جولة إقليمية في وقت حرج.. زيارات ولي العهد تعيد رسم تحالفات المملكة بالمنطقة

يبحث خلالها مع قادة الدول الثلاث عدداً من القضايا الإقليمية والدولية
ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله-
ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله-
تم النشر في

تتبع المملكة سياسة التشاور الواسع مع شركائها وحلفائها في مختلف القضايا عملاً بمبدأ الاستماع لكل الآراء، و تعزيزاً لهذا النهج ‏‎بدأ صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء، جولة إقليمية أمس بزيارة مصر مروراً بالأردن وتركيا لمدة 3 أيام، والتي يبحث خلالها مع قادة الدول الثلاث عدداً من القضايا الإقليمية والدولية.

أهمية خاصة

تكمن أهمية الزيارة في كونها أول زيارة خارجية لولي العهد بالمنطقة، منذ اندلاع جائحة كورونا العالمية، كما أنها تسبق القمة الهامة التي تستضيفها المملكة بمشاركة خليجية بالإضافة لدول الأردن ومصر والعراق.

وتحوّلت السياسات الدولية خلال الأعوام القليلة الماضية، لرمال متحركة تطيح بها رياح الأهواء والمصالح، ما دفع المملكة للحرص على التشاور الدائم مع الشركاء والأشقاء، وخير دليل على ذلك الدعوة لعقد القمة العربية الأمريكية بالمملكة في 16 يوليو المقبل، وجولة ولي العهد الإقليمية، والتي ستشهد ‏‎مناقشة عدد من القضايا الإقليمية والدولية، وسُبل تعزيز العلاقات في شتى المجالات.

البداية من مصر

العلاقة مع مصر توصف دائماً بأنها تاريخية وإستراتيجية راسخة، إذ يجمع البلدين على مدار عقود مصير مشترك؛ لذا تحرص القيادة في المملكة على توطيد أواصر الود دائماً، والشراكة السعودية المصرية تجسدت بقوة في عدة زيارات قام بها ولي العهد لمصر، والتي شهدت عقد العديد من الاتفاقيات الهامة بين البلدين الشقيقين.

وبدأت الزيارات في إبريل عام 2015؛ إذ أجرى ولي العهد مباحثات مع وزير الدفاع المصري السابق الفريق أول صدقي صبحي. وتكررت الزيارة في يوليو من نفس العام، وشهدت الاتفاق على حزمة من الآليات التنفيذية والتي سميت بإعلان القاهرة، وشملت تطوير التعاون العسكري وتحقيق التكامل الاقتصادي وتعزيز الاستثمارات، وتكثيف التعاون السياسي والثقافي والإعلامي بين البلدين.

وفي ديسمبر من ذات العام، زار الأمير محمد بن سلمان القاهرة مجدداً إذ حضر انطلاق أعمال الاجتماع الثاني لمجلس التنسيق السعودي المصري المشترك، وناقش الجانبان جهود مكافحة الإرهاب والأفكار المتطرفة، والتحالف الإسلامي.

وفي زيارة خادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز، إلى القاهرة عام 2016 كان ولي العهد برفقته حيث شهدت الزيارة توقيع 21 اتفاقية ومذكرة تفاهم بين البلدين أهمها إنشاء منطقة تجارة حرة في سيناء.

وكُللت هذه الزيارة باتفاقية تجارية بين البلدين، حيث اتفق الجانبان على إنشاء صندوق سعودي مصري للاستثمار، بالإضافة إلى اتفاقيات لتنمية شبه جزيرة سيناء، ومذكرة تفاهم بين شركة أرامكو السعودية والشركة العربية لأنابيب البترول.

وفي 2018، جدد ولي العهد زيارة مصر مرة أخرى، في أولى زياراته الخارجية عقب توليه منصب ولي العهد، والتي شهدت توقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التعاون بين البلدين، وتم الإعلان عن تأسيس صندوق استثماري مصري سعودي بقيمة 16 مليار دولار، والتنسيق المشترك فيما يتعلق بمشروع نيوم.

الاتفاقيات السابقة، تبرهن اهتمام ولي العهد بالشراكة مع مصر إذ إنها أبرمت برعايته وفي حضوره، مع دولة تجمعها شراكة إستراتيجية عميقة وممتدة مع المملكة.

زيارة للأردن

ينتقل ولي العهد لوجهته الثانية، وهي المملكة الأردنية في زيارة تستغرق يوماً واحداً، مع دولة يمتد معها التعاون لعقود.

وتجسد اهتمام ولي العهد بالشراكة مع الأردن في عام 2016، إذ استقبل رئيس الوزراء الأردني السابق الدكتور هاني الملقي السابق، في لقاء شهد أحد أوجه الشراكة الوثيقة بين البلدين، إذ أطلق الأمير محمد بن سلمان أعمال مجلس التنسيق السعودي الأردني.

المجلس في اجتماعه اتفق على حزمة من الإجراءات التي من شأنها تعزيز الشراكة، وترسيخ العلاقات ومذكرة تفاهم لإنشاء مشروع استثماري تنموي في العقبة.

الزيارة بالتأكيد، لن تخلو من التنسيق الأمني المتواصل، والتشاور حول عدة قضايا أهمها التهديد النووي الإيراني للمنطقة، وكيفية التصدي له.

التعاون بشأن نيوم

المتابع لمسار العلاقات السعودية المصرية من جهة، والسعودية الأردنية من جهة أخرى، سيجد في الاتفاقيات المبرمة من المملكة مع الطرفين ما يدعم مشروع نيوم، والذي يمتد بين السعودية ومصر والأردن.

ووقعت المملكة في عام 2016، مذكرتي تفاهم مع مصر بإنشاء منطقة تجارة حرة في سيناء واتفاقيات لتنمية شبه جزيرة سيناء بشكل عام، ومع المملكة الأردنية.

كما وقعت المملكة مع سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة لإقامة مشروع استثماري تنموي في العقبة. ويعد هذا هو الرابط بين الدول الثلاثة، وربما الجولة الإقليمية لولي العهد ستشهد تطويراً كبيراً لهذا التعاون بما يخدم مشروع نيوم الرائد.

ترقب تركي

تصبو تركيا لعودة العلاقات السعودية مرة أخرى، كون المملكة دولة صانعة قرار في منطقة ساخنة من العالم، فبعد سنوات من الخلاف أدرك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن السبيل الوحيد للتعامل مع المملكة هو المجيء للرياض والتشاور بشكل مباشر، ليأتي السعودية زائراً في إبريل الماضي، ويقول إن البلدين اتفقا على دفع التعاون الاقتصادي المشترك إلى الأمام.

وهنا قررت المملكة، العمل على تطوير العلاقات من جديد، لتكون أنقرة في الوجهة الثالثة لولي العهد الأمير محمد بن سلمان، في أول زيارة لتركيا منذ عام 2018، ومن المنتظر أن تشهد الزيارة التشاور حول عدد من القضايا، ومناقشة تعزيز التعاون الاقتصادي، حيث تقع تركيا في أزمة اقتصادية، وتعاني من انخفاض متتابع للعملة.

أردوغان من جهته، قال خلال زيارته للمملكة إنه بحث الخطوات المشتركة التي يمكن الإقدام عليها من أجل تطوير العلاقات التركية السعودية، مشيراً إلى الاتفاق على إعادة تفعيل الإمكانات الاقتصادية الكبيرة بين تركيا والسعودية من خلال فعاليات تجمع مستثمري البلدين، معرباً في الوقت نفسه عن دعم تركيا تنظيم معرض إكسبو 2030 الدولي في المملكة.

تصريحات أردوغان في الرياض، تعني وجود اتفاق لعقد اتفاقيات اقتصادية، وتطوير العلاقات مبني على الاحترام المتبادل، بعد سنوات من الخلاف.

جولة ولي العهد ستكتسب زخماً كبيراً لأكثر من سبب، أولها أنها تأتي في وقت حرج من تاريخ المنطقة، إذ تتشابك فيه القضايا، بين أزمة اقتصادية طاحنة تلوح في أفق دول المنطقة تأثراً بالحرب الأوكرانية الروسية، بالإضافة إلى الملف النووي الذي بات هناك حاجة ملحة لحسمه مع أوروبا والولايات المتحدة، بعد أن تأكد العالم من عدم جدوى التفاوض مع طهران، وضرورة التكاتف الدولي لمواجهة خطر امتلاك إيران لسلاح دمار شامل.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org