فيما تجاوزت المساعدات السعودية للشعب واللاجئين السوريين نحو 1.5 مليار ريال، تؤكد المملكة ـ مجدداً ـ وقوفها بجانب الشعب السوري في محنته التي تتواصل للعام السادس على التوالي، من أجل البحث عن نسيم الحرية، والتخلص من نظام الأسد الذي قتل حتى الآن أكثر من ربع مليون مواطن سوري، وشرد الملايين ودمر البلاد عن بكرة أبيها، حيث وجه خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، بتنظيم حملة شعبية في جميع مناطق المملكة اعتباراً من اليوم (الثلاثاء)، لإغاثة الشعب السوري الشقيق، نظراً لما يتعرض له من معاناة، خاصة المهجرين من حلب وغيرها، الذين انقطعت بهم السبل بسبب الظروف الصعبة والأحداث المؤلمة التي يعيشونها.
ووجّه خادم الحرمين الشريفين بتخصيص مبلغ 100 مليون ريال لهذه الحملة، وأن يتولى مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية بالتنسيق مع الجهات المعنية تقديم المواد الإغاثية من أغذية وأدوية وإيواء واستقبال الجرحى وعلاجهم، وإنشاء وتجهيز مخيم لهم، مع توزيع مساعدات شتوية شاملة بشكل عاجل جداً.
ودشن خادم الحرمين الشريفين، الحملة بتبرع قدره 20 مليون ريال، كما تبرع الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية بمبلغ 10 ملايين ريال، وتبرع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، بمبلغ 8 ملايين ريال.
يوم التضامن
ولم تكن تلك الحملة هي الأولى من نوعها التي وجهت بها المملكة لمساعدة الشعب السوري، إذ وجّه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ـ يرحمه الله ـ في 2012 ببدء حملة مماثلة، تستهدف جمع التبرعات لنصرة الشعب السوري. ودعت وزارة الداخلية آنذاك، جميع أبناء المملكة المسارعة في المساهمة بتلك الحملة. وتجاوزت التبرعات النقدية المقدمة في هذه الحملة في يومها الخامس والأخير مبلغ 271 مليون ريال، إضافةً إلى التبرعات العينية من مواد غذائية وطبية وأدوية وملابس وخيام وبطانيات وأغطية، حيث تدفقت جموع السعوديين والمقيمين إلى أماكن استقبال التبرعات منذ بدء الحملة في مختلف مناطق المملكة.
كما وجّه الملك عبدالله بن عبدالعزيز بإقامة يوم للتضامن مع الأطفال السوريين على المستوى الوطني، يتم خلاله تغطية حاجة الآلاف من الأطفال السوريين الذي يعيشون في ظروف مأساوية صعبة، وتم الاتفاق على أن يكون هذا اليوم هو الثلاثاء 25 ربيع الآخر 1435هـ في مركز الملك فهد الثقافي بمدينة الرياض بمشاركة رسمية وشعبية من أعلى الـمستويات، وبمشاركة رسمية وشعبية من أعلى الـمستويات، ودعي لها أصحاب السمو الـملكي الأمراء والوزراء والسفراء وكبار مسؤولي الدولة وممثلو المنظمات الدولية ورجال وسيدات الأعمال وكبريات الشركات والبنوك والـمصانع والمحسنون في هذا البلد الـمعطاء.
ويأتي تنظيم الحملات الشعبية ضمن جهود الرياض الداعمة للشعب السوري على المستويات كافة لتقديم مختلف أشكال الدعم والـمساعدات الإغاثية والإنسانية للأشقاء في سوريا، واستمراراً للعمل الإنساني الذي تقدمه الحملة الوطنية السعودية لنصرة الأشقاء في سوريا وإتاحة الـمجال للمواطنين للتضامن مع الأشقاء السوريين في أزمته الإنسانية.
الطلبة السوريون
يتزامن ذلك مع استقبال المملكة منذ اندلاع الأزمة في سوريا، أكثر من 2.5 مليون مواطن سوري، حيث منحت لمن أراد البقاء منهم في المملكة الذين يبلغون مئات الألوف، الإقامة النظامية أسوة ببقية المقيمين، بكل ما يترتب عليها من حقوق في الرعاية الصحية المجانية والانخراط في سوق العمل والتعليم، حيث تجلى ذلك بوضوح في الأمر الملكي الصادر في عام 2012، الذي اشتمل على قبول الطلبة السوريين الزائرين للمملكة في مدارس التعليم العام، التي احتضنت ما يزيد على 100 ألف طالب سوري على مقاعد الدراسة المجانية، وذلك حسب إحصائيات حملة السكينة الحكومية. وشملت جهود السعودية أيضا دعم ورعاية الملايين من السوريين اللاجئين إلى الدول المجاورة لوطنهم في كل من الأردن ولبنان وغيرهما من الدول.
الأمم المتحدة
وتلخص كلمة ولي العهد الأمير محمد بن نايف، التي ألقاها في منبر الأمم المتحدة قبل شهور، جهود المملكة في نصرة الشعب السوري، ومساندته في محنته، إذ قال سموه: "إن الصراع في سوريا الشقيقة، الذي خلف مئات الآلاف من الضحايا والمصابين، وشرد الملايين، يدعونا جميعاً إلى الإسراع في وضع حد لهذه المأساة الفظيعة ، التي لم يشهد التاريخ الحديث مثيلاً لها، لقد حان الوقت لإيجاد حل سياسي للأزمة يضمن وحدة سوريا ويحافظ على مؤسساتها من خلال تنفيذ مقررات جنيف 1، وأضاف سموه "لقد فتحت المملكة أبوابها لإيواء مئات الآلاف من الشعب السوري الشقيق منذ بدء الأزمة ، ليس بصفتهم لاجئين في مخيمات ، بل تعاملت معهم من منطلقات أخلاقية وأخوية وإنسانية حفاظاً على كرامتهم وسلامتهم، ومنحتهم كل التسهيلات اللازمة، والرعاية الصحية المجانية، والانخراط في سوق العمل، والتعليم".
دول الجوار
وبادرت الحملة الوطنية السعودية لنصرة الأشقاء في سوريا منذ بداية الأزمة بمد يد العون والمساعدة للأشقاء السوريين اللاجئين في كل من الأردن ولبنان وتركيا، حيث افتتحت مكاتب إقليمية في هذه الدول لإيصال المساعدات التي قدمها الشعب السعودي لتخفيف معاناة إخوانهم وأشقائهم السوريين، حيث سارعت الحملة بتقديم الخدمات الغذائية والإيوائية والصحية والإغاثية للنازحين السوريين داخل سوريا واللاجئين السوريين في دول الجوار، وسيرت الجسور الإغاثية البرية والجوية لمباشرة توزيعها بشكل مباشر، وعقدت الحملة العديد من الشراكات في العمل الإنساني مع عدد من المنظمات الدولية والإقليمية إسهاما من الحملة في التخفيف من معاناة مئات الآلاف من الأسر السورية الـمتضررة. وقامت الحملة الوطنية منذ انطلاقتها مطلع شهر رمضان الـمبارك 1433 هـ وحتى العام الماضي (2015) بتنفيذ أكثر من 100 برنامج إغاثي ومشروع إنساني في مواقع تجمعات اللاجئين السوريين في كل من الأردن ولبنان وتركيا بتكلفة اجمالية تجاوزت اكثر 565 مليون ريال، شملت البرامج الإغاثية والغذائية والإيوائية والرعاية الصحية في مخيمات اللاجئين السوريين بالأردن وتركيا ولبنان، أسهمت في تخفيف جزء من معاناة الأشقاء السوريين في ظل هذه الـمحنة الإنسانية غير المسبوقة على مر التاريخ والتي تتفاقم يوماً بعد يوم.