بعد مسيرة ناجحة حصد فيها جوائز ومستويات من التميز في الميدان التعليمي امتدت لعقدين من الزمان؛ ودع المعلم سعيد محمد آل داحش العمري الحياة مع نهاية العام الدراسي الحالي، متأثرًا بمرضه الذي لم يمهله طويلًا، وآثر التضحية والحرص بعدم إشعار أبنائه بمرضه خوفًا على تعثرهم وتأثرهم دراسيًّا.
وفي التفاصيل التي يرويها لـ"سبق" نجله الطالب الجامعي "وسام" يقول: "بدأ -رحمه الله- يعاني من بعض الأعراض، وسعى في البحث عن العلاج، وبعد اكتشاف إصابته بالورم كان ذلك قبل خمسة أشهر من وفاته، وكان مؤمنًا بقضاء الله وقدره؛ فعندما عَلِم بالمرض كان أول كلمة رددها (اللهم أني وكلتك أمري)، وبدأ في العلاج متوكلًا على الله ومتفائلًا وبمعنويات عالية نابعة من إيمانه بالقضاء والقدر.. كان جميع أقاربه في زيارته بمدينة الدمام؛ بينما نحن أبناؤه لم نعلم ما مرضه؛ ولكن المرض لم يمهله كثيرًا حتى انتقل إلى رحمة الله".
وبيّن أنه عندما علم بنوع المرض -رحمه الله- كان شديد الحرص على ألا تعلم عائلته -ونحن أبناؤه خاصة- بنوع المرض؛ خوفًا علينا وحرصًا على نفسياتنا من التعثر في دراستنا الجامعية وتدني مستوانا وتحصيلنا العلمي، وكتم علينا مرضه حتى ننتهي من عامنا الدراسي.. وبالفعل تحقق له ما تمناه فتوفي بعد إتمامنا الامتحانات في دراستنا الجامعية بيومين فقط".
وأوضح "ظافر" شقيق المتوفى: "كان منذ بدايته الدراسية من المتفوقين والمتميزين خلقًا وعلمًا، ويتم تكريمه سنويًّا ليس على مستوى المدرسة فقط بل على مستوى مدارس إدارة التعليم بمنطقة عسير، كما أنه أكمل دراسته الجامعية في تخصص علوم الحاسب الآلي مع مرتبة الشرف الأولى، وحصل على جائزة التميز فئة المعلم، وكان مهتمًا بالاطلاع على كل ما هو جديد في التقنية، وكان حريصًا على اكتساب المهارات بالدورات والابتكارات والاختراعات ونقلها للآخرين؛ سواءً بعقد الدورات لزملائه المعلمين أو إكسابها لطلابه في مختلف المدارس التي عمل فيها بالمملكة العربية السعودية والمدارس التي عمل فيها موفدًا بمملكة البحرين حتى توفي".
وأضاف: "انتقل رحمه الله إلى مدينة الدمام بعد إيفاده إلى مملكة البحرين وقبول أبنائه في جامعات الدمام؛ حيث لديه ثلاثة أبناء وثلاثة بنات، وكدليل محبة الناس وتقديرهم واحترامهم له، أقيم له العزاء في ثلاث مدن وهي الدمام والمجاردة وتبوك؛ حيث شهد العزاء توافدًا وزحامًا في أعداد كبيرة في جميع المناطق الثلاث للتعزية والدعاء له بالرحمة والمغفرة".
وقال مشرف محمد العمري مدير مدرسة الملك عبدالله بمركز خاط التي عمل فيها "آل داحش" لعقد ونصف من الزمان: "رحم الله الأخ الغالي والأستاذ القدير سعيد؛ فالابتسامة الدائمة لم تفارق محياه، فهو زميل دراسة حتى تخرجنا من المرحلة الثانوية؛ حيث كانت سنوات مليئة بمغامرات الشباب والحب الأخوي، ثم زميل جامعة ليستمر الحب، ثم زميل عمل بمدرسة الملك عبدالله".
وتابع: "أحَبه الجميع معلمين وطلابًا وأولياء أمور؛ حيث كان متميزًا في خلقه وفي تدريسه وفي مشاركاته، فكل ركن في مدرسة الملك عبدالله يتذكر (سعيد الحب، سعيد الابتسامة) التي ترسم الفرح على محيا كل من يتعامل معه.. رحمك الله أبا وسام، تركت لنا إرثًا من الحب والتقدير والتعاون سنظل نذكرك به ما حيينا".