سجلت المرأة السعودية خطوة جديدة مهمة في مسارها نحو التقدم الوظيفي، وهذه المرة في القطاع الأكاديمي، بعد صدور قرار وزير التعليم الدكتور أحمد العيسى، بتعيين بروفيسور دلال محي الدين نمنقاني، عميدة لكلية الطب في جامعة الطائف.
وأصبحت الدكتورة نمنقاني بعد صدور القرار الوزاري رسمياً أول عميدة لكلية تضم أعضاء هيئة تدريس وطلاباً من الجنسين في الجامعات الحكومية في المملكة، بعد أن كان يقتصر التعيين في منصب العمادة على الرجال، فيما يتوقف السلم الإداري للأكاديميات داخل الكليات عند حدود منصب وكيل العميد.
ولم يسبق لأكاديمية سعودية أن شغُلت منصب عميد كلية في أيٍ من الجامعات الحكومية في المملكة، باستثناء جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن، وهي جامعة خاصة للبنات، فضلاً عن شغل أكاديميات ذات المنصب في كليات وجامعات أهلية.
وقالت مصادر أكاديمية مطلعة لـ"سبق"، إن قرار تعيين العميدة الجديدة لكلية الطب بجامعة الطائف استند إلى معياري الجدارة والكفاءة العلمية والعملية، وتغليبهما على فارق الجنس بين أعضاء هيئة التدريس في الكلية، مؤكدةً أن القرار ينسجم مع توجهات رؤية المملكة (2030) في دعم مشاركة المرأة في سوق العمل وتعزيز دورها في القطاعين الحكومي والخاص وتمكينها وظيفياً.
ونوهت المصادر ذاتها إلى أهمية القرار، كونه يفتح الباب على مصراعيه أمام عضوات هيئة التدريس في مختلف الجامعات الحكومية في المملكة للتقدم لشغل مناصب أكاديمية أعلى مستقبلاً، وكسر الجمود الوظيفي المحدود داخل أسوار الأقسام النسائية في الكليات وشطر الطالبات في الجامعات الحكومية.
وربطت المصادر بين قرار تعيين عميدة لكلية الطب بجامعة الطائف والخطوات التطويرية التي شهدتها الجامعة منذ تعيين الدكتور حسام بن عبدالوهاب زمان، مديراً لها، والتي كان لها السبق في تطبيقها قبل أن تتبعها بقية الجامعات، وشملت إعادة هيكلة وكالات الجامعة وتقليصها من ست إلى أربع وكالات، وتمكين عدد كبير من العناصر الشابة لقيادة المناصب الإدارية ومشاريع التطوير، استنادًا إلى معيار الكفاءة، واستحداث أول إدارة للشؤون الثقافية، تعد الأولى من نوعها في الجامعات السعودية كافة.
وأشارت المصادر إلى إطلاق الجامعة، منذ تعيين الدكتور زمان، العديد من البرامج والمشاريع المهمة أبرزها برنامج "التحول البرامجي"، والذي يهدف إلى تطوير جميع برامجها الأكاديمية، وكذلك تطوير الخطط الدراسية كافة، للتأكد من مدى تحقق متطلبات الجودة والاعتماد الأكاديمي والمواءمة مع سوق العمل، ولتحسين جودة وكفاءة تلك البرامج، ومشروع "داعم" لتشجيع أعضاء هيئة التدريس الجدد على المساهمة في البحث العلمي.
ونوهت إلى أن جامعة الطائف برزت كأول جامعة تبادر إلى إعادة هيكلة السنة التحضيرية وترتيب برامجها بما يتوافق مع احتياجات كل كلية من ناحية وما يشهده قطاع التعليم العام من تطورات من ناحية اخرى، فضلاً عما أبدته من تعامل حازم مع مظاهر العنف ومظاهر سلوكية سلبية داخل الحرم الجامعي، وهو النهج الذي اتبعته بعدها جامعات عدة لاحقاً.
ورجحت المصادر أيضاً، أن يكون قرار تعيين البروفيسور دلال نمنقاني عميدة لكلية الطب ممهداً لإعادة ترتيب الهياكل الإدارية بين شطري الطلاب والطالبات بالجامعة، خصوصاً في ظل توجه مدير الجامعة الدكتور زمان إلى التخفيف من الترهل الإداري، وتعزيز مبدأ "الإدارة الرشيقة"، وتوحيد جهات العمل للحد من الازدواجية.
ومما يؤيد هذا التوجه، منحه الكليات وأقسامها صلاحيات أكبر لقيادة العملية التعليمية في الاتجاه الصحيح، واستحداث وحدة الاتصال والدعم لمكتب مدير الجامعة في شطر الطالبات، والذي أتاح التواصل المباشر من قبل منسوبات الجامعة وطالباتها مع مدير الجامعة.
يذكر أن السيرة الذاتية للدكتورة دلال نمنقاني، توضح أنها تحمل شهادة بكالوریوس الطب والجراحة (MBCHB) من جامعة الملك عبدالعزیز في جدة عام 1991، وحاصلة على سبع زمالات في علوم الأمراض والخلايا والأنسجة، فضلاً عن عضويتها في العديد من الجمعيات العلمية.
وبدأت الدكتورة نمنقاني مسيرتها العملية في العام 1991 - 1992 بالعمل طبيبة امتياز في كلية الطب بجامعة الملك عبدالعزیز في جدة وتنقلت بعدها بين العديد من الوظائف داخل الكلية الطب ذاتها، ثم في مستشفى الهدا العسكري، ومستشفى الملك عبدالعزيز التخصصي بالطائف، قبل أن تستقر بالعمل في جامعة الطائف بدءاً من العام 1432هـ، كأستاذ مساعد علم الأمراض كلیة الطب جامعة الطائف، إلى أن حصلت مؤخرًا على الترقية العلمية إلى درجة أستاذ دكتور (بروفيسور).
وكانت نمنقاني، الاستشاریة في علم الأمراض النسیجي والتشریحي، تشغل إلى جانب عملها كعضو ھیئة التدریس بكلیة الطب بجامعة الطائف، عمیدة مكلفة للدراسات الجامعیة في الجامعة نفسها، وهو أعلى منصب في الجامعة يخص شطر الطالبات، قبل تعيينها في منصبها الجديد.