تشير أصابع الاتهام في تفجير عزاء صنعاء إلى ضلوع المخابرات الإيرانية في صنعاء في الحادثة، التي تولي دعمًا لحليفها الحوثي، بعد أن ارتفعت وتيرة الخلافات بين المخلوع ومليشيا الحوثي، خاصة بعد المجلس السياسي، ومحاولة الحوثي تصفية قيادات المخلوع للتمكن من السيطرة على الحرس الجمهوري وقوته، وكذلك لإيقاف التظاهرة الشعبية المطالبة بالرواتب، التي دخلت معها مليشيا الحوثي مواجهة جديدة، خاصة بعد نقل البنك المركزي، وتجفيف منابع الدعم الحوثي.
ويؤكد مراقبون أن عملية التفجير التي استهدفت الصالة الكبرى بالعاصمة اليمنية صنعاء عصر أمس السبت أثارت تساؤلات عديدة عن الجهة التي تقف وراء العملية، وتوقيتها، والمستفيد منها، وخصوصًا أن عملية بهذا الحجم لا بد أن تكون مثار نقاش وتساؤلات.
وحسب مصادر، فقد قُتل ما يزيد على خمسين قائدًا عسكريًّا بين لواء وعميد وعقيد ورائد ونقيب، إضافة إلى ضباط برتب صغيرة وجنود مرافقين للقيادات الكبيرة وقيادات دولة أيضًا.
وغالبية هؤلاء القتلى من فريق المخلوع صالح، في حين لم تُسجّل أية حالة قتل لقيادي في مليشيات الحوثي، رغم أن العزاء كان لوالد وزير داخلية الحوثي جلا الرويشان.
هذه النتيجة في صفوف القتلى لم تكن مصادفة، بل تكشف عن مؤشرات واضحة لمن يقف وراء العملية وملابساتها والمستفيد من نتائجها، وهو مليشيات الحوثي ومخابرات طهران الضالعة في تنفيذ هذا النوع من العمليات، كما يحصل في العراق وسوريا ولبنان.
ويرى المراقبون أن قتل قائد الحرس الجمهوري الموالي للمخلوع وعدد كبير من القادة العسكريين من قادة وضباط الحرس الجمهوري مكسب للمليشيات الحوثية التي تسعى بقوة للاستحواذ على الحرس الجمهوري وإمكاناته؛ وهذا دليل قاطع على تورُّط المليشيات الحوثية في تنفيذ العملية.
كذلك فإن اختيار عزاء أحد رموز قبيلة خولان كان مقصودًا من قِبل المليشيات الحوثية؛ إذ إن الجيش الوطني في صرواح دحر المليشيات، وأصبح على تخوم خولان متجهًا إلى صنعاء، ومليشيا الحوثي المنهارة بحاجة إلى استنفار قبائل خولان من أجل الوقوف معها ضد الجيش الوطني، وخصوصًا أن انهيارات المليشيات لم تعد خافية على أحد؛ وهذا الدليل الآخر يدين المليشيات الحوثية، ويكشف تورطها.
وحين تتهم المليشيات التحالف العربي بتنفيذ العملية تظهر أيضًا مؤشرات منطقية وعملية، تؤكد براءة التحالف من هذا النوع من العمليات؛ إذ نفى التحالف علاقته بالعملية، وأكد استعداده التحقيق؛ إذ إن التحالف يعمل بجانب مهني جدًّا، وأهدافه واضحة ومدروسة دون أن تستهدف المدنيين. وقد سبق لقوات التحالف رصد المخلوع عندما حضر عزاء الدكتور عبد الكريم الارياني السياسي اليمني، وكانت طائرات التحالف تحلق في أجواء صنعاء، ولدى التحالف معلومات كافية عن وجود المخلوع وقادة جيشه، لكنه لم يوجّه بالقصف لوجود مدنيين، وهو ما يتجنبه التحالف في عملياته مهما كان الصيد ثمينًا.
كما رصدت قوات التحالف المخلوع عندما حضر إلى فعاليات جماهيرية في ميدان السبعين، ولم تعترضه طائرات التحالف رغم إمكانية ذلك، وأيضًا وجود قادة المليشيات الحوثية في السبعين ولقاءات جماهيرية وعامة، وكان التحالف يعرف ذلك، ولم ينفذ أية عملية قصف حفاظًا على أرواح الأبرياء؛ إذ يعتبر مراقبون أهداف التحالف محددة ومدروسة بخطط عسكرية متقنة، وتتعامل مع الجوانب الإنسانية وسلامة أرواح المدنيين مَهْما كان الهدف مُهمًّا.
وتشير المعلومات وتحليلات المراقبين إلى أن المخابرات الإيرانية عبر أذرعها في اليمن هي التي نفذت العملية من أجل أن تستفيد منها مليشيات الحوثي في أكثر من جانب، أولها تصفية أهم قيادات فريق المخلوع منافسها الحليف في الانقلاب، إضافة إلى استثمار العملية سياسيًّا وإنسانيًّا، وكذلك عسكريًّا، عبر استنفار القبائل التي ينتمي إليها الضحايا.
الأمر الثالث يتعلق بالدعوة إلى تظاهرة شعبية في صنعاء من أجل مطالبة المليشيات بدفع رواتب الموظفين، وكسر حاجز الخوف عند سكان المناطق المحتلة من قِبل المليشيات؛ إذ تمثل التظاهرة بداية للتحرك الشعبي والانتفاضة الجماهيرية ضد المليشيات الانقلابية.
وقد استفادت المليشيات من عملية التفجير في تأجيل التظاهرة الشعبية، وتحويل المطالب بالحقوق والرواتب إلى اهتمام بقضايا أخرى.
ويقول مراقبون إن السِّجل الإجرامي لمخابرات طهران وأذرعها في المنطقة كفيل بوضع عملية تفجير صالة عزاء صنعاء ضمن قائمة عملياتها القذرة التي تستثمرها ضد شعوب المنطقة.