يؤكد رئيس تحرير صحيفة "عكاظ"، الكاتب والمحلل السياسي جميل الذيابي، أن إعلان السعودية -لأول مرة- أنها لن تكون مسؤولة عن أي نقص في إمدادات الطاقة العالمية تتسبب فيه الهجمات الإرهابية الحوثية- الإيرانية على منشآتها النفطية؛ يعتبر "ضربة معلم"؛ فقد جاء في وقت لا يعرف العالم فيه كيف ستستمر إمدادات الطاقة والغاز، في ظل الحرب المشتعلة بين روسيا وأوكرانيا، واستمرار الإجرام الحوثي- الإيراني.. وقد بات على المجتمع الدولي إيجادُ ردٍّ رادع على العبث والابتزاز الإيراني؛ لأن خروج نفط السعودية من المشهد، لن تُعَوضه أي دولة أخرى، ولا حتى مجموعة "أوبك+"، فالإعلان السعودي الأخير وَضَعَ العالم أمام مسؤولياته، وعليه التحرك.
وفي مقاله "ينبغي ألا يعمي أعين العالم!" بصحيفة "عكاظ"، يقول الذيابي: "إعلان السعودية -ولأول مرة- أنها لن تكون مسؤولة عن أي نقص في إمدادات الطاقة العالمية تتسبب فيه الهجمات الإرهابية الحوثية- الإيرانية على منشآتها النفطية؛ يعتبر (ضربة معلم)، منذ تصدير أول شحنة نفطية سعودية في 1939. فقد جاء في وقت تعصف فيه الضبابية بإمدادات الطاقة والغاز، جراء التوترات الجيوسياسية والعسكرية الناجمة عن الحرب المشتعلة بين روسيا وأوكرانيا. وكذلك استمرار الإجرام الحوثي- الإيراني المتمثل في استهداف المدنيين والمنشآت النفطية السعودية؛ وهو إجرام بحق العالم؛ لأن المتضرر منه ليس السعودية وحدها؛ بل جميع دول العالم، التي تمثل إمداداتُ الطاقة بالنسبة لها عصب حياتها، والمحرك لنشاطها الاقتصادي. ولذلك لم يكن مستغربًا أن تكشف "بلومبيرغ" أخيرًا أن مصادر أمريكية مطلعة أكدت لها أن استمرار الموقف الأمريكي تجاه الرياض، في عهد الرئيس الديمقراطي جو بايدن، يُعيق تحقيق أهداف السياسة الخارجية الأمريكية. وأضافت أن إدارة بايدن الديموقراطية بدأت تبدل موقفها من السعودية فعليًّا، بعدما أيقنت واشنطن أن المملكة هي الاقتصاد الأكبر في الشرق الأوسط، وأنها دولة فاعلة ومؤثرة ولها وزن سياسي كبير على مستوى الإقليم والعالم، لا يمكن تجاوزه أو القفز عليه".
ويُحذر "الذيابي" من أن ضرر هجمات الحوثي سيكون على العالم أجمع، ويقول: "لا بد من التأكيد أن أي ضرر يطال صناعة النفط السعودية بفعل الهجمات الإرهابية الحوثية- الإيرانية؛ لن يقتصر على المملكة وحدها؛ بل سيؤثر على الإمداد لدول العالم. وهو ما يوجب اتخاذ المجتمع الدولي رؤية واضحة وصارمة رادعة تجاه الخطر الذي تمثله سياسات إيران".
ويؤكد "الذيابي" أن "السعودية قادرة على حماية ترابها ومنشآتها، وعلى تطوير شراكات خارج المربع الأمريكي، ولديها تحالفات في الشرق والغرب، ويعرف العالم بأسره أن السعودية تتولى وحدها منذ 2015 حماية الملاحة في البحر الأحمر؛ محبطةً هجومًا تلو الآخر للمليشيا الإرهابية الحوثية، التي لا تُقْدِم على شيء دون توجيهات إيرانية. والواقع أن إيران أضحت تتولى المشهد بأكمله، من حيث تدجيج عميلها الحوثي بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة؛ لتكثيف استهداف المدن والمنشآت النفطية في السعودية. وهو عبث لن تسكت عليه السعودية طويلًا".
ويؤكد "الذيابي" أن على المجتمع الدولي ردع إيران، ويقول: "لقد بات من الملحّ والضروري جدًّا أن ينشط المجتمع الدولي في إيجاد رد رادع على العبث والابتزاز الإيراني؛ لأن خروج نفط السعودية من المشهد بسبب الهجمات الإيرانية- الحوثية لن تُعَوضه إيران مطلقًا، ولا مجموعة (أوبك+)، التي تحاول الصمود بوجه التقلبات الجيوبوليتكية التي تثير قلق العالم. وقد وضع الإعلان السعودي الأخير العالم أمام مسؤولياته بهذا الصدد".
ويرفض "الذيابي" التنازلات الغربية لإيران في ظل تدخلها بالمنطقة، ويقول: "الحديث عن تقديم تنازلات غربية لإيران من أجل تسهيل إعادة العمل بالاتفاق النووي المبرم معها؛ ينبغي ألا يُعمي أعين العالم عن الخطورة الكبيرة المتمثلة في سياسات النظام الإيراني لزعزعة استقرار المنطقة، وتمويله المليشيات في اليمن، ولبنان، والعراق.. حان الوقت ليدرك العالم حجم أخطائه جراء عدم اتخاذ سياسات عقابية رادعة تلجم المطامح الإيرانية الخبيثة".
وينهي "الذيابي" مطالبًا دول العالم بحماية إمدادات الطاقة التي تحتاجها، ويقول: "الأكيد أن السعودية قادرة على حماية نفسها، وقادرة على توظيف تحالفاتها العريضة، وتحويلها إلى شراكات استراتيجية كبيرة؛ لكنها لن تتحمل تَبِعَات العبث والإجرام الإيراني على ما سيصيب الدول الأخرى من نقص في إمدادات الطاقة، وما يستتبع ذلك من عودة التضخم، وانهيار البورصات. إنها تَبِعَاتٌ لن تتحمل مسؤوليتها المملكة، طالما العالم يصمت عن إجرام ملالي إيران وأزلامها".