أعربت المملكة العربية السعودية عن إدانتها للعنف الجنسي في كل الأحوال والأوضاع؛ لا سيما في حالات النزاع المرتبطة بعدة صعوبات، ومنها صعوبة الوصول إلى الخدمات القانونية والعدلية.
جاء ذلك في كلمة المملكة العربية السعودية اليوم، خلال اجتماع مجلس الأمن الدولي المنعقد بعنوان (المساءلة كوسيلة منع: إنهاء حلقات من العنف الجنسي في الصراع)؛ لمناقشة العنف الجنسي المرتبط بالنزاع، والتي ألقاها القائم بالأعمال بالإنابة في وفد المملكة العربية السعودية الدائم لدى الأمم المتحدة المستشار محمد بن عبدالعزيز العتيق.
وأعرب المستشار "العتيق" في كلمته عن أسف المملكة العربية السعودية لوقوع ضحايا للأشكال المتعددة من العنف الجنسي في مناطق النزاع؛ مشددًا -في ظل ما يشهده العالم من تزايد في الأزمات بمختلف أنواعها- على ضرورة أن يتكاتف المجتمع الدولي لتحقيق سبل الانتصاف لهؤلاء الضحايا ضمن الأنظمة الوطنية لدولهن، وبما يحقق لهن العدالة التامة.
وقال: "تؤمن بلادي بأهمية تضمين صوت المرأة -في المجتمعات الضعيفة- في كل التقييمات للاحتياج الإنساني، وكذلك إشراكهن في تصميم وتنفيذ البرامج الإنسانية، وخصوصًا المتأثرات منهن بالنزاعات المسلحة؛ وذلك للوصول إلى خطط الاستجابة التي تلبي احتياجاتهن الفعلية، وبالأخص في حالات الطوارئ".
وأضاف: يمر عالمنا المعاصر يوميًّا بالعديد من الأحداث المتسارعة والأزمات المتتالية والمتداخلة، والتي تضيف بُعدًا جديدًا على ما أحدثته جائحة كوفيد-19 من تأثيرات سلبية طالت الجوانب الصحية والاقتصادية والاجتماعية؛ بل وأثرت بشكل واضح على العمل الإنساني.
وأشار المستشار محمد العتيق إلى أن كل هذه التحديات تُحَتّم على الدول العمل على وضع نهج واستراتيجيات مشتركة وشاملة، تضمن تعزيز دور المرأة في الاستجابة لتلك الأزمات، وتيسر للنساء فرص الوصول إلى الخدمات المقدمة للجميع.
وشدد على أنه انطلاقًا من أهمية دور المرأة في صمود وبناء المجتمعات؛ فإن المملكة -عند تقديمها لأي دعم إنساني- تتبع نهجًا موجهًا يستهدف المرأة واحتياجاتها؛ وذلك من خلال تحليل التقارير الأممية المتعلقة بالمرأة، لربطها بالاحتياجات الإنسانية في البلدان المتضررة.
وأكد حرص المملكة على التواصل مع الشركاء في الدول المستهدفة؛ من أجل تقديم مشاريع إنسانية وإغاثية دون تمييز، مع التركيز على كل ما من شأنه التخفيف من معاناة النساء ودعمهن ليعشن حياة كريمة.
وتابع: ساهمت بلادي -ممثلةً في مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية- في دعم وتمكين المرأة على الصعيد الإنساني والإغاثي في مختلف قطاعات العمل الإنساني بمناطق الكوارث والنزاع المسلح، من خلال تنفيذ (788) مشروعًا في (79) منطقة حول العالم شملت أكثر من (109) ملايين امرأة مستفيدة، وبمبلغ يزيد على (520.686.055) مليون دولار أمريكي.
وأفاد بأن جميع تلك المشاريع هدفت إلى المساهمة في رفع مشاركة المرأة في الاقتصاد والقوى العاملة، وبناء قدرات المرأة اقتصاديًّا، وزيادة مشاركتها في التعليم والبرامج التعليمية في البلدان المتأثرة بالنزاعات المسلحة.
ولفت الانتباه إلى أن هذه الجهود تشمل تقديم الخدمات النفسية والاجتماعية وخدمات الحماية من آثار العنف القائم على النوع الاجتماعي، والخدمات القانونية للاجئات.
وأبان أنه في هذا الصدد يشير وفد المملكة العربية السعودية إلى تقرير الأمين العام للعنف الجنسي في حالات النزاع للفترة من شهر يناير إلى ديسمبر 2021م.
وأعرب "العتيق" عن تأييد الوفد لما أشار إليه التقرير حول ظاهرة قيام الجماعات الإرهابية والمسلحة باستخدام العنف الجنسي كأحد وسائل زعزعة الاستقرار في المجتمعات الهشة؛ مؤكدًا أن استمرار التسليح وتدفق الأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة بشكل غير مشروع، تُعد من العوامل التي ساهمت في تأجيج العنف الجنسي المتصل بالنزاع على نطاق واسع ومنهجي.
وسلط "العتيق" الضوءَ على ما أشار إليه التقرير من انتهاكات وأعمال عنف جنسي موثقة، ارتكبتها مليشيات الحوثي الإرهابية ضد النساء بمراكز سيطرتهم في اليمن؛ حيث إن ما أشار إليه التقرير من فظائع ارتكبها الحوثي، تتسق مع النهج المعهود لهذه المليشيا الإرهابية من جرائم ضد المدنيين في اليمن؛ لا سيما النساء والأطفال.
وجدد التأكيد في هذا الصدد على أهمية اتخاذ الإجراءات اللازمة من خلال مجلس الأمن للتصدي للعنف الجنسي في الصراعات، ومعاقبة مرتكبيها.
وأردف أن ما تَضَمنه التقرير من توثيق لحالات وتفاصيل العنف الجنسي في مناطق النزاع؛ هو أمر محزن، ويفرض على المجتمع الدولي -وتحديدًا الدول المانحة- بذل المزيد من جهود الاستجابة لجرائم العنف الجنسي في حالات النزاع؛ مؤكدًا في هذا الصدد الحاجة الماسة للتنسيق وتعزيز النهج الترابطي في المجتمع الدولي بين العمل الإنساني والتنمية والسلام؛ وذلك لضمان تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة التي تشارك فيها المرأة كركيزة أساسية.
وواصل: كما يقال "الوقاية خير من العلاج"؛ لذلك نؤمن بأهمية أن تقوم الدول بتعزيز التدابير الاستباقية والوقائية، وتفعيل البرامج التوعوية الملائمة لمعالجة الأسباب الجذرية للعنف الجنسي في حالات النزاع، كما نعتقد أن تعزيز دور المرأة القيادي في المؤسسات السياسية والأمنية والقانونية؛ سيكون خطوةً مهمة في هذا السبيل.
وشدد "العتيق" في ختام كلمته، على أن المملكة العربية السعودية وانطلاقًا من التزاماتها الدولية ودعمها لجميع الجهود الرامية لتحقيق السلم والأمن الدوليين؛ تعمل على تنفيذ القرارات الصادرة عن أجهزة وآليات الأمم المتحدة، في نطاق التزاماتها بما فيها قرار مجلس الأمن ١٣٢٥ (۲۰۰۰)؛ حيث اعتبرت "رؤية المملكة ٢٠٣٠" المرأة عنصرًا مهمًّا من عناصر القوة بالمجتمع؛ إيمانًا بأهمية المشاركة المتساوية للمرأة، وضرورة انخراطها الكامل في جميع الجهود المبذولة للحفاظ على السلام والأمن، وعلى كافة مستويات صنع القرار.