قدَّر الدكتور عبدالله القاضي، الباحث في المساجد ورئيس اللجنة العليا لمؤتمر عمارة المساجد وعضو مجلس أمناء جائزة عبداللطيف الفوزان لعمارة المساجد ووكيل جامعة الإمام عبدالرحمن الفيصل (الدمام سابقًا)، حجم الإنفاق على المساجد بالسعودية، التي تتجاوز 115 ألف مسجد، بأكثر من 100 مليار، فيما قدر تكلفة فاتورة الكهرباء بنحو مليار ريال سنويًّا، وتكلفة الصيانة التشغيلية بنحو خمسة مليارات ريال سنويًّا.
وبيَّن أن المساجد في السعودية في زيادة؛ لذلك لا يمكن الاقتصاد فيها؛ فالكل مرتبط بخمس صلوات في اليوم والليلة، إلا أنه طالب باستغلال المسجد على حده الأقصى، وتقليل تكلفة الإنشاء، والترشيد في الإضاءة، واستخدام الإضاءة والتهوية الطبيعية في بعض مدن السعودية، وعدم البذخ في البناء؛ لأننا ننطلق من مبدأ إسلامي، هو عدم الإسراف والتبذير، فما بالك بالمسجد الذي يعكس روحانية الإسلام ومساواته بين البشر.
ولفت إلى أنهم في النسخ القادمة سيركزون في البحوث المقدمة على المساجد خارج السعودية، التي تتجاوز 3600000 مسجد بالعالم، يصرف عليها تريليونات من الريالات.
وكشف القاضي على هامش المؤتمر العالمي الأول لعمارة المساجد عن تشغيل تطبيق (هيسلو-المواقع التاريخية) على الأجهزة الذكية، الذي يساعد على التعرف على المساجد النبوية التي صلى فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - والتي تقريبًا تصل لـ240 مسجدًا نبويًّا بين مكة والمدينة والطائف وينبع وخيبر وبدر ووادي الفرع ووادي النخل. وهذه المساجد ذكرها علماء البلدانيات والمؤرخون. وتم التعرف على هذه الأماكن التاريخية بناء على خرائط تاريخية، عمرها يتجاوز 200 سنة، وباستخدام أجهزة ونظم معلومات جغرافية متقدمة.
ويتيح هذا التطبيق - وفقًا للدكتور القاضي - تحديد موقع المسجد بدقة، ويعطي نبذة عن المسجد، وصورًا للمسجد؛ وبتالي لا تكون هناك حاجة إلى مرشد. مؤكدًا أن الوصول إلى هذه المواقع يفيد الباحثين في التحليلات الاقتصادية والاجتماعية والطبية والطبوغرافية والتاريخية والجغرافية والآثار.
واختُتم أمس المؤتمر العالمي الأول لعمارة المساجد تحت عنوان (الخبرات العلمية الرائدة والحلول القابلة للتطبيق)، الذي تنظمه جامعة الإمام عبدالرحمن الفيصل (الدمام سابق) وجائزة عبداللطيف الفوزان لعمارة المساجد، بعدد من الدراسات حول المسجد والمحيط الحضري، وحلول تقنية تطبيقية مبتكرة.
وقد قدمت د. عبير اللحام ورقة عمل حول (التغير في مدلولات المسجد المعاصر من الديني إلى السلطوي). وتطرق د. عصام الدين محمد في دراسته لــ(مساجد الأحياء السكنية بمدينة الرياض بين الواقع والمأمول.. دراسة مقارنة بين المعايير التخطيطية الراهنة والمعتمدة). وسلط د. حسام بكر الضوء على (موقع المسجد في المدينة العربية الإسلامية)، فيما أوضح د. جلال عبده في ورقته (مسجد المستقبل) المعايير المهمة للمساجد في المستقبل من ناحية التصميم والأصالة والخيال.
وقدم د. أحمد الجارالله وم. نورة القاضي دراسة، توصي بتطوير نموذج تجريبي إحصائي لاستخدمها في تخطيط وبناء المساجد في المدن السعودية. وأكد د. أحمد الجار الله، أستاذ تخطيط التنمية المكانية بجامعة الإمام عبدالرحمن الفيصل، أن هناك دراسات طرحت خلال المؤتمر، لو طُبقت حسب المعايير الإجرائية الواقعية سوف تخفض تكلفة ميزانيات المساجد بنسبة 40 %، كما أنها تواكب تحقيق رؤية السعودية 2030.
وأوصى المؤتمر بإنشاء كود متخصص في عمارة المساجد (تخطيط، تشييد وصيانة)، بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة. وركز المؤتمر خلال التوصيات على تحديد معايير وآليات لتقييم الاستدامة بالمساجد، مشددًا على وجوب توظيف التقنيات الحديثة في الارتقاء بعمارة المساجد، والحفاظ على هوية المساجد، مع مراعاة ظروف المكان والزمان، وتحقيق الإبداع والتطوير. وطالب المؤتمر باستيعاب احتياجات ذوي الاحتياجات الخاصة بالمساجد داخليًّا وخارجيًّا.
وشددت توصيات المؤتمر على دراسة وتحليل الفراغات والمكونات والعناصر المختلفة للمسجد، وأكد ضرورة قيام الجامعة وجائزة عبداللطيف الفوزان بتقديم خطة تنفيذية لتحقيق توصيات المؤتمر، وإنشاء موقع تفاعلي للمؤتمر على الإنترنت، يمكن للباحثين والمهتمين التواصل من خلاله، وتفعيل مبادئ الوقف الإسلامي في دعم الكفاءة التشغيلية للمساجد، وتطبيق مفاهيم تحسين الأداء والتشغيل للمساجد عن طريق (جائزة عبداللطيف الفوزان للمساجد، الجامعات ومؤسسات الوقف المختلفة).
وقدَّم الشيخ عبداللطيف الفوزان الشكر للجهود المبذولة من جامعة الإمام عبدالرحمن الفيصل (الدمام سابقًا) لإنجاح المؤتمر، الذي جاء مواكبًا لطموحات جائزة عمارة المساجد، وكان تظاهرة علمية متميزة في الطرح والأوراق المُحكمة التي عُرضت طيلة أيام المؤتمر الثلاثة، واستعرضت عددًا من البحوث والأوراق، تعنى بالمساجد اجتماعيًّا وتقنيًّا وإنشائيًّا. وقال: نتطلع للمؤتمر القادم من أجل معرفة ما تم تطبيقه من التوصيات.