حجاج بيت الله الحرام يتوافدون إلى مشعر منى لقضاء يوم التروية

مُكثرين من التلبية والتسبيح والتكبير.. في صورة روحانية وإيمانية
حجاج بيت الله الحرام يتوافدون إلى مشعر منى
حجاج بيت الله الحرام يتوافدون إلى مشعر منى

بدأ حجاج بيت الله الحرام بالتوافد صباح اليوم الخميس الثامن من شهر ذي الحجة 1443هـ، على مشعر منى؛ لقضاء يوم التروية تقربًا لله تعالى، راجين منه القبول والمغفرة، متبعين ومقتدين بسنة نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم، مكثرين من التلبية والتسبيح والتكبير؛ في صورة روحانية وإيمانية.

وأفادت الشريعة السمحة بأن قدوم الحجاج المقرنين أو المفردين بإحرامهم إلى منى يوم التروية والمبيت فيها في طريقهم للوقوف بمشعر عرفة، سنة مؤكدة.

ويُحرِم المتمتعون المتحللون من العمرة من أماكنهم سواء داخل مكة أو خارجها؛ حيث يبقى الحجاج بها إلى ما بعد بزوغ شمس التاسع من ذي الحجة، ويتوجهون بعدها للوقوف بعرفة (الوقفة الكبرى)، ثم يعودون إليها بعد "النفرة" من عرفة والمبيت بمزدلفة لقضاء أيام (10- 11- 12- 13)، ورمي الجمرات الثلاث جمرة العقبة والجمرة الوسطى والجمرة الصغرى إلا مَن تعجل؛ وذلك لقوله تعالى: {واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى}.

ويقع مشعر منى بين مكة المكرمة ومشعر مزدلفة، على بُعد سبعة كيلومترات شمال شرق المسجد الحرام، وهو حد من حدود الحرم، تحيطه الجبال من الجهتين الشمالية والجنوبية، ولا يسكن إلا مدة الحج، ويحده من جهة مكة جمرة العقبة، ومن جهة مشعر مزدلفة وادي "محسر".

ويُعد مشعر منى ذا مكانة تاريخية ودينية، به رمى نبي الله إبراهيم عليه السلام الجمار، وذبح فدي إسماعيل عليه السلام، ثم أكد نبي الهدى صلى الله عليه وسلم هذا الفعل في حجة الوداع، وحلق، واستنّ المسلمون بسنته؛ يرمون الجمرات، ويذبحون هديهم، ويحلقون.

ويشتهر المشعر بمعالم تاريخية؛ منها الشواخص الثلاث التي تُرمى، وبه مسجد "الخيف" الذي اشتق اسمه نسبة إلى ما انحدر عن غلظ الجبل وارتفع عن مسيل الماء، والواقع على السفح الجنوبي من جبل منى، وقريبًا من الجمرة الصغرى، وقد صلى فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- والأنبياء من قبله؛ فعن يزيد بن الأسود قال: (شهدت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- حجته فصليت معه صلاة الصبح في مسجد الخيف)، وما زال قائمًا حتى الآن، ولأهميته تمت توسعته وعمارته في عام 1407هـ.

ومن الأحداث التاريخية الشهيرة التي وقعت في منى؛ بيعتا العقبة الأولى والثانية، ففي السنة 12 من الهجرة كانت الأولى بمبايعة 12 رجلًا من الأوس والخزرج لرسول الله صلى الله عليه وسلم، تلتها الثانية في حج العام الـ13 من الهجرة وبايعه فيها عليه السلام 73 رجلًا وامرأتان من أهل المدينة المنورة في الموقع نفسه، الذي يقع من الشمال الشرقي لجمرة العقبة؛ حيث بنى الخليفة العباسي أبي جعفر المنصور مسجد البيعة في عام 144هـ، الواقع بأسفل جبل "ثبير" قريبًا من شعب بيعة العقبة، إحياءً لهذه الذكرى التي عاهد حينها الأنصار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على مؤازرته ونصرته وهجرته والمهاجرين إلى لمدينة المنورة.

كما نزلت بها سورة "المرسلات"؛ لما رواه البخاري عن عبدالله -رضي الله عنه- قال: (بينما نحن مع النبي صلى الله عليه وسلم في غار بمنى؛ إذ نزل عليه "والمرسلات"، وإنه ليتلوها وإني لَأتلقاها من فيه، وإن فاه لرطب بها".

وجاء اهتمام حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- بمشعر منى؛ استشعارًا منها للفترة الزمنية التي يقضيها الحجاج في منى، وإيمانًا من القيادة الرشيدة -أيدها الله- بحجم المتطلبات التي تضمن راحة ضيوف الرحمن خلال فترة أداء مناسكهم.

ووفّرت القيادة الرشيدة -رعاها الله- الخدمات الأمنية والطبية والتموينية ووسائل النقل للتسهيل على قاصدي بيت الله الحرام حجهم وأداء مناسكهم بروحانية وطمأنينة؛ مؤكدةً على الجهات الحكومية والخدمية أهمية السعي على تنفيذ كل ما من شأنه إنجاح مهامها في موسم الحج.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org