تدرك الإدارة الأمريكية أهمية السعودية اليوم كدولة محورية في منطقة الشرق الأوسط، لها تأثيرها ليس في المجال النفطي أو سوق الطاقة العالمي الذي صاغت سياساته المملكة فقط، بل التعاون بين البلدين يذهب إلى ما هو أبعد وأعمق، فالتوافق على ضرورة حفظ الأمن العالمي واستقرار الدول العربية التي تعاني التدخلات الإيرانية الخارجة عن التقاليد الدولية وسيادة الدول حتى تهتّك النظام الاقتصادي في كل دولة تختطف إيران قرارها.
التمدد الإيراني المباشر أو عن طريق أذرعته ووكلائه خطر يستشعره البيت الأبيض، فسنوات التعاون بين البلدين وتبادل المعلومات تجعل من الحكمة رفع مستوى الاتصال مع وجود أرضية خصبة لتطوير هذه الشراكة الثنائية.
وأكّد المحلل السياسي يحيى التليدي، أن العلاقات بين الرياض وواشنطن وإن شهدت فتوراً في الفترة الماضية، فقد حاولت إدارة الرئيس بايدن الابتعاد بشكلٍ وبآخر عن الحليف الأهم والتاريخي لواشنطن في المنطقة، مؤكداً أن ذلك حدث كنتيجة لتوجهات وحسابات المتغيرات الإستراتيجية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط وتركيزها بشكل أكبر على ملفات خارجها.
وأشار التليدي، إلى أن الأحداث والملفات الساخنة والمستجدات الإقليمية والعالمية برهنت على أن السعودية رقم سياسي واقتصادي يصعب تحجيم دوره وتهميش حضوره والتقليل من تأثيره، رقم لا بد من وجوده في أي معادلة قائمة داخل المنطقة وخارجها.
وقال لـ "سبق": "لقد حدثت أزمات في علاقات البلدين عبر تاريخها لكنها كانت عابرة لا تدوم طويلاً فكل طرف يدرك قيمة وأهمية هذه العلاقة والمصالح المشتركة في المنطقة والتاريخ الطويل من التعاون الإستراتيجي الذي لا يمكن تجاهله.
وأعلن الديوان الملكي عن زيارة رسمية للرئيس الأمريكي جو بايدن، للسعودية منتصف الشهر المقبل وعقد قمة خليجية عربية أمريكية في الرياض".
وأضاف: "لا شك أن ملف أمن المنطقة واستقرارها يأتي على رأس أولويات أجندة هذه الزيارة والقمة المرتقبة، والملف النووي الإيراني قضية كبرى بالنسبة لدول المنطقة ولدول العالم ومفاوضات فيينا "المتوقفة" غير مبشرة حتى الآن، هذا غير أنه ليس "السلاح النووي" فقط هو ما يقلق دول الخليج والدول العربية، بل استراتيجية التوسع وبسط النفوذ الإيرانية عبر الميليشيات الإرهابية، والتدخل السافر في سياسات عدد من الدول العربية في العراق وسوريا ولبنان واليمن".
وتابع: "وبلا شك أن هناك رؤى توافقية بين الرياض وواشنطن تجاه ضرورة مواجهة السلوك الإيراني المزعزع لأمن واستقرار المنطقة وضرورة وقف التصعيد والتجاوزات في برنامج طهران النووي وتهديد منظومة "عدم الانتشار النووي" والاستجابة لمطالبات المجتمع الدولي وهذه الرؤى تحتاج إلى تنسيق مشترك وخطوات عملية أكثر فاعلية لمواجهة التعنت الإيراني".
واختتم التليدي بالقول: "نجحت المملكة بعقلانية سياستها وبعد نظرها واتزانها في إعادة فتح بوابات التفاهم والتنسيق مع واشنطن، وهو ما نرجوه أن يستمر مستنداً إلى الاحترام المتبادل وتقدير العلاقات التاريخية والمصالح الإستراتيجية بين البلدين".