تعليقًا على فيديو تعرض شخص لصعق كهربائي، يطالب الكاتب الصحفي عبدالله الجميلي بدراسة اجتماعية جادة، تبحث بعمق مشكلة قيام الناس بالتقاط الصور والفيديو دون التدخل لإنقاذ شخص في حادث ويقترب من الموت، مطالبًا بتطبيق عقوبات صارمة على هؤلاء، تعيد لهم إنسانيتهم.
فعلتها "النشميَّة"!!
وفي مقاله "لنضبط مواقع التواصل.. فقد فعلتها (النشميَّة)!!" بصحيفة "المدينة"، يقول الجميلي: "قبل أيام ومن خلال (السيّد الواتساب) وصلني مقطع مَرئي منقول من إحدى كاميرات المراقبة في الطّرق والميادين العامة في (دولةٍ مَا)، وفيه مجموعة من الأشخاص ينتظرون (البَاص)، أحدهم - وكان (رَجلاً) - اِتَّكَأَ على (عمود إنارة) مجَاورٍ له، ولكنه أُصِيبَ جَرّاء ذلك بِمَاسٍ كهربائي أخَذَ يَنفُضُ أركانه، انتبه مَن حَوله لوضعه، أَحد الرَّجُلَيْن القريبين منه، كان هَمّه التَّصوير بهاتفه النَقَّال، ومحاولة ضبط الكاميرا أو المشهد، أمّا ثانيهما فَلَطَم بيديه على وجهِه دون أن يُحَرِّكَ ساكناً لإنقاذ ذلك المسكين!!
وهنا تتَدخَل إحدى النِّسَاء؛ حيث بادرت بالتقاط قطعة من الخَشَب، وبها فَصَلَت (الضَّحِيِّة) عن التّيار الكهربائي، ثم قَامت بخلع ما يلبسه في قَدَمِيْه، لتقومَ بضربهما بتلك الخشبة عدة مَرات، حتى بدأ بالانتفاض واستعادة الحركة شيئاً فشيئاً، ثم قام -ولله الحمد- سليماً معافى".
لم يتحرك رجل لإنقاذه
ويواصل "الجميلي" قائلاً: "حدثت هذه التفاصيل، فيما صَاحبُ الجوال يواصل التقاط المشهد من كافة الزّوايا، وكأنّه وجَدَ غنيمة لا تُقَدر بثمن، متناسياً السعي والاجتهاد في نَجْدَة ذلك الرّجل الذي كاد أن يلفظ أنفاسه الأخيرة -لولا فضل الله تعالى- ثم فَزعَة تلك المرأة النَّشْمِيّة، التي انتبهت لذلك المُغَفّل الذي ما زال يُواصل التّصوير، ثم بغضبٍ منها التقطت هَاتفه مِن يده، وألقته على الأرض!!".
بعض البشر فقدوا إنسانيتهم
ويعلق الكاتب قائلاً: "ذلك المقطع المرئي يختصر صورًا اجتماعية بائسة أصبحت -للأسف- سائدة؛ فالبحث عن المتابعة وكثرة الرِّتْوِيت واللايكات في مواقع وبرامج التّواصل الحديثة، أفقدت بعض البشر إنسانيتهم وقِيَمَهُم، فمنهم الذي يهمّه في المقام الأول (اللقطة)، أَمَّا حياة الآخرين، فلا اهتمام بها، فَلْتَذهَب للجحيم، وهناك الذين تفوَّقوا على (الشّاعِر الحُطَيْئَة في هِجائه لنفسه)، فهم طلباً للشهرة على استعداد للسخرية مِن ذواتهم وزوجاتهم وأولادهم، ولن ننسى تلك الفئة التي تمارس في تلك السّاحات والمساحات؛ (الطبقية والعنصرية، والتَّنَمُّر على اللون والطول والوزن والإعاقة، إلى غير ذلك من وجوه التَّنَمُر!!)".
فَتَيات يَنْشُدن الشهرة والمال
ويشعر "الجميلي" بمرارة وهو يرصد جزءًا آخر من الصورة، ويقول: "مِن المؤلم في هذا الإطار (أولئك الفَتَيات) اللاتي يَنْشُدن المزيد من الشهرة والمال، أَمّا الثمن فعرض أجسادهن للمتعة النظرية، إضافة للغَمازات والحركات والعبارات التي تجاوزت الإيحاءات -بمختلف ألوانها- إلى الصريح القبيح من ألفاظ ومصطلحات إباحية، حتى فيما يقُمْنَ به من مقاطع وإعلانات!!".
مطلوب دراسة
وينهي "الجميلي" قائلاً: "هنا أجزم أن الوضع تحوَّل إلى (أزمة مجتمعية حادة)، تتطلب دراسات اجتماعية وتربوية جادة، تبحث بعمق وشفافية عن الأسباب، وبحياد تام وواقعية تضع برامج ومبادرات علاجية تنطق بلغة العصر وأدواته ومعطياته، أمّا قبل ذلك فما أرجوه المتابعة الدقيقة من الجهات ذات العلاقة -التي نُقدِّرها جداً ونثق بها أبداً-، والتطبيق الصَّارم للأنظمة وعقوباتها في هذا الميدان مع تشديدها، فلعل ذلك كُلِّه يُعيد للمجتمع أو (لِنَقُل لبعضه) الإنسانية؛ وتلك القيم والعادات الحميدة، كما فعلت (تلك المرأة النبيلة)".