زيارة الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، للقاهرة ليست مجرد حضور روتيني، إنما حلقة جديدة في سلسلة زيارات تاريخية، خلَّدها المصريون بطريقتهم الخاصة.
يعتز المصريون كثيرًا بعلاقتهم المتميزة مع السعودية، وحرص الزعماء المصريون المتعاقبون على تخليد ذكرى ملوك الدولة السعودية عبر إطلاق أسمائهم على الشوارع والمنشآت الكبرى.
في إبريل عام 2016 تم إطلاق جامعة الملك سلمان عبدالعزيز لتكون صرحًا تعليميًّا في مصر، وقد اكتسبت أهميتها من اسم خادم الحرمين الشريفين، كجامعة ذكية ورائدة.
التسمية جاءت ضمن توقيع اتفاقيات لتنمية شبه جزيرة سيناء خلال زيارة خادم الحرمين لمصر، وكان من بينها جامعة الملك سلمان الدولية، وموَّل إنشاءها الصندوق السعودي للتنمية؛ إذ قدم دعمًا يتخطى 1.4 مليار ريال سعودي، من خلاله جرى تنفيذ إنشاءات المباني والملاعب والمناطق الترفيهية، وأماكن إقامة الطلاب وأعضاء هيئة التدريس، وأعمال البنية التحتية لثلاثة مواقع في مدن شرم الشيخ والطور ورأس سدر.
جامعة الملك سلمان بن العزيز تهدف لتأهيل وتخريج كوادر بشرية في مختلف مجالات العلوم الأساسية والإنسانية على مستوى البكالوريوس والماجستير والدكتوراه، والعمل على نشر الوعي في جميع مجالات العلوم التطبيقية والإنسانية، وجذب الكفاءات العالمية لتوطين ونقل التكنولوجيا لإنتاج بحوث تؤهل للريادة العلمية.
في منطقة المنيل الراقية المطلة على نهر النيل يقع شارع يحمل اسم مؤسس الدولة السعودية الملك عبدالعزيز آل سعود، وهو شارع له تاريخ طويل، يعود للحقبة الملكية المصرية.
وارتبطت تسمية الشارع بزيارة سعودية تاريخية أيضًا، تعود لحضور الملك المؤسس -رحمه الله- الاجتماع التأسيسي لجامعة الدول العربية، الذي انعقد في قصر المانسترلي باشا الواقع في نهاية هذا الشارع الذي حمل اسم الملك عبدالعزيز آل سعود منذ ذلك الحين.
كان لمحافظة الإسكندرية شمالي مصر أيضًا نصيب من أسماء الملوك السعوديين؛ إذ أُطلق اسم الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود في يناير 2015 على أكبر الشوارع الرئيسية في المدينة بمنطقة العصافرة.
وجاءت التسمية بقرار من محافظ الإسكندرية تخليدًا لذكرى الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله-؛ إذ يعد الشارع الأكبر بتلك المنطقة من المدينة اعترافًا بأعماله الجليلة من أجل سلامة واستقرار الدول العربية والإسلامية، والحفاظ على ترابطها ووحدتها.
وخلَّد المصريون اسم الملك فيصل بن عبدالعزيز -رحمه الله- بإطلاق اسمه على أحد أهم الشوارع، الذي يوجد في محافظة الجيزة المجاورة للعاصمة المصرية القاهرة. ويرجع سبب التسمية للمواقف المشرفة للملك فيصل الذي استخدم النفط سلاحًا استراتيجيًّا ضد المعتدين على مصر.
ويحوي موقف الملك فيصل بن عبدالعزيز تجاه للقاهرة تفاصيل كثيرة؛ إذ إن دعمه لمصر في حربها جاء بعد حرب 1967، التي فقدت فيها مصر شبه جزيرة سيناء.
وجاء الدعم السعودي للقاهرة مبكرًا؛ إذ وجَّه الملك فيصل بن عبدالعزيز نداء لكل ملوك ورؤساء العرب، داعيًا إياهم لضرورة تقديم أشكال الدعم كافة لنصرة مصر.
السعودية في عهد الملك فيصل بن العزيز تولت قيادة المعارك السياسية والدبلوماسية والاقتصادية لدعم المجهود الحربي العربي من أجل استعادة الأرض المسلوبة.
وكان الملك فيصل شريكًا رئيسيًّا في انتصار مصر بحرب أكتوبر/ رمضان 1973 أمام جيش الاحتلال الإسرائيلي؛ إذ قطع إمدادات النفط عن الدول التي دعمت إسرائيل في ذلك الوقت.
وخلدت مصر اسم المغفور له الملك فيصل بن عبدالعزيز بإطلاق اسمه على أحد أهم شوارعها وأكبرها تعبيرًا عن حجم حبهم وتقديرهم لما قدَّمه لبلادهم.
الأسماء السعودية ليست في شوارع عدة فقط، إنما في الكثير من الأحياء الكبيرة؛ ففي حي مصر الجديدة ستجد ميدان الحجاز الشهير، وشارعه الممتد الذي يحمل الاسم ذاته، وفي حي المعادي ستجد شارع الرياض، إضافة إلى شوارع تحمل اسم جدة والمدينة المنورة ومكة المكرمة وشارع الحجاز في كل مدينة كبرى، بل وصل إلى أن بعض القرى تحمل اسم الرياض.
يكاد لا تخلو مدينة كبرى في مصر من أحد الأسماء السعودية؛ ربما هذا يرجع لسبب واحد، هو أن المصريين يعتبرون السعودية بلدهم، وأن مصيرهم مرهون بهذا البلد الذي تعلقوا به على امتداد تاريخه.