حرية التعبير.. و"المطنوخ" الصيني!

حرية التعبير.. و"المطنوخ" الصيني!

الشهر الماضي قابلتُ فيلسوفًا صينيًّا "مطنوخًا"، اسمه عصيٌّ على الحفظ والاستذكار؛ لذلك سميته "المطنوخ"، يعاني إعاقة؛ جعلته حبيس الكرسي المتحرك. بعد الدردشة والتعارف تحدثنا عن حرية التعبير، وكيفية استقاء الشعوب المعلومات الرسمية المهمة في تشكيل مصير حياتهم اليومية. "المطنوخ" الصيني متذمر جدًّا من طريقة وأسلوب حصول الشعب الصيني على المعلومات الرسمية؛ إذ يرى أن إعلام بلاده يسخن الطبول ساعة، ويطبل بها للقرارات الحكومية عشر ساعات. وبين المسخن والمطبل تزدحم المسافة بالمصفقين والملحنين والشعراء والكتّاب والفنانين والراقصين.. ومع دقات الطبول يتم تمجيد وتضخيم وتبجيل شخصيات وكيانات وقرارات، حتى أصبحنا ـ على حد تعبيره ـ لا نعرف "الصح من الخطأ"، وإلى أين مسارنا ومآلنا! ويسترسل صاحبنا الفيلسوف "المطنوخ" بأن الشباب الصيني لا يثق بالمعلومات التي يقدمها إعلام بلاده الرسمي؛ لذا يتتبع الصحف الدولية ومراكز الدراسات والأبحاث الغربية، ويحاول ترويج ما تكتبه هذه المنابر الإعلامية حول ملفات بلاده الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، خاصة ملف الفساد وسرقة المال العام. تحمس للحديث صاحبنا "المطنوخ"، و"ولّع سيجارة" ونحن في مطار دولي يمنع التدخين. وعلى الفور تم رصده، وتقييد مخالفة عليه من إدارة المطار، وبعد أن دفع المخالفة قال والابتسامة تعلو محياه: "ما أجمل النظام عندما يسرى على الكل". وأردف: "في بلادي النظام انتقائي، يمنح المتعافي القريب للسلطة الامتيازات، ويحرمني كمعاق من حقوقي".
سكتَ دقيقةً، ثم قال: كيف الوضع عندكم في السعودية من حيث حرية التعبير، وتفاعل الإعلام مع القرارات والملفات الساخنة؟ قلتُ: أخاف أن أتحدث إليك وتتحمس وتحرق ما تبقى من سجائرك مرة واحدة، ولا داعي أن تربك ميزانيتك الخاصة في دفع مخالفات لمطار دولي.
اعتذرتُ له، وذهبتُ إلى بوابة المغادرة للحاق برحلتي السعيدة.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org