بعد تجربة امتدت لـ20 عامًا من العمل بالقطاع الخاص، يؤكد الكاتب الصحفي أحمد عجب أن العمل 6 ساعات في اليوم كافية جدًا لإنجاز المهام الوظيفية على أفضل وجه، أما العمل الممتد إلى 48 ساعة عمل فعلية بالأسبوع، ما هو إلا هدر لموارد الشركة من كهرباء وماء وورق وأدوات مكتبية، وهدر لآدمية الموظف.
وفي مقاله "العمل 6 ساعات كافية" بصحيفة "المدينة"، يقول عجب: "كان (أندرو بوير) المدير التنفيذي لشركة (رويس ليزر) للمصنوعات الجلدية في نيوجيرسي بالولايات المتحدة، بحاجة إلى تحفيز العاملين لديه في الشركة، والذين كان يُطلب منهم العمل لنحو 9 أو 10 ساعات يومياً، لذا قرر تقليص ساعات العمل إلى 7 ساعات يومياً، وقد أثمرت الفكرة وزاد إنتاج العاملين على خط التجميع بالمصنع من 10 إلى 15%، فضلاً عن ذلك رفع رواتب العاملين بنسبة بلغت 15%، مما أسعد العمال الذين أعربوا عن تقديرهم وترحيبهم بتلك الفكرة التي أتاحت لهم فرصة العودة مبكراً إلى منازلهم، وقضاء أجمل الأوقات مع عائلاتهم".
هذا ما فعلته "الموارد البشرية"
ويقارن "عجب" ما حدث بالولايات المتحدة مع ما حدث بالمملكة، ويقول: "أما لدينا فما أن ظهرت شائعة تقليص أيام العمل إلى 4 أيام وإجازة أسبوعية 3 أيام، والتي تنفس معها موظفو القطاع الخاص الصعداء، حتى سارعت الموارد البشرية بنفي عزمها دراسة موضوع تقليص أيام العمل، وأن ما تدرسه هو مراجعة دورية للأنظمة المعمول بها؛ بهدف زيادة خلق الوظائف ورفع جاذبية السوق للاستثمارات المحلية والدولية".
ويعلق "عجب" قائلًا: "سأكون صريحاً معكم، وأعلنها من واقع تجربة لعقدين من الزمن، العمل بالقطاع الخاص الممتد إلى 48 ساعة عمل فعلية بالأسبوع، ما هو إلا هدر لموارد الشركة من كهرباء وماء وورق وأدوات مكتبية، ما هو إلا هدر لآدمية الموظف الأهلي الذي يظل طوال النهار حبيس ظلام ساعات العمل وقد لا يرى الشمس إلا كل ستة أشهر وكأنه يعيش بالإسكيمو، ما هو إلا مركاز (تكوة) لتعليم (طق الحنك) يدخلها الإنسان جاهلًا بأبجديات الغيبة والنميمة، ويتخرج منها حاصلاً على شهادة (الآيزو) العالمية؛ لجودة حشه وإيقاعه بزملائه!
سأكون صريحاً معكم؛ وأضرب أمثلة حية لفاعلية تقليل ساعات العمل، وأقرب مثال العمل في رمضان نظاماً 6 ساعات ومع ذلك تزداد الإنتاجية، ويزداد ولاء الموظفين وعشقهم للوظيفة، كذلك غالبية النواب والمديرين المسؤولين لا يأتون طوال السنة إلا 11 صباحاً وينصرفون 5 عصراً ومع ذلك نرى عملهم ماشي حاله ولا عمرهم تعرضوا لأي لوم أو مساءلة، كذلك بعض الأعمال المرهقة كالمناجم والصناعات الخطرة العمل فيها لا يتجاوز 7 ساعات، ومع ذلك تكون الإنتاجية فيها أكثر وأجود".
ويرى "عجب" أن الموظفين يلجأون إلى حيلة تضييع الوقت لحين إنتهاء الدوام، ويقول: "سأكون صريحاً معكم؛ ساعات العمل إذا ظلت بنفس الروتين الحالي فلن تكفي، بل يجب على الموظف الامتناع أثناء ساعات العمل عن فتح مواقع التواصل، أو إرسال بريد إلكتروني شخصي، أو الحديث عن الزملاء والتسكع بين المكاتب، أو انتهاز أدنى فرصة والخروج لشرب سيجارة يرمق معها المارة أمام المدخل، أو الخروج المتكرر والجماعي لتناول وجبات الطعام بأشهى المطاعم، بل يجب عليه الفصل بين الحياة الخاصة والعمل، والتركيز كلياً على الكفاءة الإنتاجية، وتأجيل تلك الملذات حتى انتهاء الدوام.. لم يعد العمل اليوم كالسابق بحاجة لإعداد مستندات أو أدوات إنتاج فغالبية الأعمال تحولت لمعاملات رقمية، وما كان يستغرق ساعتين لإنجازه يمكن إنجازه بضغطة زر في ربع ساعة".
وينهي "عجب" قائلا: "اليوم اتجهت غالبية دول العالم الأول لسن ٤ أيام عمل و٣ أيام إجازة بينما لا يزال نظام العمل بالقطاع الخاص ينص على يوم إجازة بالأسبوع، مع أن تقليص الساعات وزيادة الورديات عند الحاجة سيرفع الإنتاجية ويقضي على البطالة وينظم الحياة الاجتماعية، خاصة وأن عدد السعوديين في سوق العمل أكثر من 1،900،000 شاب وشابة وسوف يتضاعف العدد بانضمام الموظفين الحكوميين حال تطبيق الخصخصة وهم الذين نجحوا بعملهم في القطاع العام قرابة العقدين وهم مثالنا الحي الأخير ودليل صدق رؤيتنا أعلاه والتي تثبت بما لا يدع مجالا للشك أن (العمل 6 ساعات كافية)".