شدَّد باحث إعلامي على دور المحتوى الإعلامي، وأهمية أن يكون منسجمًا مع القيم الإنسانية التي تدفع نحو التنمية وليس العنف. محذرًا في هذا الشأن من أن أكثر من 16.000 من المواد الإعلامية تحتوي على جريمة قتل، ولفت إلى أن هذه البرامج في الأساس هي برامج للأطفال، ومع هذا فهي مشبعة بقيم العنف.
وأكد ماجد بن جعفر الغامدي، مدير التدريب والتطوير في هيئة الإذاعة والتلفزيون، لـ"سبق" أن "الإعلام يؤثر أشد التأثير على العقول والأفكار"، مشيرًا إلى أنه إذا أردت أن تغيّر شباب أي مجتمع فيجب أن تغيّر خمسة أمور (القناعات، الاهتمامات، القدوات، المهارات والعلاقات)، وهذا ما يقوم به الإعلام في المحتوى الذي يقدمه.
وأضاف: "هنا يأتي دورنا بالتركيز نحو توجيه هذه الخمس نحو الإيجابية وما يخدم منظومة القيم العربية والإسلامية".
وأحصى "الغامدي" عدد الفضائيات العربية بـ ١٢٩٤ فضائية، قنوات الدراما منها ١٥٢ قناة، والقنوات الغنائية ١٢٤ قناة، والرياضية ١٧٠ قناة. وفي مقابل القنوات التعليمية ١٧ قناة فقط، والقنوات الوثائقية ١٦ قناة، والقنوات الثقافية ٩ قنوات فقط.
وعن الطريقة المثلى للكتابة الناجحة للإعلام الجديد أوضح أنها تتم من خلال التعرف على جمهوره؛ فعندما تتعرف أكثر على هوية الشبكات الاجتماعية تستطيع أن تتعامل معها بحرفية.
ونقل الغامدي معلومة في غاية الأهمية، هي أن الذين ينشئون المعلومة في عالم الإنترنت والإعلام الجديد هم (4 %)، والذين يستهلكون المعلومة (96 %). والمحتوى هو السبب الرئيسي الذي يجعل الناس يتابعونك.
وتتأكد أهمية الصورة أكثر في الإعلام الرقمي وشبكات التواصل الاجتماعي؛ فعلى سبيل المثال في تويتر: الصورة سر نجاح (70 % من التغريدات)؛ فدعم العبارات بالصورة المعبّرة يجعلها أكثر قبولاً لدى الناس. وهذه إحصائية عن التغريدات التي تحتوي على صور: زادت نسبة إعادة التغريد Retweet 150 %، زادت نسبة التفضيل Like 89 %. وزادت نسبة النقر Click 18 %.
ولفت "الغامدي" في كتابه (صناعة المحتوى الإعلامي) إلى دراسة تمت على الأطفال الأمريكيين، توصلت إلى أن الطفل يتعرض بما لا يقل عن 20 ساعة أسبوعيًّا لمشاهدة التلفزيون.
وأردف: وحتى يبلغ سن الثامنة عشرة من عمره يكون قد شاهد أكثر من 20.000 مادة إعلامية، تحمل أعمال العنف على الأطفال. وإن أكثر من 16.000 من المواد الإعلامية تحتوي على جريمة قتل.
واستطرد: مع العلم بأن هذه البرامج في الأساس هي برامج للأطفال، ومع هذا فهي مشبعة بقيم العنف. وهنا يأتي دور المحتوى الإعلامي، وأهمية أن يكون منسجمًا مع القيم الإنسانية التي تدفع نحو التنمية وليس العنف.
وأكد "الغامدي" في الكتاب أهمية اللغة العربية في صناعة المحتوى، وعدم الانبهار باللغات الأخرى؛ إذ هناك العديد من الدراسات التي أكدت أن الدول التي سُجِّل فيها عدد براءات اختراع أكثر هي الدول التي تدرس العلوم بلغتها.
فالتعليم في كل بلدان العالم بلغتها الرسمية (الصين بالصينية، روسيا بالروسية، اليابان باليابانية...) وذلك لجميع العلوم، بما فيها الطب والهندسة وغيرهما.
وشدَّد مدير التدريب والتطوير في هيئة الإذاعة والتلفزيون ماجد بن جعفر الغامدي على أن هناك ست مبادئ أساسية، يجب الالتزام بها من قِبل أي إعلامي، هي:
- المسؤولية: وتعني التزام المصداقية والموضوعية فيما تكتب؛ ليكتسب الإعلامي ثقة الرأي العام.
- حرية الإعلام والصحافة: وذلك بالدفاع عن الإعلام كمهنة وعن حريته ونزاهته؛ فلا تقلل من شأن مهنتك، ولا تصفها بالسوء عطفًا على تعامل وسلوكيات محدودة من بعض الأفراد ممن يعملون بها.
- الاستقلالية: حافظ على كرامتك وأمانتك؛ فأنت إعلامي وصحفي، تحمل رسالة خالدة، وتقوم بدور قيمي وتثقيفي لمجتمعك، ولست أداة لتلميع الآخرين.
- المصداقية والدقة: عليك بتحري ذلك في كل كتاباتك لكسب ثقة القارئ.
عدم الانحياز: اكتب بموضوعية، وافصل بين رأيك وعاطفتك من جهة، وما تكتبه من جهة أخرى؛ فأنت ناقل للخبر، ولست مصلحًا اجتماعيًّا أو طبيبًا نفسيًّا.
- المحافظة على حقوق الآخرين: حافظ على حقوق الآخرين، ولا تتعدَّ على حرياتهم أو تتجاوزها ما لم تكن قضية تعني المجتمع كالجرائم.
يُذكر أن الباحث والمدرب الإعلامي ماجد بن جعفر الغامدي من الكفاءات الإعلامية المميزة في خدمة الإعلام السعودي؛ إذ حصل على الماجستير في تخصص الإعلام من جامعة (UIW) بأمريكا، وصدر له كتابان، هما (كتاب الإعلام والقيم، وكتاب الإعلام بالأرقام)، ويعمل حاليًا مديرًا للتدريب والتطوير في هيئة الإذاعة والتلفزيون.