تصوير : محمد الربيعة
سرد الباحث في الآثار والتاريخ محمد السمير النجم، تاريخ واحة تيماء، مشيراً إلى أنها قبل خمسة وعشرين ألفاً من السنين كانت عبارة عن بحيرة من المياه العذبة، تغذيها تلك الأودية التي تصب بها من جميع الاتجاهات، خاصة الجنوبية التي يخترقها عدد من الأودية.
شاطئ بحر
وأوضح النجم لـ "سبق"، أن من أهم هذه الأودية وادي الرضام والفاو والبريذع والسليلة والحسينية ووادي الهمي، ولكن بعد أن شحّت الأمطار وقلّت تلك المياه أثناء الموجة المعروفة بموجة التصحر أو التبدل المناخي بدأت تنحسر هذه البحيرة لتشكل كما يشبه الهلال يحتضن تيماء من جهتها الشمالية، إذ يحيط بجهات منطقة مرتفعة تعرف بالجال.
وأضاف، أنه بعد ذلك بدأ الاستيطان حولها والتجمعات البشرية، ومن هنا أشار عدد من المؤرخين والرحالة القدماء، مثل البكري بالقرن الخامس الهجري، وذلك في كتابه (معجم ما استعجم من أسماء المدن والمواضع) بقوله "وتيماء مدينة لها سور، وعلى شاطئ بحر طوله فرسخ، وبها بحيرة يقال لها العقير، ونهر يقال له نهر فيحاء، وهي كثيرة النخيل والعنب" .
تيماء من أمهات القرى
وأشار النجم، إلى أنه ربما كان مسماها بالعقير قد جاء من عقر الغُزاة أي إيقافهم ومنعهم من الوصول للبلدة، وأيضاً أشار لها الحميري، في كتابه الروض المعطار في خبر الأقطار بقوله "وتيماء من أمهات القرى، على سبع ليال من المدينة ولها سور وعلى شاطئ بحر طوله فرسخ"، والفرسخ يساوي أربعة كيلو مترات، وتشير حقيقة الكثير من الشواهد إلى وجود هذه البحيرة خاصة كثرة الأصداف والمتعلقات البحرية التي تنتشر حول المنطقة المعروفة بالسبخة التي ساعدت الأودية على نقل الأملاح وترسبها في هذه المنطقة وبالتالي تحولها لمنطقة ملحية.
القصيدة الخالدة
وأضاف الباحث في الآثار والتاريخ، أن طبيعة تيماء كمنخفض يأخذ بالارتفاع نحو الجنوب وبالتالي كانت الأجزاء الشمالية من تيماء أكثر تعرضاً للغمر حتى إذا ما نظرنا في عصر السموأل بن عاديا خلال منتصف الألف الميلادي، نجد أن المدينة القديمة غمرت بالمياه بالكامل، وأشار إليها امرؤ القيس ابن حجر الكندي في قصيدته الخالدة ولقائه الشهير مع السموأل حاكم تيماء أواخر القرن الخامس الميلادي، عندما يقول:
"وتيماء لم يترك بها جذع نخلة … ولا اطمأ إلا مشيداً بجندل"
المخلفات البحرية
وكشف النجم، أن هذا يشير إلى أن المدينة قد غُمرت بالمياه ولم يكن بالإمكان رؤية إلا أعالي النخيل والقصور العالية المشيدة من الحجارة، وحالياً ما إن تأتي الأمطار حتى تتحول تلك السبخة إلى ما يشبه البحيرة التي يصعب اجتيازها، ولعل كبار السن يذكرون كيف كانت هذه المنطقة عبارة عن بحيرة، أو وجود مستنقعات على الأطراف كان يجمع منها الملح.
تجدر الإشارة إلى أنه على الطرف الشرقي للسبخة تتوافر المخلفات البحرية وحجر الفلنت الصوان، وتم الكشف عن مصنع للأدوات الحجرية، وموقع البحيرة يعد من العناصر المهمة التي من الممكن أن تدرج ضمن المسار السياحي لتيماء.