ثقافة الادخار لم تعد خيارًا؟

ثقافة الادخار لم تعد خيارًا؟
تم النشر في

مشكلتنا في الخليج والسعودية أنه ليس لدينا برامج وتخطيط مستقبلي، وبالأخص فيما يتعلق بالمسكن الذي يُعتبر هاجس كل شخص على وجه الأرض. وقديمًا كان يقول آباؤنا (بيت الملك قبر الدنيا)، وهي مقولة صحيحة نظرًا لصعوبة تأمين بيت في كل مرحلة من مراحل العمر؛ فالمنزل غالبًا عندما تبنيه وتسكنه لا تخرج منه إلا إلى القبر، وهو يعتبر مصدر أمان - بإذن الله - لك ولأسرتك.

يعتقد البعض أن شراء أو تأمين المنزل مرتبط بتوافر المبلغ (الكاش)، بمعنى (إذا توافر لدي مبلغ لا يقل عن مليون أستطيع شراء المنزل، أما إذا لم يتوافر فمن الصعوبة التفكير في شراء المنزل). وهذه أحد معوقات التخطيط طويل المدى، الذي نفتقده في مجتمعاتنا.

يتوافر غالبًا لدينا مبالغ زائدة عن الحاجة، ولا نفكر في أن هذا المبلغ لو تم وضعه جانبًا بشكل شهري سنصل بعد سنوات قليلة إلى ما نريد، ومن ضمنها تأمين المنزل، بشرط وضع برنامج ادخاري منظَّم لهذا الأمر.

أعتقد أن هذه المرحلة تتطلب تصرُّفًا منطقيًّا وعقلانيًّا، يتماشى مع الوضع الحالي وما صاحبه من تغيُّر للوضع الاقتصادي، الذي يتطلب منا تعديل الكثير من السلوكيات الاستهلاكية التي في غالبها تركز على التبذير والإسراف والإنفاق على الكماليات، مع عدم اهتمام بالأساسيات، بخلاف البعض الذين يلجؤون إلى القروض أو بطاقات الائتمان لتأمين حاجات غير مهمة، مثل السفر وغيره؛ ما يؤدي بهم لدوامة الديون الشهرية طويلة الأمد، التي تُقتطع من رواتبهم بدون تحقيق شيء مهم لأسرهم.

وتشير مؤسسة النقد العربي السعودي إلى أن القروض الاستهلاكية وقروض بطاقات الائتمان بلغت مع نهاية عام 2015م نحو 337.3 مليار ريال، بينها نحو 2.4 مليار ريال قروضًا استهلاكية متعثرة.

تفعيل ثقافة الادخار في المجتمع من أهم الحلول لتحقيق ما نريد على المدى الطويل؛ فالزيادة التي تتبقى من الراتب الشهري (سواء قليلة أو كثيرة) مع عدم وجود برنامج ادخاري سيتم إنفاقها بدون فائدة، ولكن مع التخطيط السليم سنجد أننا وفَّرنا مبلغًا كبيرًا بعد سنوات عدة، يؤمِّن لنا - بإذن الله - ما نريد. وللمعلومية، فإن ثقافة الادخار موجودة في عدد من الدول الأوروبية، ولديها تجارب مهمة في هذا الموضوع، ويتم تعليم أطفالهم على كيفية إنفاق المال وطريقة حـفظه بوجهه الصـحيح.. ولكن من يستفيد؟

توجد بعض المبادرات على المستوى الفردي التي تصب في موضوع الادخار، مثل (الجمعية) التي يلجأ إليها عدد من الأفراد عن طريق اقتطاع مبلغ شهري من كل فرد، يحصل عليه أحدهم، وهكذا إلى آخِر شخص. وبالرغم من أنها مبادرات صغيرة، ولا تتجاوز السنة غالبًا، إلا أنها تحقق لمشتركيها فوائد مهمة، فما بالك لو كانت تحت إشراف جهة رسمية، مثل وزارة أو بنوك؟

وزارة الإسكان أعلنت مبادرة قريبة لإطلاق برنامج يُعنَى بالادخار عن طريق حسم مبلغ شهري من المستفيد؛ وذلك بهدف تسريع تملُّك المواطنين المسكن الملائم خلال مدة زمنية، أقصاها خمس سنوات؛ إذ سيحصل المستحق للدعم السكني في حال ادخاره على تمويل يكون إضافة إلى ما ادخره مسبقًا. وهي فكرة مهمة، ومبادرة جريئة، تساعد في ظهور ثقافة اجتماعية جديدة، تعود بالخير على البلد والمواطن.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org