في المنطقة هم خليط من القوميين الذين صدقوا الوعود البريطانية بدولة قومية عربية مستقلة عن حكم الأتراك.. لذا استمروا في أحلامهم، واستبعدوا أن تقوم دولة للسعودية والسعوديين تضامنًا مع الدولة العربية الموحدة الوهمية الموعودة.
في عام 1932م تم إعلان قيام "الدولة السعودية"؛ لتتفكك نظرياتهم، وتذوب توقعاتهم، وتصدق توقعات وآمال الشعب السعودي في دولة موحدة آمنة موعودة بازدهار شامل، وفرح بذلك سياسيون وعلماء ومثقفون وشعوب كثيرة في العالم أن شاهدوا قيام دولة جديدة موحدة، فيها الأمن لا الخوف، والعلم يطوي الجهل. (يتبع)