يعد سوق البطحاء الواقع في قلب مدينة الرياض من أشهر الأسواق التجارية في العاصمة، إلا أن ذكره حين يمر في سياق الحديث لا يذكر "بخير"؛ لما عُرف عنه من الفوضى والعشوائية التي ترتكبها عمالة سائبة من جميع الجنسيات، وذلك في عمليات البيع التي تسوقها للمارة بأصناف عدة من المقليات والخضار والملابس، وغيرها من البضائع التي لا يُعرف مصدرها ومن أين جُلبت؟
ويصف المتسوقون وبعض السكان الأمر بأنه متفاقم، وعلى الرغم من خطورة المنتجات التي تُباع إلا أنها أصبحت أيضًابمنظر مقزز لتجمع وتراكم النفايات؛ وذلك لغياب عين الرقيب عنها من جميع الجهات المختصة، إضافة إلى خطورة وجود العمالة الذين يُتوقع أن بينهم أشخاصًا من مرتكبي الجرائم، وغيرهم من المخالفين والهاربين من كفلائهم، مطالبين بتشكيل لجان لحل المشكلة التي أصبح من الصعب تداركها.
"سبق" تجولت داخل أسواق البطحاء، والتقطت صورًا من بين العمالة السائبة، ورصدت الشوارع المكتظة بالعمالة التي تعمل ببيع منتجات عشوائية، فيما سجلت حالات نشل يقوم بهاأشخاص مجهولون من صغار السن، يصطادون فرائسهم وهم يسيرون على دراجات نارية، ثم يختفون عن الأنظار.
بداية، تحدث عدد من المتسوقين لـ"سبق"، وقال المواطن عبدالله ذياب: إن أسواق البطحاء أصبحت هاجسًا مخيفًا لمرتاديها؛ وذلك لعشوائيتها، ولكثرة عمالتها السائبة، ولشوارعها الموحشة. متعجبًا من عدم تدخل الجهات المختصة لمنع ما يشاهده من مناظر مقززة، تشكل خطورة بالغة على المواطنين والمتسوقين. مطالبًا بضبط أي عمالة سائبة، والعمل على نقلها إلى موقع منظَّم ومراقَب بتقنية حديثة، مماثل لحراج ابن قاسم الجديد.
وعلق المقيم محمود مصطفى قائلاً: إن سوق البطحاء بحاجةإلى متابعة من البلدية ووزارة العمل والتجارة والجهات الأمنية. متعجبًا من أن تبقى هذه العمالة السائبة في بيع المنتجات المجهولة دون أي رادع ومتابعة. مطالبًا بتفعيل المكتب الرقابي والأمني، الذي مضى على إنشائه سنواتعدة.
وحكى المواطن "م.ح" (تحتفظ الصحيفة باسمه وبياناته)عن قصة حدثت له في سوق البطحاء قبل شهر، أي مساء يوم الأربعاء الموافق 1/ 5/ 1437هـ، بأنه تعرض لحادثة سلب تحت تهديد السلاح الأبيض، مشيرًا إلى أنه أثناء سيره تحت كوبري البطحاء فوجئ بشخص نحيل الجسم، يرتدي لباسًا رياضيًّا، يفتح باب مركبته، ويجلس بجواره، ويطلب منه إيصاله للأمام.
ويضيف: أثناء سيري به فوجئت بأنه يخرج سكين، ويرددمعك "محشش بن سكران. انج بنفسك وسلم محفظتك وإلا سأطعنك". مشيرًا إلى أنه قدم له نقودًا تقدر بـ 300 ريال، وبعد استلامها ترجل اللص من المركبة وهرب. مؤكدًا أنه سجل بلاغًا بالحادثة بشرطة البطحاء في حينها.
من جانبه، أوضح رئيس بلدية البطحاء فهد الحمود في تعليق له على استفسار "سبق" بقوله: الأمانة ممثلة في بلدية البطحاء والإدارة العامة للراحة والسلامة تقوم بدورها تجاه متابعة الباعة الجائلين والمفترشين بتوجيهات حثيثة من لدن معالي أمين منطقة الرياض المهندس إبراهيم بن محمد السلطان، ومتابعة سعادة وكيل الأمين للخدمات.
وأردف: وتتم متابعة مثل تلك التجاوزات من خلال برنامج العمل اليومي، ويجري التعامل مع المخالفين حسب التعليمات الواردة في لائحة الغرامات والجزاءات عن المخالفات البلدية الصادرة بقرار مجلس الوزراء الموقر، التي لا تتضمن فيإجراءاتها القبض على المخالفين من العمالة الوافدة. وبذلك تكون الحلول غير كافية ما لم نعالج السبب الأساسي لوجود مثل تلك التجاوزات؛ كون حل المشكلة من جذورها هو العلاج الناجع.
وأضاف: ولكوننا أمام حزمة متنوعة من التجاوزات التي تمارسها العمالة الوافدة، وتندرج ضمن مهام عدد من الجهات الأمنية والرقابية، وتعانيها منطقة البطحاء منذ سنوات طويلة، فإذا نظرنا إليها بشكل متعمق نجد أن أساسها عمالة وافدة مخالفة لنظام العمل والإقامة.
وأردف: يتطلب الإجراء التعامل معهم وتطبيق التعليمات بحقهم، وبذلك لن نجد تجاوزات ما دام أننا قضينا على المصدر، وهو العامل الأجنبي الذي يمارس مثل تلك الأعمالبطريقة غير نظامية، ويوجد بصفة غير مشروعة، ولن تجد بضائع مقلدة أو مجهولة المصدر تُعرض في الساحات والممرات، وسوف تختفي السلوكيات غير النظامية وغير الأخلاقية التي تمارَس من قِبل العمالة المخالفة.
وقال: هناك حلول، تنحصر في نقاط عدة، منها:
1- رفع مستوى الوعي لدى المواطنين والمقيمين فيما يخص التعامل مع هؤلاء الباعة، والامتناع عن شراء ما يعرضونه من بضائع رديئة ومقلدة ومواد غذائية عُرضت بطريقة عشوائية، وغالبًا ما تظهر عليها علامات التلف.
2- تحمُّل المسؤولية من قِبل المواطنين ملاك العقارات تجاه عدم إيواء العمالة الوافدة غير النظامية، وإبلاغ الجهات المعنية عن أي تجاوزات تتم ملاحظتها.
3- تضافر الجهود بين الجهات الأمنية والرقابية، والعمل التكاملي المنظم للقضاء على تجاوزات العمالة الوافدة، كل فيما يخصه.
وأشار الحمود إلى أن الأمانة بادرت بإنشاء مكتب في وسط منطقة البطحاء؛ ليكون مقرًّا أمنيًّا ورقابيًّا لمتابعة مثل تلك التجاوزات، ونتطلع لمباشرة الجهات المعنية عملها في الموقع لتحقيق نتائج مثمرة للقضاء على مثل تلك الظاهرة المزمنة التي تعانيها المنطقة. موضحًا أن العمل الرقابي من قِبل الجهات التابعة لأمانة منطقة الرياض مستمر بشكل يومي، وتتعامل مع التجاوزات حسبما لديها من أنظمةوتعليمات.
من جهة أخرى، قال المتحدث الرسمي لشرطة منطقة الرياض، العقيد فواز الميمان، إن ضبط سوق البطحاء من اختصاص الأمانة، وإنه لم يسمع عن سلب تحت تهديد السلاح.